الأربعون هكذا
ديوان الحزن المعشوق - غازي الحداد البحراني
الأربعونَ هكذا مواردٌ على الردى=زواركُم ثواركُم أرواحُهُم لها الفدى
واحسيناه حُسين واحُسيناه حُسين=واحسيناه حُسين واحُسيناه حُسين
دِمائنا بِكربلاء مِنَ السَماءِ ماطِرة=نُحيي بها ضَمائراً قد دُرِسَت مِن الورى
تُهيجنا كُفوفُ عباسٍ إمامُ الثائِرة=على الفُراتِ اِقتحمت لها الكُماةِ قَنطرة
رُغمَ الدِماءِ والضما قد كان سيفا صارِما=وكان يقوى كُلما سهمٌ بأحشاهُ ارتمى
ولم يفُلَ عزمهُ ولم يردَ القهقرة=تخالُ أعداهُ لهُ عُمرا وكان القسورة
وكان أوفى بطلٍ إذِ الجموعُ غادِرة=وكان أحلى قمرٍ تراهُ عين الساهِرة
فما هوى فوق الثرى إلا على جنبِ الوفا=واكتظ تاريخ الفدا بما أتاهُ واكتفى
بدرٌ عليهِ مُشرقٌ ما آلَ ما الليلُ صفى=حقٌ إلى ابن المصطفى يقضى عليهِ أسفا
بصيرةٌ ما حُجبت رغمَ الجُرحِ الفائضة=واذرعٌ قد سقطت على اللواءِ قابضة
وغُلةٌ عن السِقاء رُدت بنفسٍ رائِضة=تقولُ من بعد الحُسي نِ لا بقيتِ نابِضة
من مُضرٍ صفائُها من هاشِمٍ وفائُها=محمديٌ طبعُها وحيدريٌ نشأُها
ما طرقَ السمعُ أو جد الزمانُ أو غدا=يومٌ كيومِ كربلاء أو مثلُ عباسٍ وفا
بالولاءِ والفِداءِ=للشهيدِ حُسين واحسيناه حُسين
ولائُكم يا سيدي كُلُ الأذى كُلُ الهنا=والموتُ في روضِتكم يا سيدي كُلَ المُنا
يا إن سقى إرهابُ أعداكمُ علينا وجنا=حتى تنادينا لهمُ يا ليتَ من مات أنا
على تُرابِ كربلا فالموتُ مِعراجُ العُلا=مَنَّ القلوبِ والطِلا فداً إلى خيرِ الورى
ما نَقِموا إلا على هوىً حوى قُلوبنا=وغاضهم أنّا بقينا وانتهى عدونا
و احقنوا أن أخذ الله إلينا ثأرنا=وصَدَّق اللهُ نُبُؤاتِ الشهيدِ صدرُنا
قد أخرجوا إمامُهم مقيدا كالقُنفذِ=أذل من بعوضةٍ بلحيةٍ كالمِبردِ
بادٍ عليهِ فِعلهُ بوجههِ المُسَودِ=هذا إمامٌ نافعٌ إلى فصيلِ القِردِ
كانما جاء به مالكُ من حر اللظى=لكي يسوقَ للورى من الجحيمِ الموعظة
والصدرُ يزدادُ سناه من بينِ أنيابِ الفنا=كجدهِ غصَّ به الموت وأزرى بالخنى
يزهو على أُحدوثةِ الغدرِ بنورِ المُرتضى=ما غرهُ تجديفهم هذا إمام الرافضة
من علوٍ لسموٍ=كالشهيدِ حُسين واحسيناه حُسين
رِسالةٌ يقرأها بالدمِ كُلُ العالمين=تفجرت بكربلاء بلحمِ زوارُ الحُسين
تقولُ إن القوم لا زالوا علينا حاقِدين=ولا يزالونَ إلى أبي الحُسينِ مُبغضين
الحِقدُ فيهم قد علا ويوم عاشورا أنجلى=قنابلاً في كربلا تُبدي لكم من هؤلاء
هُمُ هُمُ بيومِ صِفينَ جُيوشُ المارِقين=هُمُ الذين مُلئوا غُلاً فكانوا الناصبين
ويَحسبونَ إنهم جائوا فِعال المُحسنين=ما غيرهم مُوائِمٌ إلا صِفاتَ الأخسرين
قد أنزلوا رب السماء فوق حِمارِ البركة=وسيروهُ ماشيا صفا مع الملائِكة
