رَزَايَا يومِ عَاشُور
السيّد هاشم الموسوي
واللهِ مَا هزَّتِ التَّاريخَ فاجعةٌ
ولا جَرَتْ فيهِ بالأرزاءِ واقِعةٌ
ولم تكنْ للأسى في الأرضِ جَامعةٌ
ولا بَصَرْتُ ولا أُذنَيَّ سَامِعةٌ
رَزِيَّةً كرَزايا يومِ عَاشورِ
####
إذْ كانَ نورُ الهدى في التربِ مُنْعفِرًا
وَخَدُهُ من لَهِيبِ الشَّمسِ مُنْصَهِرًا
فِسطَاطُهُ بِلَظَى الأعداءِ مُستَعرًا
يَومٌ حَدَى في بني الزَّهراءِ مُزدَجِرًا
حَادي المنايا بترويحٍ وتبكيرِ
####
وقبضةٌ من دَمِ الطفلِ التي رُفِعَتْ
إلى السَّماءِ وما من قَطرةٍ رَجَعَتْ
ملائكُ اللهِ من مَأسَاتِهِ فُجِعَتْ
يَومٌ بِهِ ثُلَّ عَرشُ اللهِ وانصَدَعَتْ
من عَالمِ القُدْسِ أفلاكُ التَّداويرِ
####
كانت دِماهُ على البَوغَاءِ سَائلةً
ملقًى عليهِ تدورُ الخيلُ جَائِلةً
وأصبحت شَفةُ الظمآنِ ذَابلةً
يَومٌ بِهِ أضحتِ الزَّهراءُ ثَاكلةً
بشوقِ قَلبٍ بنارِ الحُزنِ مَسعُورِ
####
مُصابُهُ شَبَّ في أحشَائِنا لَهَبًا
إنَّ السما زُلْزِلَتْ من رزئِهِ غَضَبًا
أيُذبحُ السبطُ بعدَ المُصطَفى، عَجَبًا
يَومٌ بِهِ أصبحَ الإسلامُ مكتئبًا
وقد أُصيبَ بجرحٍ غيرِ مسبُورِ
####
ماذا أقولُ؟ وماذا قد تخطُّ يدي؟
ونَارُ فسطاطِهِ قد أحرَقَتْ كَبِدِي
أبكيهِ من لوعتي بالدَّمعِ للأبدِ
لو أنَّ في كلِّ عُضوٍ من قِوى جَسَدِي
عَينٌ تَصبٌّ لمَا جاوزتُ تَقصِيري
####
تقدَّمَ السبطُ لمَّا لم يَجدْ سندًا
ولا معينًا بهِ يَقوَى ولا عَضُدًا
يقاومُ الظُلمَ والأشرَارَ منفردًا
أضحى يَحثُّ السُّرى والسيرَ مُجْتهدًا
لأمرِ عُرفٍ وَنَهيٍ عَن مَناكيرِ
####
وهم ألوفٌ أعدَّ الجَورُ جندَهُمُ
بالنحرِ والصدرِ خيرُ الخلقِ صَدَّهُمُ
وبالدماءِ ونزفِ الجُرحِ ردَّهُمُ
وظلَ سبطُ رسولِ اللهِ بعدَهُمُ
يلقَى الجيوشَ، بقلبٍ غيرِ مذعورِ