ذِكْراهُ .. البَوْصَلَةُ
سنة 2014
ذِكراهُ بوصلةُ الأحرارِ في التيهِ = ومنشأُ النورِ يا سبحانَ منشيهِ
أزاَح مِنْ راسمِ الديجورِ ريشتهُ = وخطَّ بالدمِّ فجرًا مِنْ أياديهِ
أطلَّ مِنْ عالمِ الأحلامِ يطلقُها = رَغمَ التصحُّرِ غيثًا مِنْ نواحيهِ
(السّاهرونَ) على أوجاعِهم عرفُوا = حجمَ السهادِ الذي قدْ كانَ يُخفيهِ
و(المثقَلونَ) بحزنِ الفقدِ قدْ نزفوا = (جرحَ الصبابةِ) لم يبرَحْ يداويهِ
و(الراحلونَ) عَنِ الأيّامِ ذكرُهُمُ = مِنْ بعضِ ذِكراهُ ضوءٌ راحَ يُوْرِيهِ
و(القائمونَ) صلاةً في محاربِهِمْ = وقتَ الهزيعِ أقامُوا وِرْدَهم فيهِ
و(المبعدونَ) عَنِ الأوطانِ كانَ لهُمْ = شوقُ الرجوعِ غريقًا بان شاطيهِ
و(الخالعونَ) عَنِ الأفراحِ معطفُهُمْ = و(اللابسونَ) رداءً مِنْ مآسيهِ
ما زالَ في رمحِهِ يحتلُّ حاضرَهُمْ = تشرَّبُوا ال(آهَ) مِنْ أصداءِ ماضيهِ
هناكَ حيثُ الضِّيَا شَدَّتْ رواحلَهُ = وعادَ كفُّ الدُّجى يُلقي حواشيهِ
مِنْ فوقِ تلكَ القَنا، وجدْتُ أعينهُ = شواخصًا للمدى .. ما كانَ يبغيهِ !؟
كأنّهُ ألجمَ الظلماءَ، مؤتلقًا .. = والنورُ يعشي ظلامًا رامَ يُخفيهِ
لم يعتلِ الرّمحَ إلّا كي نراهُ هدىً = والحقُّ ما أبصرتْهُ عينُ رائيهِ
مِنْ ثغرِهِ يرسلُ ال(هيهاتَ) شقشقةً = لنسمعَ الرفضَ موقوفًا على فيهِ
تلكَ الثَّنايا التي قدْ كانَ يكسِرُها = (يزيدُ) مؤتزرًا ثأرًا يُواريهِ
للهِ أنشدَتِ (العُتْبَى) مسلِّمةً = غنَّتْ دماءً إذا جاءَتْ تُنَاجيهِ
في كلِّ طعنٍ نمَا في جرحِهِ زهَرٌ = في كلِّ زهرٍ نمَا ذا العطرُ يرثيهِ
مِنْ نزفِهِ أورَثَ الثوَّارَ مجمرَهُ = وخامِدُ الجمرِ نزفُ "الطفِّ" يُذكيهِ
ذا ظامئُ القلبِ والأرواحُ تشربُهُ = عامًا فعامًا ولمْ تنفدْ سواقيهِ
جئنا على صورةِ النهرِ الذي عجزَتْ = ضفافُهُ أن تروَّي سغبَ أهليهِ
جئنا على صورةِ الأنهارِ تحملُنا = (يدُ الكفيلِ) فهلْ خابَتْ مساعِيهِ !؟
في صدرِنا جدولٌ مِنْ أدمعٍ ذُرفَتْ = تجري بجانِبِهِ لوعاتُ ناعِيهِ
لا شكَّ في (كربلا) كانَتْ لنَا لغةً = حمراءُ معجمُها فاضَتْ معانيهِ
ومنهجًا خاطَهُ (الأنصارُ) مدرعةً = لمّا تعالَتْ يدُ الأحقادِ تُبليهِ
حتّى ذبولُ الصّبا كنّا ندوِّنُهُ = ليزهرَ الوردُ في أقسى صحاريهِ
فاسْمُ (الحسيِن) إذا مرَّتْ طهارتُهُ = توضّأَ الحقُّ، فاخضرَّتْ فيافيهِ