استغاثةُ السَّماءِ
سنة 2016
رأيْتَ سماءَ اللهِ تستنهضُ الأرْضا = فأدْرَكْتَ .. قُرْبانًا بغَيْرِكَ لا ترْضى
فَلَمْ تحتملْ مَسْراكَ أرضٌ .. سماؤها = بِكُلِّ ثناياها هَوَتْكَ هوًى مَحْضا
فأقْرَضْتَها نَفْسًا وَآلًا وإخوةً = وَصَحْبًا وأولادًا فما أعْظَمَ القَرْضا
أ تكبو على الغبراءِ مَحْنِيَّ قامةٍ ؟ = وَقَدْ ألِفَتْكَ الحَرْبُ تكبو لِتَنْقَضَّا
سعى لَكَ عِزْريلٌ مِنَ اللهِ مُرْسَلًا = فلبَّيْتَهُ .. مَنْ قالَ لَمْ تستطِعْ نهْضا ؟
فأقْبَضْتَهُ روحًا فِداءٌ لَها المَلا = جميعًا .. فما أشقى وما أرأفَ القبضا !
أُكذِّبُ كُلَّ الناقلينَ روايةً = يُخَبِّئُ خلْفَ الحُبِّ مَضْمونُها البُغْضا
وأكفُرُ في عِلْمِ الرِّجالِ مُشَكِّكًا = بأمْرٍ لهُ عينُ الحصيفِ ترى نقْضا
رَأوْكَ بِصحراءِ النَّواويسِ عاريًا = رأيْتُكَ سَيْفَ اللهِ قدْ آنَ أنْ يُنْضى
فكيْفَ يَعافُ العِرْضَ بَيْنَ أراذلٍ = دَمٌ ثائرٌ للآنَ يحمي لَنا العِرْضا؟
إذا لَمْ يكُنْ قَدْ أوْدَعَ اللهَ رَحْلَهُ = لِيُنْبِئَهُ فيما يكونُ وما يُقضَى
وَيُشْهِدَهُ آياتِ خطْبةِ زَيْنَبٍ = بِعَيْنٍ لها الجبّارُ مِنْ نُورِهِ وَضَّا
أيا ظامِئًا والبِيْدُ في ذِكْرَيَاتِها = إذا اسْتَمْطَرَتْ مِنْهُ تَوَخَّتْ بِهِ حَوْضا
فأغْدَقَها حَدَّ النماءِ وَلَمْ يَزَلْ = رَوِيًّا يُحاكي بَوْحُ أشذائهِ الرَّوْضا
فقأتَ عُيُوْنَ المُستحيلِ بِخِنْصِرٍ = قطيعٍ لذا غارتْ ولَمْ تبرَحِ الغَمْضا
وَقَبْلَكَ لَمْ تجْرُؤْ لرؤياهُ أعْيُنٌ = وفي عالَمِ الإمكانِ لَمْ يستَطِعْ خَوْضا
وأسْرَجْتَ للمَجْدِ القَصيِّ قوافلًا = يحثُّ على نَيْلِ الرَّدى بَعْضُها بَعْضا
وعبَّدْتَ دربَ الثائرينَ على الأذى = ورودًا بأجسادٍ مُجَزَّرةِ الأعضا
وطاوَلْتَ أعنانَ المجرَّاتِ في العُلا = بِصَدْرٍ يطالُ المُنتهى كُلّما رُضَّا
وأنْدَيْتَ خدَّ الشَّمْسِ لَمَّا تجاسَرَتْ = على جَسَدٍ مِنْ نُوْرِهِ اسْتَجْدَتِ الوَمْضا
فذا جَفْنُها قانٍ على ما لَقِيْتَهُ = وذا ثوبُها داجٍ وذا طَرْفُها ابيضَّا
فللشمْسِ رأيٌ فيكَ أنَّكَ نُورُها = سيلقى لهُ في الحَشْرِ كُلُّ الورى دَحْضا
فَقَدْ سخَّرَ الجبَّارُ ما كانَ خالِقًا = لِعِلَّةِ مخلوقٍ بها أكملَ الفرْضا
حَبَا تُرْبَكَ الزَّاكي يَدًا عِيْسَوِيَّةً = لذلكَ تستشفي بألطافِهِ المَرْضى
نَعَمْ ذا دَمٌ للهِ فيهِ شواهِدٌ = فهَلْ عَنْ فَراغٍ أنْ يُراقَ هُنا يَرْضى ؟
أُريْقَ على الغبرا بأبشعِ صورةٍ = ليكتُبَ للأجيالِ دستورَها الغضَّا
نقيضانِ يومَ الطَفِّ كَيْفَ تمازَجَا = فأيَّانَ ظِلُّ اللهِ تصهرُهُ الرَّمْضا ؟
أيا مُطْفِئًا نارَ الجحيمِ على الأُلى = تدبُّ بِهمْ روحًا .. تعيشُ بهمْ نبْضا
لماذا تركْتَ النارَ تسري بطفلةٍ = لفرْطِ الوَنى والسُّهْدِ لَمْ تَسْتَطِعْ ركْضا
ورأسُكَ يتلو الكهْفَ لا بُدَّ أنْ يرى = لِسَوْطِ البغايا في فواطِمِكُمْ عَضَّا
عَلِيًّا يجوبُ الأرْضَ وَهْوَ مُضّمَّخٌ = دَمًا أشْعَلَ الدُّنيا وَلَكنْ أبى الخَفْضا
نَعَمْ يا بْنَ مَنْ إنْ راحَ لِلحَرْبِ راجلًا = تَجِدْ مَوْجَها العاتي الّذي اشتبكَ افتضَّا
يلاوي عِنانَ المَوْتِ في ذي فَقَارِهِ = كَنَفْضِ الرِّداءِ الحَرْبُ ينفضُها نَفْضا
قصيُّ النوايا لا يُوانِيهِ مَنْ نهى = على نَيْلِ مبْغًى لَمْ يَزِدْ فيهِ مَنْ حضَّا
وهَلْ يتناهى المَدْحُ في وصْفِ جنَّةٍ = إذا ما استطالتْ لَمْ يَطَلْ طُوْلُها العُرْضا
بِذكراكَ فيَّ السَّعْدُ قَدْ غازَلَ الأسى = فَمَنْ مِنْهُما أُوْليهِ إنْ مسَّني رفْضا
ففي السَّعْدِ ما تصبو لهُ النَّفْسُ، والأسى = عليكَ بهِ سَعْدٌ وإنْ شفَّني أيضا
ينوءُ بكَ التأريخُ يا آسِرَ الدُّنا = وتمضي لكَ الأوقاتُ مِنْ قَبْلِ أنْ تُمْضى
فتُشْرِقُ شَمْسًا في دياجيرِ أُمَّةٍ = تراكَ بِعَيْنِ اللهِ مِنْ نُورِهِ فَيْضا
لأنَّكَ سِفْرُ الكِبْرياءِ وَصَرْحُهُ = لِمَجْدِكَ عينُ الذُّلِّ لا بُدَّ أنْ تُغْضى