ثُم أدعوا بأننا الرافِضون المُشركة=لأننا لم نرتضي خِلافةً مُفبركة
قُلوبهم قاسيةٌ كجلمدِ الصخرِ بدت=من يومِ ضربِ فاطِمٍ ليومنا ما رَحِمت
هُمُ الذين انتهكوا قُدسَ بيوتٍ رُفعت=صَحَ سليمٌ قولهُ فالقومُ حقا هجمت
ظلوا على طول المدى لنا جُفاةٌ وعُدى=خلفٌ على أسلافِهم هذا لهذا مُقتدى
اللهُ يا يوم الخميسِ يومُكم أم يومنا=يهجِرُ قولُ شيخكُم بالمصطفى أم شيخُنا
أي قولٍ بعد قتلٍ=للشهيدِ حُسين واحُسيناه حُسين
مهما أسال حقدكم بكربلاء منا دِماء=عن روضةِ الحُسينِ سبط المُصطفى لن نُحجما
فكم أطاحَ قبلكُم مِنا العِدى جماجِما=وقطعوا أكُفنا وشردونا بالضما
فسَلهُمُ هل أنجزوا ؟ ما قصدوا أم عَجِزوا ؟=أو تسمعن ما ركزوا ؟ أم للجحيمِ أُوكِزوا ؟
وقد بقت قوافِلُ الحُسينِ تترى قُدُما=مواكِبا خَفاقةَ الأعلامِ تكوي الظالِما
أم لم ترى ما حلَ بالعِجلِ المُسمى صادِما=أما تصدى للعزى كمن دنى ومن سنا
هذا الشِعارُ خالدٌ وابنَ تِكريتٍ فنا=يشبهُ في قيودهِ خنزيرَ عَضَّ الأرصُنا
يُقيأُ النفس من القُبح ويغضي الأعيُنا=من لم يرى الشيطان فل ينظِرهُ مُستهجِنا
فمن يكُن مُعتبرا من الطُغاةِ فليرى=من كان قبل سنةٍ يحيا أمير الأُمرا
وكان سُلطانِ الخليجِ والشيوخُ تُكبره=إذا مشى تمشي المُلوكُ خاضعينَ للورى
فهل بقى لهُ الزمان ؟ أم راحَ في أخبارِ كان ؟=يداهُ من قصورهِ والوِلدُ أضحت مُسفرة
فهذه موعظةٌ إلى القُلوبِ المُبصرة=فليأخذُ الطاغي من الحاكِمِ منها حذرا
فالوجودُ والخُلودُ=للشهيدِ حُسين واحسيناه حُسين
الأربعون خاطفٌ من فوقهِ رأسً الهُدى=بحمرةٍ يبدوا على ركبِ السماءِ موَّردا
يشهَدُ أَنا أُمةٌ إجرامُها جازَ المدى=يشهدُ أَنا أُمةٌ قد خاصمت مُحمدا
وكم أعانت ظالِما وكم أبادت عالِما=قد ذاق منها ألما يوم أهانت فاطِما
فشيخُهم بدارها نارا عليها أوقدا=مُعلنةً أن علياً لا يكون القائدا
وكل من والهُ أضحى رافضيا مُفسدا=وحقهُ بأرضهِ يُعطى دخيلا وافِدا
لانهُ غير سقي في الهوى يهوى الأُولى=قد طهروا من السماء وقُتلوا بكربلا
أعطاهُمُ ودادهُ أعطاهمُ حق الولا=هُمُ الولاةٌ للمل وك الظالمين العُملا
فصارَ مهتوك الحِمى إلى الطُغاةِ مجرأُ=وصار مسفوكَ الدماء بهِ السيوفُ تبدأُ
وصار منبوذ الحجاز برأيهِ يُستهزءُ=وصارَ مطرود الورى منهُ الزمانُ يبرأُ
من يومِ كسرِ الأَضلعِ ضريبةَ التشيعِ=ألا تقرَ ساكِنا من الأذى أو تلجأُ
ما عرف الشيعيُ في تاريخه يوما حلا=من يومِ أن قال إلى سقيفةِ الأقوامِ لا
بجزوعٍ ودموعٍ=للشهيدِ حُسين واحسيناه حُسين
واترحاً من ما بدا لصدرنا واترحاه=أبالعلومِ الفيلسوفِ ذي الفتاوى الواضحة
بدا بأن جِسمهُ مقطعا مُجرحا=كجدهِ من القفا ضامِ الحشى قد ذُبحا
قد أخرجوهُ عصبةٌ بربها مؤمنةٌ=و انكشفت فاجعةٌ أوداجهُ مقطوعةٌ
