مدارس آيات خلت من تلاوة
دعبل بن علي الخزاعي
تجاوبن بالارنان والزفراتِ=نوائح عجم اللفظ والنطقاتِ
يخبرن الانفاس عن سر أنفس=اسارى هوى ماض وآخرآتِ
فأسعدن أو أسعفن حتى تقوضت=صفوف الدجى بالفجر منهزماتِ
على العرصات الخاليات من المها=سلام شج صب على العرصاتِ
فعهدي بها خضر المعاهد مألفا=من العطرات البيض والخفراتِ
ليالي يعدين الوصال على القلى=ويعدي تدانينا على العزباتِ
وإذ هن يلحظن العيون سوافرا=ويسترن بالايدي على الوجناتِ
وإذ كل يوم لي بلحظي نشوة=يبيت بها قلبي على نشواتِ
فكم حسرات هاجها بمحسر=وقوفي يوم الجمع من عرفاتِ
ألم تر للايام ما جر جورها=على الناس من نقض وطول شتاتِ
ومن دول المستهزئين ومن غدا=بهم طالبا للنور في الظلماتِ
فكيف ومن أنى بطالب زلفة=إلى الله بعد الصوم والصلواتِ
سوى حب أبناء النبي ورهطه=وبغض بني الزرقاء والعبلاتِ
وهند وما أدت سمية وابنها=اولو الكفر في الاسلام والفجراتِ
هم نقضوا عهد الكتاب وفرضه=ومحكمه بالزور والشبهاتِ
ولم تك إلا محنة كشفتهم=بدعوى ضلال من هن وهناتِ
تراثٌ بلا قربى وملكٌ بلا هدى=وحكمٌ بلا شورى بغير هداةِ
رزايا أرتنا خضرة الافق حمرة=وردت اجاجا شعم كل فراتِ
وما سهلت تلك المذاهب فيهم=على الناس إلا بيعة الفلتاتِ
وما قيل أصحاب السقيفة جهرة=بدعوى تراث في الضلال نتاتِ
ولو قلدوا الموصى إليه امورها=لزمت بمأمون على العثراتِ
أخي خاتم الرسل المصفى من القذى=ومفترس الابطال في الغمراتِ
فان جحدوا كان الغدير شهيده=وبدر واحد شامخ الهضباتِ
وآي من القرآن تتلى بفضله=وإيثاره بالقوت في اللزباتِ
وعز خلال أدركته بسبقها=مناقب كانت فيه مؤتنفاتِ
مناقب لم تدرك بخير ولم تنل=بشئ سوى حد القنا الذرباتِ
نجي لجبريل الامين وأنتم=عكوف على العزى معا ومناتِ
بكيت لرسم الدار من عرفات=وأذريت دمع العين بالعبراتِ
وبان عرى صبري وهاجت صبابتي=رسوم ديار قد عفت وعراتِ
مدارس آيات خلت من تلاوة=ومنزل وحي مقفر العرصاتِ
لآل رسول الله بالخيف من منى=وبالبيت والتعريف والجمراتِ
ديار لعبد الله بالخيف من منى=وللسيد الداعي إلى الصلواتِ
ديار علي والحسين وجعفر=وحمزة والسجاد ذي الثفناتِ
ديار لعبد الله والفضل صنوه=نجي رسول الله في الخلواتِ
وسبطي رسول الله وابني وصيه=ووارث علم الله والحسناتِ
منازل وحي الله ينزل بينها=على أحمد المذكور في السوراتِ
منازل قوم يهتدى بهداهم=فيؤمن منهم زلة العثراتِ
منازل كانت للصلاة وللتقى=وللصوم والتطهير والحسناتِ
منازل لا تيم يحل بربعها=ولا ابن صهاك فاتك الحرماتِ
ديار عفاها جور كل منابذ=ولم تعف للايام والسنواتِ
