الغدير والزمن
ديوان أنوار الولاء - السيد هاشم الهاشمي
إلى أين تبحر هذي النفوس= ويرحل هذا السحاب الندي
تنقّل عبر رفيف الظنون= وأومأ كفّيه للموعد
تنقّل عبر صحارى الضياع= تلوح علی دربه الأسود
وشقّ المتاهة عبر الحياة= يلملم ظلّ المنى الشرد
وأحلامه خلف كون الضباب= تطِلّ كإشراقة الفرقد
وجنّ المدى برياح العذاب= تسرّب في وحشة المشهد
هنا التَهَم الركب ليل الشقاء= وأمحل فيه ظلام الغد
ولمّا تثاءب جمر الجنون= وماتت بقاياه في الموقد
هنا .. وقف الركب بعد الصراع= وأومأ كفّيه للموعد
وخطّ على شرفات الزمان= حروفا يقيم بها المهتدي
أتسأل عن ذكريات الرسول= وكيف تحدّى جبال المحال
وثورته في لهيب المخاض= تعال لنحيى بتلك الليال
هنالك من هبّ رغم التساؤل= ينداح في نظرات الرجال
هنالك من هبّ في وعيه= يخوض الرياح ويطوي الجبال
ليمتدّ ظلّ شعاع الهدى= ويفرش بالعطر تلك الرمال
وعند ارتعاشة ليل السكون= يقوم على همسات الخيال
يُحدّق في قسمات السماء= ويمتدّ من راحتيه ابتهال
وجود يذوب بدفء الهدى= وقلب يهيم بتلك الظلال
تعال لنسأل عنه الفتوح= تحدّى سيوف العدى والنبال
يدور مع الحقّ أنّی يدور= « علي » وللحقّ أغلى منال
ولكنّ خلف قلوب الرجال= تعيش بقايا عصور الشقاء
فهبت لتوقظ فيها الجذور= وتمتصَّ لعنتها ما تشاء
وللشرّ ألف جحيم يشبّ= إذا جبنت في العروق الدماء
إذا الوعي تصمت أنفاسه= إذا الاُفق يغلق عنه الضياء
بني الدين ، فالجيل في غفوةٍ= تُخدّره زعقات الغباء
وقد آن للجيل أن يستفيق= ويصرخ في الكون إنّا ظماء
فملؤ الحياة ضبابٌ ثقيلٌ= ويبحث بين الضباب الشفاء
وفي كل أرضٍ تشب الشرور= لتقذف أجيالها للفناء
بني الدين .. لا الحلم عبر الشعور= ولا الحرف يحمل صوت الرجاء
لنعمل .. كفّ تبيد الشرور= وكفّ تعبّد درب السماء