الى كم مصابيح الدجى ليس تطلع
الشيخ مفلح الصيمري البحراني
الى كم مصابيح الدجى ليس تطلع=وحتّام غيمُ الجو لا يتقشع
لقد طبّق الآفاق شرقاً ومغرب=فلا ينجلي آناً ولا يتقطع
وأمطر في كل البلاد صواعق=وهبت له ريح من الشر زعزع
منازل أهل الجور في كل بلدة=عمار وأهل العدل في تلك بلقع
يقولون في أرض العراق مشعشع=وهل بقعة إلا وفيها مشعشع
وأعظم من كل الرزايا رزية=مصارع يوم الطف أدهى وأشنع
فما انس لا أنس الحسين ورهطه=وعترته بالطف ظلماً تصرع
ولم أنسه والشمر من فوق رأسه=يهشم صدراً وهو للعلم مجمع
ولم أنس مظلوماً ذبيحاً من القف=وقد كان نور الله في الأرض يلمع
يقبله الهادي النبي بنحره=وموضع تقبيل النبي يقطع
إذا حزّ عضواً منه نادى بجدّه=وشمر على تصميمه ليس يرجع
تزلزلت بأفلاك من كل جانب=تكاد السما تنقض والأرض تقلع
وضجت بأفلاك السما وتناوحت=طيور الفلا والوحش والجن أجمع
وترفع صوتاً أم كلثوم بالبك=وتشكو الى الله العلي وتضرع
وتندب من عظم الرزية جده=فلو جدنا يرنو إلينا ويسمع
أيا جدنا نشكو إليك أمية=فقد بالغوا في ظلمنا وتبدعوا
أيا جدنا لو أن رأيت مصابن=لكنت ترى أمراً له الصخر يصدع
أيا جدنا هذا الحسين معفر=على الترب محزوز الوريد مقطع
فجثمانه تحت الخيول ورأسه=عناداً بأطراف الأسنة يرفع
أيا جدنا لم يتركوا من رجالن=كبيراً ولا طفلاً على الثدي يرضع
أيا جدنا لم يتركوا لنسائن=خماراً ولا ثوباً ولم يبق برقع
أيا جدنا سرنا سبايا حواسر=كأنّا سبايا الروم بل نحن أوضع
أيا جدنا لو ان ترانا أذلة=أسارى الى أعدائنا نتضرع
أيا جدنا زين العباد مكبّل=عليل سقم مدنف متوجع
فما فعلت عاد كفعل أمية=ولكنهم آثار قوم تتبع
فما قتل السبط الشهيد ورهطه=سوى عصبة يوم السقيفة أجمعوا
وما ذاك إلا سامري وعجله=أهم أصلّوا للظلم والقوم فرعوا
ألا لعن الله الذين توازرو=على ظلم آل المصطفى وتجمعوا
أيا سادتي يا آل بيت محمد=بكم مفلح مستعصم متمنع
وانتم ملاذي عند كل كريهة=وأنتم له حصن منيع ومفزع
اذا كنتم دُرعي ورمحي ومنصلي=فلا اختشي بأساً ولا أتروع
بكم أتقى هول المهمات في الدن=وأهوال روعات القيامة أدفع
فدونكموها من محب ومبغض=له كبد حرّى وقلب مفجع
ولا طاقتي إلا المدائح والهج=وليس بهذا علة القلب تنقع
الا ساعة فيها أجرد صارم=وأضرب هام القوم حتى يصرعوا
فحينئذ يشفى الفؤاد وحزنه=مقيم ولو لم يبق للقوم موضع
أيا سادتي يا آل بيت محمد=ويا من بهم يعطي الإله ويمنع
ألا فاقبلوا من عبدكم ومحبكم=قليلاً فإن الحر يرضى ويقنع
فإن كان تقصير بما قدأتيته=فساحتة عذري يا موالي مهيع
فلست بقوال ولست بشاعر=ولكنّ من فرط الأسى أتولع