ذِكراهُ بوصلةُ الأحرارِ في التيهِ = ومنشأُ النورِ يا سبحانَ منشيهِ أزاَح مِنْ راسمِ الديجورِ ريشتهُ = وخطَّ بالدمِّ فجرًا مِنْ أياديهِ أطلَّ مِنْ عالمِ الأحلامِ يطلقُها = رَغمَ التصحُّرِ غيثًا مِنْ نواحيهِ (السّاهرونَ) على أوجاعِهم عرفُوا = حجمَ السهادِ الذي قدْ كانَ يُخفيهِ و(المثقَلونَ) بحزنِ الفقدِ قدْ نزفوا = (جرحَ الصبابةِ) لم يبرَحْ يداويهِ و(الراحلونَ) عَنِ الأيّامِ ذكرُهُمُ = مِنْ بعضِ ذِكراهُ ضوءٌ راحَ يُوْرِيهِ و(القائمونَ) صلاةً في محاربِهِمْ = وقتَ الهزيعِ أقامُوا وِرْدَهم فيهِ و(المبعدونَ) عَنِ الأوطانِ كانَ لهُمْ = شوقُ الرجوعِ غريقًا بان شاطيهِ و(الخالعونَ) عَنِ الأفراحِ معطفُهُمْ = و(اللابسونَ) رداءً مِنْ مآسيهِ ما زالَ في رمحِهِ يحتلُّ حاضرَهُمْ = تشرَّبُوا ال(آهَ) مِنْ أصداءِ ماضيهِ هناكَ حيثُ الضِّيَا شَدَّتْ رواحلَهُ = وعادَ كفُّ الدُّجى يُلقي حواشيهِ مِنْ فوقِ تلكَ القَنا، وجدْتُ أعينهُ = شواخصًا للمدى .. ما كانَ يبغيهِ !؟ كأنّهُ ألجمَ الظلماءَ، مؤتلقًا .. = والنورُ يعشي ظلامًا رامَ يُخفيهِ لم يعتلِ الرّمحَ إلّا كي نراهُ هدىً = والحقُّ ما أبصرتْهُ عينُ رائيهِ مِنْ ثغرِهِ يرسلُ ال(هيهاتَ) شقشقةً = لنسمعَ الرفضَ موقوفًا على فيهِ تلكَ الثَّنايا التي قدْ كانَ يكسِرُها = (يزيدُ) مؤتزرًا ثأرًا يُواريهِ للهِ أنشدَتِ (العُتْبَى) مسلِّمةً = غنَّتْ دماءً إذا جاءَتْ تُنَاجيهِ في كلِّ طعنٍ نمَا في جرحِهِ زهَرٌ = في كلِّ زهرٍ نمَا ذا العطرُ يرثيهِ مِنْ نزفِهِ أورَثَ الثوَّارَ مجمرَهُ = وخامِدُ الجمرِ نزفُ "الطفِّ" يُذكيهِ ذا ظامئُ القلبِ والأرواحُ تشربُهُ = عامًا فعامًا ولمْ تنفدْ سواقيهِ جئنا على صورةِ النهرِ الذي عجزَتْ = ضفافُهُ أن تروَّي سغبَ أهليهِ جئنا على صورةِ الأنهارِ تحملُنا = (يدُ الكفيلِ) فهلْ خابَتْ مساعِيهِ !؟ في صدرِنا جدولٌ مِنْ أدمعٍ ذُرفَتْ = تجري بجانِبِهِ لوعاتُ ناعِيهِ لا شكَّ في (كربلا) كانَتْ لنَا لغةً = حمراءُ معجمُها فاضَتْ معانيهِ ومنهجًا خاطَهُ (الأنصارُ) مدرعةً = لمّا تعالَتْ يدُ الأحقادِ تُبليهِ حتّى ذبولُ الصّبا كنّا ندوِّنُهُ = ليزهرَ الوردُ في أقسى صحاريهِ فاسْمُ (الحسيِن) إذا مرَّتْ طهارتُهُ = توضّأَ الحقُّ، فاخضرَّتْ فيافيهِ