الفقرة الأولى
يا زائرَ الحسينِ هل=تدري عليهِ ما جرَى
تزورُ جسماً جرَّحُوا = جبينَه و المنحرَا
و حينما هوى أتى = يغُزُّ فيه الخِنجرا
و في الظلامِ جاءَهُ = يحِزُّ منهُ الخُنصُرَا
يقولُ قد قَطَعْتُهُ = و عظمُه تكسَّرا
لهُ السلامُ بالسها = مِ صدرُهُ تشجَّرا
فهاهنا يا جابرٌ = يدفِنُهُ أهلُ القُرى
و ها هنا أكبَّهُ = الشمرُ على حرِّ الثرَى
على القبرِ الذي فاضتْ = عليهِ دمعةُ الطفلِ
على القبرِ الذي داستْ = عليهِ قسوةُ الخيلِ
وقفنا نندبُ المولى = و نشكو غُربةَ الثكلِ
و لكن وحدَها الحورا = تُعزيكم على التلِّ
ربَّ السماءِ .. بالشهداءِ = اسمع ندائي .. و اقبلْ دعائي
و عاد الركبُ من حزنٍ = و عادت عمتي زينبْ
فمسبيٌّ و مضروبٌ =و ظهْرٌ مُنهكٌ أحدَبْ
و وجهٌ ذابلٌ ظامٍ = و خدٌّ طاهرٌ مُترَبْ
و طفلٌ قال يا عمَّة = أنا مِن ضربِهم مُتعبْ
إلى الحسينِ .. أمشي بحزنِ = دامي الجبينِ .. تبكيه عيني
أخي فمَن يُداري = بين العِدا صغاري
دربُ السِبا طويلٌ = يشوبُهُ الألمْ
نلوذُ بالفرارِ = نمسكُ بالخمارِ
من حاقدٍ خؤونٍ = يروِّعُ الحَرَمْ
في الليلِ و النهارِ= نمشي على القفارِ
تورَّمت مُتونٌ = و قرَّحت قدمْ
بالعزمِ و الوقارِ = نمشي بلا انكسارِ
بقوةِ الصمودِ = نواجِهُ الظُلَمْ
***
الفقرة الثانية
تقشَّرت وجوهُنا = في الشامِ يابنَ فاطمة
تجرُّنا سلاسلٌ = تمشي النساءُ راغمة
و إن وقفنا ساعةً = تمتدُّ أيدٍ آثمَة
تلويْ على مُتونِنَا = سوطَ العذابِ لاطمَة
قد أسلموا رقابَنا = لزمرةٍ مُهاجمة
فواحدٌ يسبُّنا = يُلقي علينا اللائِمَة
و آخرٌ يضربُنا = أكفُّ ليستْ راحمَة
صبراً على البلاءِ يا = أرواحَنا المقاومة
أخي يا خامسَ العترة = أرى في وجهك الزهرا
أرى جسماً و لا رأساً = أرى رأساً و لا نحرا
و في الأضراسِ آثارٌ = عمودٌ ينكُتُ الثغرا
و حولَ الرأسِ عربيدٌ = يزيدٌ يشربُ الخمرا
نبكيكَ جهرا .. دمعاً و جمرا = قلبٌ تفرّى .. يزدادُ صبرا
على حزنِ الصغيراتِ = يزيدٌ يُكثرُ اللهوا
يصبُّ الماءَ في الرملِ = أمامَ الأعينِ زهوا
يقولُ الطفلُ عُطشانٌ = فهل من شربةٍ أُروى
أنا طفلٌ و إيماني = على ظلم العدا يقوى
يا للظليمة .. شامٌ أليمة = صاحت يتيمة .. صِرتُ هضيمة
قال لها الأميرُ = خادمةً تصيرُ
قالت إليهِ كلا = بالدمعِ أنتصِرْ
قال لها الوزيرُ = أسْرٌ هو المصيرُ
قالت له بقيدي = هيهاتَ أنكسِرْ
قال لها المسيرُ = يحرِقُهُ الهجيرُ
قالت له فداءً = للدينِ أصطبِرْ
قال لها القبورُ = عليكُمُ تثورُ
قالت له بأني = للموتِ أنتظِرْ
