بلبلُ أحزانيَ غرَّدا
وكانَ في العرشِ له صدى
يبكي وقد فاضتْ عيونُهُ
والحزنُ فيهِ قد توقَّدا
أراهُ في الدموعِ غارقاً
يا منقذَ الغرقى من الردى
خفِّفْ عليه الحزنَ إنَّهُ
يكادُ أن يكونَ خامدا
أراهُ لا يضحكُ لحظةً
وكانَ حزنُهُ مُخلَّدا
ما عرفَ السرورَ قلبُهُ
و الهمُّ في عينيهِ قد بدا
أراهُ يمشي ثمَّ ينحني
وصارَ بالآهاتِ مقعدا
ينوحُ في الليلِ بأنَّةٍ
وإنَّةِ المفجوعِ إن غدا
فقلتُ: يا بلبلَ أحزاني
وُلِدتَ والحزنُ توَّلدا
وعشتما في كلِّ لحظةٍ
وسال دمعُكُمْ مؤبَّدا
لن تخلغ السوادَ برهةً
حيث بدا التاريخُ أسودا
يا أمَّةً شرَّفها الباري
حينَ اصطفى لها محمدا
هل أُعطيَ الرسولُ حقَّهُ؟
والأجرُ حبُّ عترةِ الهدى
هل رضيتْ أمُّ أبيها عن
مَنْ منعَ الحقَّ وحشَّدا
شهادةُ الزهراءِ ردُّوها
وضاعَ حقُّ زوجِها سدى
وردَّوا السبطينِ بعدها
هما لكلِّ الناسِ مقتدى
هما يُطاعانِ إذا قاما
هما يطاعانِ إن قعدا
قد جعل الرسولُ سبطَهُ
في جنةِ الخلودِ سيِّدا
هل سيد الجنَّةِ كاذبٌ؟
يا مَنْ رفضتموهُ شاهدا
… وابتدأتْ مُذْ ذاكَ نكسةٌ
لا زالَ في العُمقِ لها صدى
قدْ قدَّموا البَعيدَ والذي
تريدُهُ السماءُ أُبْعِدا
حتى إذا تمكًّنَ الهوى
وضلًّ مجرمٌ وأفسدا
صارَ يزيدٌ حاكمَ الورى
وعاثَ في الأرضِ وعربدا
ماذا دهى الأمَّةَ إذ ترى
القردَ فيها صار قائدا
والأطهرونَ كلُّ واحدٍ
منهمْ أُبيدَ أو تشَّردا
سلْ فاطماً كم ولدٍ لها
في الشرق والغربِ توسَّدا
وكلُّ واحدٍ مقدَّسٌ
وكلُّ قبرٍ صارَ مشهدا
حيث ترى الزوارَ حولَهُ
تخرُّ للإلهِ سُجَّدا
لكنْ إذا أتوا لطيبةٍ
فهل تُرى يرونَ مرقدا
لفاطمٍ أم أنَّ قبرَها
أخفيَ في الليلِ وما بدا؟