ذلكَ الحسينُ لاريبَ فيهِ
سنة 2016
غيمُ الشهادةِ عَنْ آياتِهِ انفطرا = لا ريبَ فيهِ كتابًا ينقذُ العُصُرا
كانَ الكتابَ الذي يمشي على قدمٍ = بينَ البرايا هدًى يُزجُي لَهُمْ بَصرا
يدُ السماءِ التي جادَتْ بروعتِهِ = مَنْ يمسكُ السُّحبَ أنْ لا تبعثَ المَطرا؟
إنَّ الحسينَ لَمصباحٌ يُضاءُ بِهِ = كلُّ الوجودِ ينيرُ الكونَ والبشرا
لا ريبَ في شمعةٍ بالعرشِ أشعَلَها = على سفينتِهِ أمرُ القضا فجرى
شمسٌ إذا ابتسمَتْ تنشقُّ عَنْ قمرٍ = والشمسُ لا ينبغي أنْ تدركَ القمرا
للعطرِ مِنْ ذاتهِ طبعٌ يفوحُ بهِ = كأنّهُ المسكُ لو أخفيتَهُ انتشرا
في صورةٍ لن ترى في الكونِ نسخَتَها = فلا تُطِلْ في خفايا ذاتِها نظرا
ذاتٌ لهُ . . . ملكوتُ الفضلِ دانَ لها = في كلِّ مَكرمةٍ تلقى لها أثرا
يكفيكَ أنّكَ في أحضانِ تربتِهِ = في استبرقٍ عبقريٍ بَلسَمَ الفِكَرا
يكفيكَ أنكَ في أكنافِ قبّتِهِ = في رفرفٍ مِنْ دعاءٍ ينسجُ القَدَرا
أسخى الخلائقِ نفسًا بلْ وأشجعُهُمْ = إنَّ الشجاعَ يطيعُ الجودَ ما أمَرَا
وما تناهَتْ مِنَ العَليا عوالِمُها = إلا ورأسُ (عليٍّ) بالقنا شُهِرا
إلا وصدرُ (كتابِ اللهِ) مُعتفِرٌ =بلْ قُلْ (محمّدُ) تحتَ الحافرِ اعتفرا
مرمَّلٌ بالفِدا دانَ الإباءُ لهُ =عارٍ مِنَ الذلِّ يَسقي الآيَ والسِّوَرا
أيُّ الخلائقِ أبهى مِنْ خلائقِهِ = وَهْوَ الذي كانَ بالإحسانِ مؤتَزِرا
يا سيّدي كلّما كحّلْتَ أخيلتي = أراكَ لا مثلَما كلُّ الأنامِ ترى
أراكَ لا خائفًا منهم ولا وجلاً = وقد خرَجْتَ كتابًا يصلحُ السِّيَرا
أراكَ أقوى مِنَ الأوهامِ تنسجُها = عواطفُ الناسِ كي تَبكيكَ مُنكسِرا
أبكي عليكَ بكاءً لا مثيلَ لهُ = لا عندَما تشربُ الآجالَ مُنتصرا
بلْ ثائرًا حرّفوا أهدافَ ثورتِهِ = وطقّسوهُ ليقضي الدهرَ منحصِرا
أبكيكَ تَفنَى لنحيا في كرامتِنا = والبعضُ ضيّعَ دربَ العزِّ وانحدرا
بنيّةٍ صلُحَتْ أو نيّةٍ فسُدَتْ = لا شأنَ للسهمِ في مَنْ سدَّدُوا الوَتَرا
السهمُ طار فإمّا بالرضيعِ سطا = فلن تَرُدَّ لهُ في كربلا عُمُرا
وإنْ أراقَ لساقي النّهرِ قِربَتَهُ = فمَنْ يُعيدَ إلى الخيماتِ ما انهمرا
وإن هوى منهُ في عينٍ مُكَفّلةٍ = بزينبٍ أينَ تَلقى بعدَهُ قمرا؟
يا سيّدي أبدًا لم يفهموكَ وما = حرّكْتَ منهم عقولاً عُبِّئتْ حَجَرا
حاشاكَ لستَ كما قالوه وابتدعوا = طقسًا مَقيتًا وجهلاً نفَّرَ البشرا
ولَسْتَ منبرَ أحلامٍ يفسِّرُ ما =يُروَى، وينسجُها مَنْ فكرُهُ ضمَرا
أراكَ أعظمَ مِنْ ندبٍ نردِّدُهُ =ما ذاكَ إلا طريقٌ يوصِلُ الظّفَرا
إنّ المشاعرَ إنْ كانَتْ مشرّعةً = لا خيرَ فيها إذا لم تُحْدِثِ الأثرا
أراكَ يا عبقريَّ الفكرِ أكبرَ مِنْ = مظاهرٍ لا تميزُ الخيرَ والضّررا
يا جوهرَ الدينِ يا روحًا محلِّقةً = إلى الخلودِ سَمَت مجدًا ومفتخرا
هذا الحسينُ الذي لا شيءَ يشبهُهُ =لا لم يكنْ فالحًا مَنْ باسمِهِ اتّجَرا
هذا الذي جوهرُ التّقديسِ يلمعُ مِنْ =معناهُ بلْ كانَ أسمى الأوْلِيَا خطرا
كالنجم ِ واليَمِّ في حَالَيْ هدًى وندًى = كالعُودِ والطَودِ في حَالَيْ شذًى وذُرى
الكلُّ يمضي ويبقى نورُ صحوتِهِ = حضارةً تذهلُ الدنيا بما ازدهرا
لاريبَ فيهِ هدًى للعالمينَ إذا = تلوتَهُ يسجدُ التاريخُ مؤتَمِرا
قد قلّبَ القَدَرُ الإمكانَ ما لَمَعَتْ = بمثلِهِ صورةٌ كي تقنعَ القَدَرا
وإنَّ أكثرَ ما في شمسِ رفعتِهِ = بأنَّهُ بشرٌ باللهِ قد نُصِرا
ما احتاجَ للمعجزاتِ الغرِّ ترفعُهُ = بلْ كانَ أعلى بما في ذاتِهِ انصهرا
مِنَ التّقى والهُدى والجودِ والعملِ = الأسمى وكانَ بهذا يُبهرُ السِّيَرا
إذا رجعْتَ لكُلِّياتِ رفعتِهِ = وجدْتَ مجدًا مِنَ الأجزاءِ ما حُصِرا
لولاه دينُ رسولِ اللهِ ما رُفعَتْ = راياتُهُ وأذانُ الحقِّ ما جُهِرا
لو لم تَدُرْ في خيالِ الكونِ فكرتُهُ = لم يُعْبَدِ اللهُ في الدنيا ولا شُكِرا
هذا الحسينُ ولولا طيبُ نبعتِهِ =لم يَخلقِ اللهُ لا أرضًا ولا بشرا
حلوُ الشمائلِ، رقراقُ الفضائلِ مَنْ = ربّى النوائلَ في كفَّيْهِ وابتكرا
خفَّتْ حوائجُهُ، عفَّتْ خوالجُهُ = وفَّتْ مناهجُهُ للدينِ فانتصرا
ما حاولَ الشعرُ أنْ يدنو لحضرتِهِ = إلاَّ وخرَّتْ إليهِ (سورةُ الشُّعَرَا)
لأنَّهُ مِنْ صفاتِ اللهِ نبعتُهُ = (تجري الصّلاةُ عليهِ كلّما ذُكِرا)