***
الفقرة الثالثة
يا كربلا جئناكِ و ال = رأسُ الشريفُ يهتفُ
الرمحُ آذى جرحَه = و الجرحُ صار ينزفُ
كأنهُ على القنا = محمّدٌ و مِصحفُ
تنزّلتْ عليهِ في = الطفِّ قلوبٌ تلهفُ
تمشي إلى جراحِهِ = على الرَّدى و تزحفُ
و هل رأيتَ روحَهُ = إلى السّما تُرفرفُ
إن الحسينَ ظامِئٌ = و مِن إباءٍ يغرفُ
و هل رأيتَ ظامئاً = منهُ الوجودُ يَرشِفُ
و في كفَّيهِ إصرارُ = و في عينيهِ أَذكارُ
رمَى الجُندَ بإيمانٍ = فخافوا منهُ و انهاروا
فإنْ قامتْ له حربٌ = سيُرديْ الظلمَ بتّارُ
ألا مِن ناصرٍ ، قلنا = فداءً نحنُ أنصارُ
كف قطيعة .. عند الشريعة = يوم الفجيعة .. أدموا رضيعه
أبا الأحرار أقسمنا = من المهد إلى اللحد
نلبي نحرك الدامي = نعلّي هذه الأيدي
فأنت الآية الكبرى = و باب الله و الخلد
سنبقى صرخةً حرّى = على العهد على العهدِ
بالتضحياتِ .. أحيي مماتي = و بالهداةِ .. أبني حياتي
و تهتفُ الحناجرْ = لن نتركَ الشعائرْ
و نفتدي حسيناً = بأحمرِ الدَمِ
و مِن جراحِ عاشرْ = ستصرخُ المنابرْ
إن الحسينَ لحنٌ = يسمو على فمي
صوتٌ مِنَ المنائرْ = يموتُ كلُّ جائرْ
إن الطفوفَ درسٌ = لكلِّ مُجرمِ
وجهِّزوا المقابرْ = فموتُنا مُكابرْ
و يا شعوبُ قومي = للشمرِ و اهزُمي
***
الفقرة الرابعة
لا بابَ غيرَ بابهِ = إلى الجنانِ يُطرقُ
و لا حسينَ غيرُه = مكابرٌ مُمزّقُ
يدرِّبُ الموتَ على = الحياةِ و هو يشهقُ
و في جبينِهِ الإبا = ءُ كوكبٌ مُعلَّقُ
يكسِّرُ الأصنامَ في = العقولِ حينَ ينطِقُ
الدينُ فكرٌ شامخٌ = و الظلمُ فكرٌ مُغلقُ
لم يحتكرْهُ مذهبٌ = أو فكرةٌ أو منطِقُ
إن الحسينَ ثورةٌ = معناهُ لا يُضيَّقُ
يشعُّ الكونُ من دمعة = إذا سالتْ على الخدِّ
فلا تدمعْ على ثكلٍ = و لا تجزعْ على فقدِ
و قل يا عينُ فابكيهِ = بكاءَ الشوقِ و الوجدِ
ثوابُ الزائرِ الباكي = جنانُ اللهِ في الخلدِ
أحنِ ضلوعَك .. واشعلْ شموعَك = و اجعلْ دموعَك .. تبكي شفيعَك
حسينيُّونَ لا نرضى = بغيرِ الحقِّ يا شمرُ
إذا كنتم أذلاءً = ففينا يحتفي العمرُ
لأنّا صرخةُ الدينِ = بعزمٍ يصرخُ الحُرُّ
ينادي صوتُهُ فخراً = مصيرُ الثائرِ النصرُ
و كلُّ تهمة .. على الأئمة = تصيرُ نجمة .. تمسحُ ظُلمة
إن لاحتِ المنارة = قفْ و اقرأ الزيارة
و اذكرْهُ حين داستْ = عليهِ أرجلُ
يا وارثَ الرسولِ = يا مهجةَ البتولِ
كيفَ الدماءُ سالت = و الرأسُ يُفصَلُ
يا وارثَ الخليلِ = يا صفوةَ الجليلِ
عليكَ في السماءِ = يُقرأُ مَقتلُ
يا وارثَ الذبيحِ = وقفتُ بالضريحِ
أشكو همومَ قلبي = منكَ التّفَضُّلُ