لَكَ بالكرامةِ والإباءِ حكايةٌ
سنة 2014
ما القولُ إلا في رِثَاكَ فصيحُ = وجميلُ صبري في عَزَاكَ قبيحُ
مهما عليكَ تُهِلُّ عيني دمعَها = إنَّ البكاءَ لِمَا دَهَاكَ شحيحُ
لكَ بالكرامةِ والإباءِ حكايةٌ = كلُّ المعالي مِنْ عُلاكَ تطيحُ
العزُّ والمجدُ المُشرِّفُ نِلْتَهُ = كلُّ المفاخرِ عَنْ عَطَاكَ تبوحُ
فالرأسُ منكَ على الرِّماحِ مبجّحٌ = حتّى وجسمُكَ بالثّرى مطروحُ
ما كنتَ مذبوحًا وخدُّكَ عافرٌ = بل كانَ مِنْ ربِّ العُلا توشيحُ
أنتَ الخلودُ وما كمثلِكَ خالدٌ = أمّا ضريحُكَ للهُدَى تلميحُ
ذبّاحُ أنتَ وللطّغاةِ مُقهقِرٌ = وبكَ الأعادي جُبْنُها مفضوحُ
عجبي وطَتْكَ الخيلُ في مضمارِها = يا مَنْ كجدِّكَ صدرُهُ مشروحُ
مِنْ قبلِ خلقِكَ كنتَ نورًا شامخًا = ما كنتَ عَمَّنْ لاذَ فِيكَ تُشِيحُ
أهديتَ آدمَ عندَ ربِّكَ توبةً = لمّا بإسمِكَ كانَ عنهُ صفوحُ
أيقظْتَ إبراهيمَ حينَ فَزَعْتَهُ = إذْ كنتَ إسماعيلَ وَهْوَ ذبيحُ
ما خِلْتُ يعقوبًا بُكَاهُ لِيُوسفٍ = بلْ في عزائكَ جفنُهُ مقروحُ
ما كانَ طوفانُ الإلهِ عقوبةً = بلْ كانَ دمعًا للسماءِ سَفُوحُ
وببطنِ ذاكَ الحوتِ أنتَ منجِّيًا = ذا النونِ إذْ مِنْ علمِكَ التسبيحُ
لو لمْ يعاجِلْكَ الرّدَى في كربلا = لخلدْتَ عمرًا لم ينَلْهُ نُوحُ
يا رحمةَ المولى إليكَ شفاعةٌ = في الحشرِ ليسَ يفوقُها ترجيحُ
لم تبقَ يومَ الطفِّ أدنى حرمةٍ = إلا وكانَ الخصمُ فيكَ يبيحُ
جالَتْ عليكَ القومُ تحتَ خيولِها = ولكَ الحجارةُ بالدّماءِ تنوحُ
هذا خيالي في طفوفِكَ حاضرٌ = والقولُ فيكَ على الخيالِ صريحُ
ها قدْ رأيتُكَ والقلوبُ بصيرةٌ = عَمِيَتْ عيوني أنْ تراكَ ضريحُ
قد كنتَ جسمًا بالدماءِ مضرّجًا = وأراكَ لو عنكَ الترابَ أزيحُ
فاحتَرْتُ في عدِّ الجراحِ بوقعِها = الجرحُ فوقَ الجرحِ يا مذبوحُ
هَبْ لي جوابًا؛ أيُّ عضوٍ سيّدي = فيهِ جراحُكَ فاضَ منها الروحُ؟
هلْ كانَ مِنْ سهمِ المثلَّثِ سمُّهُ = لمّا رَمَوْهُ، وقلبُكَ المجروحُ
أمْ حزُّ رأسِكَ والجروحُ غزيرةٌ = لم يبقَ عضوٌ سالمٌ وصحيحُ
هلْ كانَ صوتُ الريحِ يسفي والصَّبَا = أمْ أنَّ صوتَكَ بالظّما مبحوحُ؟
والغيثُ دمًّا هلَّ مِنْ مُزنِ السّما = أمْ نزفُهُ مِنْ جرحِكُمْ مفتوحُ
عيناكَ غَطَّتْهَا دِمَاكَ مِنَ الحصى = عجبًا أمُتَّ وناظري المشبوحُ؟
وعَنِ العَجَاجِ شِفَاكَ قَدْ أطبَقْتَها = جاءتْ ترطِّبُها إليكَ الريحُ
قدْ خِلْتُ شمسًا والرماحُ كسوفُها = لم أدرِ رأسُكَ بالقناةِ يلوحُ
أوَ لمْ يحزُّوهُ عِدَاكَ مِنَ القَفَا = وَبَقَتْ دماكَ مِنَ الجروحِ تسيحُ؟
عجبًا لهُ مِنْ فوقِ رمحِ أميّةٍ = يتلو الكتابَ وواعظٌ ونصوحُ
ما كانَ جسمًا قبلَ جسمِكَ سيّدي = يبقى ثلاثًا يجتويهِ السوحُ
يا كبرياءَ الله ِكنتَ على الثّرى = لكنْ بعزِّكَ كالجبالِ جموحُ
حتّى شَمَمْتُكَ بالنسيمِ كرامةً = عطرُ الإباءِ مَعَ الدّماءِ يفوحُ
مولايَ هلْ لي بالحسابِ شفاعةٌ = إنّي بركبِ المشفَعِينَ طَموحُ؟