إليكَ اعتذاري أبا الأكرَمِينَ
سنة 2016
سَرَيْتُ .. وكُلُّ ذنوبي معي = لأفياءِ عالمِكَ الأوسَعِ
فيا بْنَ الرسولِ العظيمِ ويا بْنَ = عَليِّ الهُدى سيِّدِ الرُّكَّعِ
وقفتُ ببابِكَ بابِ النَّجاةِ = وَعَنْ عَتَباتِكَ لَمْ أرْجِعِ
وفي القلبِ صورتُكَ اللا تُرى = لأهلِ المروءاتِ إلاَّ نعي
لمعنى الكرامةِ والكبرياءِ = وعِزِّ التواضعِ للخُشَّعِ
وَضَعْتُ الموازينَ في حالتَيْكَ = دلائلَ حقٍّ لِمَنْ لا يَعِي
بأنَّ النُّبوَّةَ فيضُ السَّماءِ = ولولا الإمامَةُ لَمْ تَسْطَعِ
وقفْتُ ببابِكَ يا بْنَ البتولِ = وتقبيلُ أقدامِكُمْ مَطمعي
ألا توبةٌ تُرتجَى يا حُسَيْنُ = لأدْخُلَ في حِصْنِكَ الأمنعِ ؟
صَرَخْتُ أنِلْني يمينَكَ .. وارفِقْ = بِقَلْبٍ ضعيفٍ بِكُمْ مُوْلَعِ
فشاهَدْتُ خَلْفَ احْتجابِ المدى = صفوفًا مِنَ المَلَأِ الأرفَعِ
ينالونَ مِنّي تُرابَ الخُطا = وخفُّوا سِراعًا إلى مَوْضِعي
فقُلْتُ سلامًا .. ذنوبي طَغَتْ = وقَدْ جئتُ مِنْ عالمٍ أوضَعِ
فقالوا لإنَّكَ جئتَ الحُسَيْنَ = وصِدْقًا تعلَّقتَ لا مُدَّعي
تجلَّتْ دُموعُكَ نورًا .. بِها = ننالُ الشفاعةَ في المَفْزَعِ
خَرجْتَ ورايةُ جدِّكَ نَهْجٌ = ترفُّ على رأسِكَ الأضوَعِ
بمَوْكبِ نورٍ مِنَ الأنجبينَ = تكلَّلَ في هيبةِ المَطْلَعِ
نجومٌ على الأرضِ تعلو النُّجومَ = فسُبْحانَ بارئها المُبْدِعِ
حَرَصْتَ بِهِمْ عَنْ جحيمِ الخُنوعِ = وأوْرَدْتَهُمْ جنَّةَ المَصْرَعِ
فسُحْقًا لنا لَمْ نكُنْ أوفياءَ = مِنْ والِهِينَ ومِنْ تُبَّعِ
بأنْ نشربَ اليومَ ماءَ الفُراتِ = وتُذْبَحُ عطشانَ بالمَصْرَعِ
ويُقْتَلُ صَحْبُكَ والأقربونَ = ونسْمُرُ في مَجْلِسٍ مُمْتِعِ
كُفوفُ أبي الفَضْلِ قَدْ قُطِّعَتْ = وفينا الأكُفُّ على الأذْرُعِ
ويُذْبَحُ مِنْكَ الرَّضيعُ الزكيُّ = ونلهو بأطفالِنا الرُّضَّعِ
وزيْنبُ تُسبَى إلى الأرذلينَ = فَلَمْ نقلبِ الأرضَ .. لَمْ نقلعِ
أما مِنْ نصيرٍ يُناصِرُنا = عُصورًا تُدوّي فَلَمْ نُسْرِعِ
ألا قدْ عَجَزْنا فلمْ نستجِبْ = بِغَيْرِ الدُّموعِ على المَفْجَعِ
إليْكَ اعْتذاري أبا الأكرمينَ = إذا مِلْتُ عَنْ نهْجِكَ الأرفعِ
تحمَّلْتَ ما لمْ تُطِقْهُ الجِبالُ = فَقُدِّسْتَ مِنْ ناهضٍ أشجعِ
وجاوزْتَ كُلَّ حُدودِ الخيالِ = فمهما يُصوِّرْكَ لَمْ يُبْدِعِ
فها أنتَ وحْدَكَ تمحو الظَّلامَ = وتُشرِقُ عِزًّا على الخُنَّعِ
تؤانِسُ هَوْلَكَ في كربلاءَ = كأنَّ الجنائنَ في البلْقَعِ
تلوكُ جِراحَكَ إثْرَ الجِراحِ = وَوَجْهُكَ يبسمُ لَمْ يخْضَعِ
وتُخْنَقُ في ظمأٍ قاتلٍ = فما بالُ ثغْرِكَ لَمْ يَجْزَعِ؟
يسوقُ لَهُمْ أبلغَ الواعظاتِ = وكُلٌّ تلهّى ولَمْ يسمَعِ
فقاتلْتَ حتّى كأنَّكَ جيشٌ = وَهُمْ واحِدٌ في اللّظى المُفْزِعِ
تُروِّعُهُمْ في جحيمِ الصِّدامِ = فَصَوْلاتُكَ البِكْرُ لَمْ تهجعِ
تدورُ عليهمْ بِسَيْفِ أبِيكَ = وتطحنُ كُلَّ زنيمٍ دعي
تُحاصِرُهمْ جحفلاً جحفلاً = كأنَّ الجميعَ بِمُسْتَنْقَعِ
وحتّى إذا الأرضُ ضاقت بِهِمْ = ولَمْ يبقَ للسيفِ مِنْ مَوْضِعِ
رأوا يحتمونَ بعيدًا هُناكَ = بِرَمْيِ السِّهامِ على الأضْلُعِ
فجاءَ الثلاثيُّ في بغتةٍ = إلى صدْرِكَ الأقدسِ الأوْرَعِ
فأحيا ثلاثًا مِنَ الرَّاسياتِ = تظلُّ مدى الظُّلْمِ لَمْ تُصْرَعِ
فتوحيدُ ربٍّ وَوَحْيُ نبيٍّ = وحُكْمُ إمامٍ على الأجمَعِ
لِيَظْهَرَ دِينٌ على العالَمينَ = بِمَهْديِّنا في غدٍ أرْوَعِ
إلَيْكُمْ وفِيكُمْ فَمِي ناطقٌ = وغيرَ الأطايبِ لَمْ أتبَعِ
رَفَضْتُ السَّواقيَ إذْ لُوِّثَتْ = وَعَنْ مَعْدِنِ الوحْيِ لَمْ تنبَعِ
وَمِنْكُمْ قَبَسْتُ ضِياءَ الهُدى = وَوضَّأتُ قلبيَ مِنْ أدمُعي