شاخبةً ورأسُهُ بدا قطيعا طائِحا=بكفِ من جهزهُ بالكفنِ ترنحا
وكلكُم يعرفُ ان الشمرَ كان الذابِحا=وكان كُلَ العربِ يصفقونَ فرحا
هيا أفرحوا وهللوا على السباءِ والرؤوس=قولوا حسينا خارجٌ والشيعةُ همُ المجوس
وأزهقوا ما شئتمُ بحكمكم من النُفوس=حتى تلاقوا يومَكُم بهبهبٍ يوما عبوس
فلن تفيقوا أبداً إلا بظُلماتِ القُبور=فحينها ستعلمون حيدراً حقاً ونور
وانكُم كُنتم تعي شون بلهوٍ وغرور=وتحسبونَ أنكم الفائزون بالنشور
مقولةً من النبي لا يبغض المولى علي=إلا أبن حيضٍ أو زِنا لم يكو بالأصلِ طهور
أُميةٌ قد جعلتكم لعبةٌ لكيدها=فقد نجونا بالولاء وكُنتمُ من صيدها
فدعتكُم فأستجبتم=لقتالِ الحُسين واحسيناه حُسين
الأربعون شجنٌ ومدمعٌ ينهمرُ=على ضحايا بثلاثٍ بالثرى ما قبروا
على ضلوعٍ للشهيدٍ بالخيولِ كُسروا=على حَصَانٍ هُتكوا وفوقَ هُزلٍ يُسروا
بالشامِ حتى أنتحلوا بالرزءِ لما وصلوا=حيثُ يزيدٍ ماثلُ من فوقِ تختٍ مائلُ
وتحتهُ طستٌ بهِ رأسِ الحُسينِ يزهروا=ينشدُ يا ليت شيوخي يوم بدرٍ حضروا
مُنتفخا بكفهِ من اللُجينِ مِخصرُ=يهوي على ثغرِ الحُسينِ للثنايا يكسرُ
وزينبٌ تنظرهُ وهي تضجُ بالنحيب=تدعوه تدري ثغر من ؟ تنكثُ ضربا بالقضيب
هذا فؤادُ فاطمٍ وبدرُها عند المغيب=في ثغرهِ للمصطفى روحٌ وريحانٌ وطيب
فما اغتشى إبن أبي سفيانُ بالعواتبِ=ولا لوجدِ القلب من عقيلة الطوالبِ
ولا لأناة السبايا بالحبالِ المُتعبِ=ولا لصيحاتِ استِغ اثاتٍ تصيحُ بالنبي
بل راح يُسكبُ الشراب على الهُدى سبط الكتاب=زاهٍ على ثُمالهِ مستغرقا في طربِ
أليس في تاريخكم هذا أميرُ المؤمنين ؟=حتى ولو إجرامهُ طال بنات المرسلين ؟
وتعدى وتصدى=لقتالِ الحُسين واحسيناه حسين
يا طائِفا على الحبيبِ والسناءُ يشرقُ=منه إذا حما الحيا مثل السماءِ يبرقُ
تجلدوا لو هالكُم من الدما علائقُ=فهو ذبيحٌ ضامئٌ فؤادهُ مُمزقُ
رُفقا على أنينهِ عطفا على جنينهِ=فهو على يمينهِ معفرٌ بطينهِ
تحذروا ان تثقلوا بخطوكم او تخفقوا=فالطفلُ في صدرِ الحُسينِ بالسُباتِ غارقُ
لا رأس فيهِ ما معاً من النحورِ ترمقُ=جراحهُ ما سكنت فما تزال تدفقُ
في هيبة راهبةٍ بالعرشِ أملاكَ السما=مُعتنقين من شدي د الولهِ بعضاهما
نحراهُما إلى الثرى وذابلين بالضما=بالقبرِ حتى الصخر من حالِهما تألما
يا أُمةً ما أوقفت عن الرضيعِ حقدها=أي بريءٍ توقفين ال حقدَ عنهُ بعدها
لا قال لا قيل لذا بل بيقينٍ أُبدها=لا شيء عن تلويع بن ت المصطفى يردُها
رأسُ الرضيعِ شاهدٌ على القناةِ صاعدٌ=يشهدُ ان القوم لا رحمةَ أنسٍ عندها
قد هجموا على الخِيام واستباحوا خدرها=ما احترموا مقام من فيها ولا من جدُها
أيُ قبحٍ بعد ذبحٍ=للشهيدِ حُسين واحُسيناه حُسين