فيا وارثي علم النبي وآلهِ=عليكم سلامٌ دائمُ النفحاتِ
قفا نسأل الدار التي خف أهلها=متى عهدها بالصوم والصلواتِ
وأين الاولى شطت بهم غربة النوى=أفانين في الاقطار مفترقاتِ
هم أهل ميراث النبي إذا اعتزوا=وهم خير سادات وخير حماةِ
إذا لم نناج الله في صلواتنا=بأسمائهم لم يقبل الصلواتِ
مطاعيم للاعسار في كل مشهد=لقد شرفوا بالفضل والبركاتِ
وما الناس إلا غاصب ومكذب=ومضطغن ذو إحنة وتراتِ
إذا ذكروا قتلى ببدر وخيبر=ويوم حنين أسبلوا العبراتِ
فكيف يحبون النبي ورهطه=وهم تركوا أحشاءهم وغراتِ
لقد لاينوه في المقال وأضمروا=قلوبا على الاحقاد منطوياتِ
فان لم يكن إلا بقربي محمد=فهاشم أولى من هن وهناتِ
سقى الله قبرا بالمدينة غيثه=فقد حل فيه الامن بالبركاتِ
نبي الهدى صلى عليه مليكه=وبلغ عنا روحه التحفاتِ
وصلى الله عليه ما ذر شارق=ولاحت نجوم الليل مبتدراتِ
أفاطم لو خلت الحسين مجدلا=وقد مات عطشانا بشط فراتِ
إذا للطمت الخد فاطم عنده=وأجريت دمع العين في الوجناتِ
أفاطم قومي يا ابنة الخير واندبي=نجوم سماوات بأرض فلاتِ
قبور بكوفان واخرى بطيبة=واخرى بفخ نالها صلواتي
واخرى بأرض الجوزجان محلها=وقبر ببا خمرى لدى الغرباتِ
وقبر ببغداد لنفس زكية=تضمنها الرحمن في الغرفاتِ
وقبر بطوس يا لها من مصيبة=ألحت على الاحشاء بالزفراتِ
إلى الحشر حتى يبعث الله قائما=يفرج عنا الغم والكرباتِ
علي بن موسى أرشد الله أمره=وصلى عليه أفضل الصلواتِ
فأما الممضات التي لست بالغا=مبالغها منى بكنه صفاتِ
قبور ببطن النهر من جنب كربلا=معرسهم منها بشط فراتِ
توفوا عطاشا بالفرات فليتني=توفيت فيهم قبل حين وفاتي
إلى الله أشكو لوعة عند ذكرهم=سقتني بكأس الثكل والفظعاتِ
أخاف بأن ازدارهم فتشوقني=مصارعهم بالجزع فالنخلاتِ
تغشاهم ريب المنون فما ترى=لهم عقرة مغشية الحجراتِ
خلا أن منهم بالمدينة عصبة=مدينين أنضاء من اللزباتِ
قليلة زوار سوى أن زورا=من الضبع والعقبان والرخماتِ
لهم كل يوم تربة بمضاجع=ثوت في نواحي الارض مفترقاتِ
تنكبت لاواء السنين جوارهم=ولا تصطليهم جمرة الجمراتِ
وقد كان منهم بالحجاز وأرضها=مغاوير نجارون في الازماتِ
حمى لم تُطره المبدياتُ وأوجهٌ=تضئ لدى الإيسار والظلماتِ
إذا وردوا خيلا بسمر من القنا=مساعير حرب أقحموا الغمراتِ
فان فخروا يوما أتوا بمحمد=وجبريل والفرقان والسوراتِ
وعدوا عليا ذا المناقب والعلى=وفاطمة الزهراء خير بناتِ
وحمزة والعباس ذا الهدي والتقى=وجعفرا الطيار في الحجباتِ
اولئك لا ملقوح هند و تِربِها=سمية من نوكى ومن قذراتِ
ستسأل تيم عنهم وعديها=وبيعتهم من أفجر الفجراتِ
