أكاديميّةُ الرفضِ
سنة 2014
يا ساحلَ الجرحِ هذا الرفضُ كيفَ رسَى = وكيفَ عاشَ وملءُ الحقِّ طعنُ أسى؟
وكيفَ لم يغشَهُ موجٌ بهائجِهِ = وموجُ تيّارِهِ الدامي بهِ ارتمسا؟
وما على مثلِهِ أنْ يستكينَ لها = مروّضُ الحربِ فرسانًا ومفترسا
وإنَّ رقْبَتَهُ والسّيفَ مِنْ أزلٍ = ليلى وقيسٌ..ولكنَّ الغرامَ قسا
سبعونَ هولاً وسبعٌ فوقَ سبعتِها = هُدّتْ عليهِ فهدَّ الكونَ وانبجسا
مزلزلاتٍ وما زُلَّتْ لهُ قدمٌ = وخانقاتٍ ولم تقطَعْ لهُ نفَسا
ولم يبالِ بمَا بالتْ بهِ أممٌ = بادَتْ فبادَ بها الإصرارُ وانطمسا
أشدُّ ما كانَ يسعى أنْ يواجهَهُ = الخالسانِ؛ الردى والموتُ إنْ خلسا
أوجاعُهُ لمْ تكُنْ حلاً يثوِّرُها = للنصرِ .. فاستنفرَ الآجالَ واحترسا
أكفانُهُ حمَّرَتْها الشمسُ فاشتعَلَتْ = فيها المنايا..كَلَيْلٍ أرشدَ القبسا
جفّتْ أمانيُه الخَجْلى بأعيُنِهِ = وظلَّ إحساسُهُ العذريُّ محتبِسا
أقسى مرامِيهِ أنْ يمتدَّهُ وطنٌ = يعيشُ ضحكتَهُ حتّى وإنْ عبَسا
على تباشيرِهِ تشدو مزقزقةً = أحلامُه البِكرُ .. فافْتُضَّتْ بِهِ غَلَسا
ما شاطرَ المجدُ حظًّا مرديًا نحسًا = إذَنْ لأرْدَاهُ دونَ الرَّوْعِ وانتكسا
وإنَّ شاهقةَ الأرواحِ ليسَ لها = مِنَ العروجِ سوى ما تبلغُ القُدُسا
وإنَّ وارفةَ الاوطانِ قائمةٌ = على دوارِسِها فاستنطِقِ الرَّمسا
وليسَ مسترخصُ الأقدارِ يدركُها = إنْ كانَ مستدركُ الأعمارِ قد شرسا
ما قارعَ السلطةَ الحمراءَ خانعُها = وهدَّ أركانَها السوداءَ مَنْ جلسا
ولا تغنَّى بنفسٍ عزَّ مرتعُها = يستشعرُ الذلَّ مَنْ يسشعرُ الوجسا
وأيُّ مرتَفَعٍ تهوي الأصولُ بِهِ = مَنْ يَحكمُ الأسَّ قد لا يُحكمُ الأسسا
عصا البطولةِ إنْ تُلقَ ستلقِفُ ما = قدْ يصنعونَ لها والليلَ والعسسا
تشقُّ بحرَ الدُّجى برًّا لعابرِهِ = لضفَّةِ النورِ حيثُ الخيرُ ما التمسا
أما رأيتَ حسينَ اللهِ فاضَ إبًا = في منحرِ العزِّ حتّى أغرقَ اليَبَسا
للطفِّ رَوحٌ تَنَاهَى سرُّها شغفًا = مَنْ مَسَّها هَانَ في عينيهِ مَنْ لمسا
وضوعُ عرفانِها الزاكي استطابَ بهِ = وعيٌ.. فباحَ بِهِ عشَّاقُهُ همسا
فشدَّ شاردَها الأحرارُ في دَمِهِ = أنَّى يولّي سيرجعُ مرغمًا يأسا
ولمْ يخلِّ لطهرٍ عذرَ واعيةٍ = وأباحَ واهيةَ الدّنيا لمَنْ دنسا
وقفًا على كبرياءِ الطفِّ أعينُهُ = عينًا لمَنْ جدَّ والأخرى لمَنْ قعسا
مستكرهًا عِصَمَ الأخطارِ في رهطٍ = ما استعصموا دونَهُ نفْسًا ولا نَفِسا
الباذلينَ لفرطِ الموتِ موتَهُمُ = حتّى بكى وبكَوْا والموتُ قَدْ أنسا
هم فتيةٌ آمنوا أنَّ الحسينَ هدًى = فلم يزِدْهُمْ على استشهادِهِمْ هَوَسا
أولاءِ مَنْ غَرسوا أرواحَهم أثرًا = فاستمطَرُوا النصرَ حتّى فيهِمُ غُرِسا
إنَّ المروءاتِ تستعري مروءتَها = في ساعةِ الصفرِ...لكنَّ الحسينَ كَسَا
وما تجابِهُهُ سُودُ الجباهِ سوى = مَنْ رقَّعَ العارُ فيها الخزيَ والتَّعسا
أو قصَّرَتْ عنْهُ إلا مِنْ مقاصرِها = في الدينِ واللبسِ .. صارَ الدينُ ملتبسا
إنَّ النبوءاتِ أحلامٌ مؤوَّلَةٌ = في كربلاءَ على قتلٍ وسبيِ نِسَا
دُرْنَا الفصولَ ودارَتْ في نوائبِنا = إلا الربيعَ عسى أنْ نستريحَ .. عسى
والفجرُ يرسمُ خيطًا مِنْ أناملِهِ ال=بيضاءِ للشمسِ حتّى تنسجَ العرسا
يا عشبةَ الخلدِ هذا الرفضُ تمنحُهُ = سرًّا عصيًّا على الأقدارِ ما حلسا
يا سادنَ الدمِّ .. هذا مُنْتَهى وجَعِي = إنْ يخرسِ الجرحُ هذا الدمُّ ما خرسا