غيمُ الشهادةِ عَنْ آياتِهِ انفطرا = لا ريبَ فيهِ كتابًا ينقذُ العُصُرا كانَ الكتابَ الذي يمشي على قدمٍ = بينَ البرايا هدًى يُزجُي لَهُمْ بَصرا يدُ السماءِ التي جادَتْ بروعتِهِ = مَنْ يمسكُ السُّحبَ أنْ لا تبعثَ المَطرا؟ إنَّ الحسينَ لَمصباحٌ يُضاءُ بِهِ = كلُّ الوجودِ ينيرُ الكونَ والبشرا لا ريبَ في شمعةٍ بالعرشِ أشعَلَها = على سفينتِهِ أمرُ القضا فجرى شمسٌ إذا ابتسمَتْ تنشقُّ عَنْ قمرٍ = والشمسُ لا ينبغي أنْ تدركَ القمرا للعطرِ مِنْ ذاتهِ طبعٌ يفوحُ بهِ = كأنّهُ المسكُ لو أخفيتَهُ انتشرا في صورةٍ لن ترى في الكونِ نسخَتَها = فلا تُطِلْ في خفايا ذاتِها نظرا ذاتٌ لهُ . . . ملكوتُ الفضلِ دانَ لها = في كلِّ مَكرمةٍ تلقى لها أثرا يكفيكَ أنّكَ في أحضانِ تربتِهِ = في استبرقٍ عبقريٍ بَلسَمَ الفِكَرا يكفيكَ أنكَ في أكنافِ قبّتِهِ = في رفرفٍ مِنْ دعاءٍ ينسجُ القَدَرا أسخى الخلائقِ نفسًا بلْ وأشجعُهُمْ = إنَّ الشجاعَ يطيعُ الجودَ ما أمَرَا وما تناهَتْ مِنَ العَليا عوالِمُها = إلا ورأسُ (عليٍّ) بالقنا شُهِرا إلا وصدرُ (كتابِ اللهِ) مُعتفِرٌ =بلْ قُلْ (محمّدُ) تحتَ الحافرِ اعتفرا مرمَّلٌ بالفِدا دانَ الإباءُ لهُ =عارٍ مِنَ الذلِّ يَسقي الآيَ والسِّوَرا أيُّ الخلائقِ أبهى مِنْ خلائقِهِ = وَهْوَ الذي كانَ بالإحسانِ مؤتَزِرا يا سيّدي كلّما كحّلْتَ أخيلتي = أراكَ لا مثلَما كلُّ الأنامِ ترى أراكَ لا خائفًا منهم ولا وجلاً = وقد خرَجْتَ كتابًا يصلحُ السِّيَرا أراكَ أقوى مِنَ الأوهامِ تنسجُها = عواطفُ الناسِ كي تَبكيكَ مُنكسِرا أبكي عليكَ بكاءً لا مثيلَ لهُ = لا عندَما تشربُ الآجالَ مُنتصرا بلْ ثائرًا حرّفوا أهدافَ ثورتِهِ = وطقّسوهُ ليقضي الدهرَ منحصِرا أبكيكَ تَفنَى لنحيا في كرامتِنا = والبعضُ ضيّعَ دربَ العزِّ وانحدرا بنيّةٍ صلُحَتْ أو نيّةٍ فسُدَتْ = لا شأنَ للسهمِ في مَنْ سدَّدُوا الوَتَرا السهمُ طار فإمّا بالرضيعِ سطا = فلن تَرُدَّ لهُ في كربلا عُمُرا وإنْ أراقَ لساقي النّهرِ قِربَتَهُ = فمَنْ يُعيدَ إلى الخيماتِ ما انهمرا وإن هوى منهُ في عينٍ مُكَفّلةٍ = بزينبٍ أينَ تَلقى بعدَهُ قمرا؟ يا سيّدي أبدًا لم يفهموكَ وما = حرّكْتَ منهم عقولاً عُبِّئتْ حَجَرا حاشاكَ لستَ كما قالوه وابتدعوا = طقسًا مَقيتًا وجهلاً نفَّرَ البشرا ولَسْتَ منبرَ أحلامٍ يفسِّرُ ما =يُروَى، وينسجُها مَنْ فكرُهُ ضمَرا أراكَ أعظمَ مِنْ ندبٍ نردِّدُهُ =ما ذاكَ إلا طريقٌ يوصِلُ الظّفَرا إنّ المشاعرَ إنْ كانَتْ مشرّعةً = لا خيرَ فيها إذا لم تُحْدِثِ الأثرا أراكَ يا عبقريَّ الفكرِ أكبرَ مِنْ = مظاهرٍ لا تميزُ الخيرَ والضّررا يا جوهرَ الدينِ يا روحًا محلِّقةً = إلى الخلودِ سَمَت مجدًا ومفتخرا هذا الحسينُ الذي لا شيءَ يشبهُهُ =لا لم يكنْ فالحًا مَنْ باسمِهِ اتّجَرا هذا الذي جوهرُ التّقديسِ يلمعُ مِنْ =معناهُ بلْ كانَ أسمى الأوْلِيَا خطرا كالنجم ِ واليَمِّ في حَالَيْ هدًى وندًى = كالعُودِ والطَودِ في حَالَيْ شذًى وذُرى الكلُّ يمضي ويبقى نورُ صحوتِهِ = حضارةً تذهلُ الدنيا بما ازدهرا لاريبَ فيهِ هدًى للعالمينَ إذا = تلوتَهُ يسجدُ التاريخُ مؤتَمِرا قد قلّبَ القَدَرُ الإمكانَ ما لَمَعَتْ = بمثلِهِ صورةٌ كي تقنعَ القَدَرا وإنَّ أكثرَ ما في شمسِ رفعتِهِ = بأنَّهُ بشرٌ باللهِ قد نُصِرا ما احتاجَ للمعجزاتِ الغرِّ ترفعُهُ = بلْ كانَ أعلى بما في ذاتِهِ انصهرا مِنَ التّقى والهُدى والجودِ والعملِ = الأسمى وكانَ بهذا يُبهرُ السِّيَرا إذا رجعْتَ لكُلِّياتِ رفعتِهِ = وجدْتَ مجدًا مِنَ الأجزاءِ ما حُصِرا لولاه دينُ رسولِ اللهِ ما رُفعَتْ = راياتُهُ وأذانُ الحقِّ ما جُهِرا لو لم تَدُرْ في خيالِ الكونِ فكرتُهُ = لم يُعْبَدِ اللهُ في الدنيا ولا شُكِرا هذا الحسينُ ولولا طيبُ نبعتِهِ =لم يَخلقِ اللهُ لا أرضًا ولا بشرا حلوُ الشمائلِ، رقراقُ الفضائلِ مَنْ = ربّى النوائلَ في كفَّيْهِ وابتكرا خفَّتْ حوائجُهُ، عفَّتْ خوالجُهُ = وفَّتْ مناهجُهُ للدينِ فانتصرا ما حاولَ الشعرُ أنْ يدنو لحضرتِهِ = إلاَّ وخرَّتْ إليهِ (سورةُ الشُّعَرَا) لأنَّهُ مِنْ صفاتِ اللهِ نبعتُهُ = (تجري الصّلاةُ عليهِ كلّما ذُكِرا)