هم منعوا الآباء عن أخذ حقهم=وهم تركوا الابناء رهن شتاتِ
وهم عدلوها عن وصي محمد=فبيعتهم جاءت عن الغدراتِ
وليهم صنو النبي محمد=أبوالحسن الفراج للغمراتِ
ملامك في آل النبي فانهم=أحباي ما داموا وأهل ثقاتي
تخيرتهم رشدا لنفسي إنهم=على كل حال خيرة الخيراتِ
نبذت إليهم بالمودة صادقا=وسلمت نفسي طائعا لولاتي
فيا رب زدني في هواي بصيرة=وزد حبهم يا رب في حسناتي
سأبكيهم ما حج لله راكب=وما ناح قمري على الشجراتِ
وإني لمولاهم وقال عدوهم=وإني لمحزون بطول حياتي
بنفسي أنتم من كهول و فتية=لفك عناة أو لحمل دياتِ
وللخيل لما قيد الموت خطوها=فأطلقتم منهن بالذرباتِ
احب قصي الرحم من أجل حبكم=وأهجر فيكم زوجتي وبناتي
وأكتم حبيكم مخافة كاشح=عنيد لاهل الحق غير مواتِ
فيا عين بكيهم وجودي بعبرة=فقد آن للتسكاب والهملاتِ
لقد حَفّت الأيامُ حولي بشرّها=وإني لارجو الأمن بعد وفاتي
إلم تر أني مذ ثلاثون حجة=أروح وأغدو دائم الحسراتِ
أرى فيئهم في غيرهم متقسما=وأيديهم من فيئهم صفراتِ
وكيف اداوي من جوى بي والجوى=امية أهل الكفر واللعناتِ
وآل زياد في الحرير مصونة=وآل رسول الله منهتكاتِ
سأبكيهم ما ذر في الافق شارق=ونادى مناد الخير بالصلواتِ
وما طلعت شمس وحان غروبها= وبالليل أبكيهم وبالغدواتِ
ديار رسول الله أصبحن بلقعا=وآل زياد تسكن الحجراتِ
وآل رسول الله تدمى نحورهم=وآل زياد ربة الحجلاتِ
وآل رسول الله تُسبى حريمهم=وآل زياد آمنوا السرباتِ
وآل رسول الله نُحفٌ جُسومُهم=و آل زيادٍ غُلظُ القصراتِ
إذا وتروا مدوا إلى واتريهم=أكفا عن الاوتار منقبضاتِ
فلو لا الذي أرجوه في اليوم أو غد=تقطع نفسي إثرهم حسراتِ
خروج إمام لا محالة خارج=يقوم على اسم الله والبركاتِ
يميز فينا كل حق وباطل=ويجزي على النعماء والنقماتِ
فيا نفس طيبي ثم يا نفس فابشري=فغير بعيد كل ما هو آتِ
ولا تجزعي من مدة الجور إنني=أرى قوتي قد أذنت بثباتِ
فيا رب عجل ما اؤمل فيهم=لاشقي نفسي من أسى المحناتِ
فان قرب الرحمان من تلك مدتي=وأخر من عمري ووقت وفاتي
شفيت ولم أترك لنفسي غصة=ورويت منهم منصلي وقناتي
فاني من الرحمن أرجو بحبهم=حياة لدى الفردوس غير بَتاتِ
عسى الله أن يرتاح للخلق إنه=إلى كل قوم دائم اللحظاتِ
فإن قلتُ عرفاً أنكروهُ بمنكرٍ=و غطوا على التحقيق بالشبهاتِ
سأقصرُ نفسي جاهداً عن جدالهم=كفاني ما ألقى من العبراتِ
أحاولُ نقلَ الشمس من مُستقرها=و إسماعُ أحجارٍ من الصَلَدَاتِ
فمن عارفٍ لم ينتفع، و معاندٍ=يميلُ معَ الأهواءِ و الشهواتِ
قُصَارَاي منهم أن أبوء بغصةٍ=ترددَ في صدري و في لهَواتي
كأنكَ بالأضلاعِ قد ضاقَ رحبها=لما ضُمنت من شدة الزفراتِ