قد أظلَمَ الليلُ والآهات تلتهبُ=والجرحُ دامٍ ودمعُ العينِ ينسكبُ
وبينما كنتُ في المأساةِ منغمراً=أتت إلى جهتي تدنو و تقتربُ
جاءتْ تسائِلني عن قصتي فأنا= من عالم الذَّر ِّ مظلومٌ ومحتسبُ
والدمعُ في رَحْمِ أمي قد جرى فأنا=في عالم الرحمِ بكَّاءٌ ومنتحبُ
أتتْ تكلمني عنْ حبِّ عاشقةٍ=فقلتُ ما الحب ؟ما العشاقُ ؟ما الطربُ ؟
فقالتْ اشرب كؤوسَ الحبِّ هانئةً=دِيرتْ كؤوسٌ ومنها الناسُ قد شربوا
فاغرقْ كما غرقوا واسهرْ كما سهروا=وأهنأ كما هنأوا والعبْ كما لعبوا
فقلتُ إني غريقٌ في بحور أسىً=قد طال ليلي وما الإصباح يقتربُ
فالليلُ أتعبني والصبحُ طلَّقني=والجرحُ ألَّمني و ابتاعني النصبُ
ما كنتُ أبرأ من دائي ومن وَجَعي=والنارُ توقدُها الأحقادُ والحطبُ
وفي خيام ِعليِّ المرتضى شجنٌ=حيثُ الحسينُ على الرمضاءِ يضطربُ
صواعقُ الحزنِ والآلام ِ صُبتْ على=آلِ النبي ِّ وقدْ حاطتْهم الكُرَبُ
وشَعْشَعَ النورُ من رأسِ الحسينِ على=تلكَ القناةِ وقلبُ العرشِ مكتئبُ
وَعَشْعَشَ الحزنُ في قلبي وفي أفقي=من المصابِ فهذا القلبُ ينتحبُ
يتيمةٌ صرختْ من شجوِها وبَكَتْ=وحينما ندبتْ في الطَفِّ مَنْ ذَهبوا
جاءَ اللئيمُ لها بالسوطِ روَّعها=وهو الذي يَدُهُ بالدمِّ تختضبُ
ماذا أقولُ وقد قلتُ الذي نزفت=له القلوبُ وهبَّ الثارُ والغضبُ
لو لم يكونوا بسبط المصطفى فعلوا=كلَّ الذي فعلوا ما ذُلت العربُ