ألقيت في أمسية(هم مخلدون) التي نظمتها موسوعة شعراء أهل البيت (ع) في مأتم سماهيج الكبير.
أيُّ دِمٍ في كربلا أهدروا؟= وأيُّ جسمٍ في الثرى عفَّروا ؟
عارٍ، وعارٌ يا شرارَ الورى= أينَ الرِدا والثوبُ والمئزرُ؟
والحجرُ الملعونُ يُلقى على= جبهتِهِ، فيُجرَحُ الأطهرُ
وأيُّ خدٍّ كانَ من بغيكُمْ= على صفيحٍ لاهبٍ يُصْهرُ
وكفُّهُ ليس يُرى كاملاً= بأيِّ ذنبٍ يُقطعُ الخنصرُ
والدَمُ قد سالَ على شيبةٍ= كريمةٍ، خضَّبَها المنحرُ
والرأسُ فوقَ الرمحِ داروا بهِ= والكلُّ في شماتةٍ يَنظرُ
والخيلُ قدْ داستْ عليهِ فلمْ= تذرْ من العِظامِ ما يُكسرُ
والسهمُ ما استقرَّ في قلبِهِ= بل قلبُهُ لسهمهمْ معبرُ
إنَّ كنتَ لا تدري فسلْ جانباً= وسلْ يُجبْكَ الجانبُ الآخرُ
في صدرِهِ يدخلُ من ظهرِهِ= يُستخرجُ المثلثُ الغادرُ
بكى لهُ آدمُ في مأتمٍ= ونَوْحُ نوحٍ بالشجى ظاهرُ
دمعُ الخليلِ قد جرى حسرةً= عليهِ والكليمُ يَستعبرُ
ثم المسيحُ في السموات قدْ= رثاهُ، إذ مصابُهُ الأكبرُ
أما محمدٌ فيبكي إذا= رأى حسيناً ساقطاً يَعثرُ
مهرولاً ينزلُ من منبرٍ= إن سقط الحسينُ، ما المنبر؟
فكيفَ لو رآهُ في كربلا= حاصرهُ جيشُ العِدا الجائرُ
ولو رأتْهُ فاطمٌ أجهشتْ= بصرخةٍ تحفظُها الأدهرُ
وهذه الصرخةُ لو أُطلقتْ= لماجَ من أصدائها المحشرُ
قميصُهُ ملطخٌ بالدِما= ومن يديها دَمُهُ يَقطِرُ
يا ربِّ خذ حقي من الأشقيا= ممن طغوا في الأرضِ واستكبروا
وحيدرُ الذي رأى بابَها= يُحرقُ ، والنارُ به تُسْعرُ
هل يا تُرى رأى هُنا زينباً= خيمتُها محروقةٌ، تؤسرُ؟
وهل درى حمزةُ في قبرِهِ= وهل درى في مؤتةٍ جعفرُ
بأنَّ آلَ أحمدٍ أدخلوا= على يزيدٍ، وهو مستكبرُ؟
هذا شبيرٌ خرَّ من مهرِهِ= فهل درى عن أمرِهِ شبَّرُ؟
قدْ أُمِّر الأشرارُ ثم اعتلوا= منبرَ طه عندما أُمِّروا
وأخروا أهل الكساءِ الألى= في سورةِ الأحزابِ قد طُهِّروا
وهمْ ذوو القربى، فهل ودُّهم= يا أمَّةَ الإجرامِ أن يُنحروا؟
"أُوصيكمُ بالآل خيراً"، فهل= أوصاكمْ الرسولُ أن تبطروا؟
والله أوصى في كتاب السما= أن يُهدمَ المسجدُ أم يُعمرُ؟
مساجدُ اللهِ التي هدِّمتْ= ذنبٌ، وهذا الذنبُ لا يُغفرُ
فمن تحاربون يا ويلكم؟= والله فوق خلقه القاهرُ
مُلاعِبُ القرودِ هذا الذي= يغرقُ في خمورِهِ يسكرُ
وقاتلُ النَّفسِ التي حُرِّمتْ= والشجرُ الخبيثُ والمنكرُ
لا بايعتْ يدي يداً قد جَنَتْ= كانتْ يدَ الشيطانِ إذ يمكرُ
خطَّيتَ نهجاً سيدي والهدى= سحائبٌ من كربلا تَمْطِرُ
قائدُنا أنتَ وأسيادُنا= عبَّاسُ والقاسمُ والأكبرُ
وكلُّ أرضٍ كربلا سيدي= وكلُّ يومٍ قد أتى العاشرُ
وزينبٌ دَمعتُها أنبتتْ= أشجارَ عشقٍ للورى تُثمرُ
وأسسَّ السَّجادُ أركانَنا= ثمَّ بنى مأتَمنا الباقرُ
وبيَّنَ الصادقُ من فضلِكمْ= جواهراً يحظى بها الزائرُ
والكاظمُ الملقى بطامورةٍ= يبكيكمُ ودمعُهُ يُهْمرُ
ودعبلٌ يرثيكمُ والرضا= في عالمٍ من الأسى طائرُ
ثمَّ الجوادُ جادَ بالدمعِ في = مصابِكمْ، وذكرُكم نيِّرُ
ثمَّ روى الهاديْ النقيُّ لنا= زيارةً جامعةً تُؤثرُ
والعسكريُّ سيدي لم يزلْ= في حزنِهِ وصوتُهُ هادرُ
لبيك يا حسينُ أرواحُنا= رخيصةٌ، وشعبُنا ثائرُ
والحجَّةُ القائمُ يبكي دماُ = ما فارقَ الذاكرةَ المنظرُ
طفلٌ رضيعٌ قد سقاهُ العِدا= سهمَ الردا وبعدها كبَّروا
فيا لثاراتِ الحسين التي= العدلُ في راياتِها محورُ
أطلقْ نداءَ الحقِّ يا سيدي= فنحنُ بالظهورِ نستبشرُ