بكاءٌ خارجَ الحُزْنِ
سنة 2014
ألا ليتَ مِرآةً تُطارِحُني النَّجْوَى = وظلاً حميميًّا يُشاطرُني الشَّجْوَا
أ يُوجدُ شيءٌ مِنْ جَوَى الحُزْنِ لا يُرى = وراءَ الدَّياجي ، كانَ بالصَّمْتِ مَكْسُوّا ؟
وهلْ غادرَ الدَّمْعُ السَّخِينُ مَحَلَّهُ = مِنَ المُقلةِ الدُّنيا إلى النَّجْمةِ القُصْوَى ؟
تُرَجْرِجُ (عاشوراءُ) مائي وطينتي = وتمنحُني مِنْ قلبِها (المنَّ والسَّلْوَى)
لَبِسْتُ شِراعي ؛ حيثُ أبحرْتُ مُوقنًا = وخُضْتُ عُبابَ الرِّيحِ ، أفترعُ الجَدْوَى
ولا يَهْدَأُ البَحَّارُ في عُمْقِ نَفْسِهِ = وإنْ صارَ ماءُ البحرِ في هَدْأةٍ رَهْوَا
تراءَتْ لروحي (كربلاءُ ) بقُدْسِها = حقيقيَّةَ المعنى ، مجازيَّةَ المَهْوَى!!
قَطَعْتُ لها الوُجْدَانَ في شَهْقَةِ النَّوَى = مسافةَ ما أهفو إلى مَطْمَحِي عَدْوَا
فلمْ أَلْقَ فيها غيرَ ذاتٍ تجاوَزَتْ = حدودَ المعاني ، ما وَجَدْتُ لها صُنْوَا!!
تَمُوجُ هُوِيَّاتٌ ، وأسألُ مَنْ أنا ؟ = وتمتزجُ الذَّاتُ امتزاجًا بمَنْ تَهْوَى
أنا : العقلُ والقلبُ اللذانِ تَسَاقَيَا = وصارا معًا روحًا بأيقونةٍ نَشْوَى
تَشَرَّبْتُ ألوانَ السَّمَاءِ بخاطِري = وآنَسْتُ إيقاعَ العُلا : الغيمَ والصَّحْوَا
حملتُ اعتقادِي بينَ جنبيَّ شامخًا = كما حَمَلَ التاريخُ في صَدْرِهِ (رَضْوَى)
ولي وطنٌ باسمِ ( الحسينِ ) سَكَنْتُهُ = تمدَّدَ فوقَ الدَّهْرِ ، واخترقَ الجَوَّا
لَقَدْ بَصَمَتْ عينايَ فيهِ مَوَدَّةً = بألا أَرَى في غيرِهِ بالهوى مَثْوَى
هو الوطنُ المخبُوءُ بينَ جوانِحِي = أعيشُ به عزًّا ، وأفنى بِهِ زَهْوَا
توزَّعَ في كلِّ الأماكنِ ، لَمْ يَكُنْ = تُقَيِّدُهُ أرضٌ ، فَمَا أرفعَ الشَأْوَا !!
وليسَ تُرَابًا ، ليسَ أطلالَ بُقْعَةٍ = ولكنَّهُ حُرِّيَّةُ المَنْهَلِ الأَرْوَى
هُوَ الوَطَنُ / الإنسانُ دامَ بهاؤُهُ = وأطيافُ كلِّ العالمينَ بِهِ تُطْوَى
تَخَيَّرْتُهُ مِنْ بينِ ألفِ هُوِيَّةٍ = أسامرُهُ عِشْقًا وأغرقُهُ شَدْوَا
سلامٌ على الرُّزْءِ الذي يكتبُ السَّنَا = وطُوبى إلى مَنْ لَمْ يَكُنْ مَوْتُهُ مَحْوَا
هنالكَ كانَ اللهُ في (الطفِّ) ، والهُدَى = وثَمَّةَ إبليسٌ ، وغاشِيَةُ الطَّغْوَى
مُعَادَلَةُ (الفَتْحِ المُبينِ) تَكَوَّنَتْ = بحُرِّيَّةِ المَسْرَى ، وبَوصَلةِ التَّقْوَى
تَشَظَّى سَلِيلُ الأنبياءِ زُجَاجَةً = إلهيَّةَ الأضواءِ ، كونيَّةَ الفَحْوَى
وفي كُلِّ جُزْءٍ في الشَّظَايَا رِسالةٌ = إلى العَالَمِ المصنوعِ مِنْ آلةِ البَلْوَى
إذا ما تخيَّلْتُ المآسِي دقيقةً = تهاوى خَيالي ، وارتمى رَسْمُهُ شِلْوَا
إذا لمْ يَعِشْ فينا (الحسينُ) ، فما لنَا = سوى الذِّلِ ، يجترُّ المسافَةَ والخَطْوَا
وهلْ مِنْ فَراغِ الوَهْمِ نُثْرِي سِلالَنَا = وإن عُطِّلَتْ بِئْرٌ ، فهلْ نَسْحَبُ الدَّلْوَا؟؟
وما (الطفُّ) إلا أَبْجَدِيَّةُ ثَوْرَةٍ = تَعَلَّمْتُ مِنْ أسرارِها الثَّرَّةِ النَّحْوَا
تَجِدُّ مَعَ النُّورِ / الشهيدِ علاقتي = وعَنْ بُعْدِهِ لا أستطيعُ .. ولا أَقْوَى
وأبكيهِ حتَّى خارجَ الحُزْنِ فَجْأَةً !! = وأسمى دموعِ النَّاسِ ما انْسَكَبَتْ عَفْوَا
سأمتحنُ الدُّنْيَا برُمْحِ تَصَبُّرِي = وأجتازُ آلامي ، وعاصفةَ الشَّكْوَى
وأفتحُ شُبَّاكًا يُطِلُّ على المَدَى = وأمْتَشِقُ الإشراقَ ، والدِّفْءَ ، والصَّفْوَا
وأصحُو على صَوتِ الضميرِ مُدَوِيًّا = وأجمعُ أحلامي التي سَقَطَتْ سَهْوَا
تضاريسُ أيَّامِي تُشَكِّلُها الرُّؤَى = ويمتدُّ لا زيفًا غَرَامي ولا لَغْوَا
وما عُدْتُ أنعى الأمسَ سيلَ مواجعٍ = ولكنَّمَا أبني بشِعْرِي الغَدَ الحُلْوَا
وحسبُ الهَوَى بابنِ السَّمَاءِ يَضَمُّنِي = يُهَيِّئُ لي في (سِدْرةِ المُنْتَهَى) مَأْوَى