الذبيح .. في رثاء علي الأكبر عليه السلام
ديوان الشيخ محسن أبو الحب
صبرت وما مثلي على الهول صابر= كذا فليكن من حاربته المقادر
بليت بما يوهي الجبال أقله= ولو أنها بعض لبعض مظاهر
فؤادي ودمعي من أسى الوجد ذائب= وحزني معقود وبشري نافر
كفاني أن لا ترى النوم مقلتي= ولا زار قلبي بالمسرة زائر
ولا بات سمعي للغنا متطربا= ولا أنا يوما لذة العيش ذاكر
صفا عيش أهل الجهل حتى كأنهم= على كل من فوق البسيطة ذاكر
وناهيك خطبا أن أيدي قصارهم= تراع لها حتى النجوم الزواهر
لياليهم بالمضحكات زواهر= وايامنا بالمبكيات دواجر
لنا منهم عن كل خير زواجر= وليس لهم منا عن الشر زاجر
إذا ما دعوا لباهم كل سامع= ويخذلنا حتى القريب المصاهر
أماتوا حدود ألله فهي دواثر= وأحيوا حدود الشرك فهي عوامر
ستجلى ليالي الهم عنك بواضح= من الحق يعلو ضوؤه وهو سافر
ويبدو لواء الحق يخفق ظلة= وتأتيك من هنا وثم البشائر
هناك ورود الموت أعذب مورد= إذا نفرت عنه النفوس النوافر
أرى كل من تحت السماء وفوقها= تمناه حتى ما تجن المقابر
أجيبك من ركب يميل تطربا= إلى الحرب أنى سعرتها المساعر
كنوز رجال كالحديد قلوبها= قديما لنصر ألله هن ذخائر
تعج إشتياقا كالذياب إلى الوغى= وليس لها عن نصرة ألله زاجر
بثأر حسين يا لقومي شعارهم= لك ألله من ثأر به ألله ثائر
لئن الف الخذلان فيه أوائل= فلم يألف الخذلان فيه ألأواخر
ستأتيك منها كالغيوم كتايب= لها مثل أصوات الرعود زماجر
ألا من رأى ضيفا ألم بمنزل= تولت قراه الماضيات البواتر
سوى من ألمت بالطفوف ركابه= وجعجعها فيها القضا المتواتر
دعوه فلباهم فأصبح بينهم= تدور عليه بالحتوف الدوائر
نوى حجه في مكة فأتمه= بوادي الطفوف حيث تلك المشاعر
ألم تره كم ساق هديا مجادلا= رضى ألله فيما ساقه وهو شاكر
كذا قربات الخاشعين لربهم= إذا قربوا لأظؤنهم وألأباعر
ولو لم يكن إلا إبنه لكفى به= فداء إلى أن يحشر الناس حشّر
لأنت خليل الله حقا ونجلك= الذبيح وليلى في التحمل هاجر
ألؤلؤة البحر الذي دون سيبه= تتيه عقول حيرة وبصائر
بأي خواف أم بأي قوادم= إليك يرقى في المنية طائر
وأي يد مدت إليك بغايل= أناملها مجذومة وألأظافر
وعن أي قوس جاء سهم بن مرة= إليك بأقداح المنون يبادر
وفي أي حق أصبحت أرض كربلا= يروي ثراها من وريديك هامر
ووألله لولا خيفتي ألسن الورى= وقيلهم ذا تايه الرشد كافر
لقلت مجاني كربلاء هي التي= بحج فناها فأرض الحج آمر
تفاخر بألأصداف تلك وهذه= بما ضمت ألأصداف أضحت تفاخر
ولو أنها إستطاعت لأقبل بيتها= تحف به أركانه والمشاعر
إلى أن تراه طايفا حول كربلا= مناسكه إعواله المتجاهر
وكم طفت في أكنافها متفكرا= أشاهد فيها ما به اللب ذاعر
أرى شمس قدس دونها بدر مفخر= وأنجم سعد كلهن زواهر
وهيج لي فيها البكاء مراقد= لهن زفيري والجوى المتساعر
بكيت جسوما فارقتها رؤوسها= قضت وطرا فيها الخيول الضوامر
بكيت حريما فارقتها حماتها= وليس لها عن أعين الناس ساتر
أحبائي ما وفيت حق ودادكم= أعيش وأنتم في اللحود غوابر
ووألله لو قطعت فيكم جوارحي= كما قطع الشاة النحيرة ناحر
لما كنت إلا في الوفاء مقصرا= ألا إن مثلي عن مدى ذاك قاصر
ألآن تشفيني الدموع وإنما= الدموع شرار من جوى متطاير
لي الويل مالي لا أموت تحرقا= عليكم ومالي موت نفسي أحاذر
أما سمعت أذناي ناع نعاكم= أما خطرت منكم بقلبي خواطر
إليك عليّ بن الحسين زففتها= عروسا لها رضوان ربك ماهر