أَسَدٌ بأسْرٍ، والكلابُ تحوطُهُ (استشهاد الإمام الكاظم عليه السلام)
مرتضى الشراري العاملي
أَسَدٌ بأسْرٍ، والكلابُ تحوطُهُ
(استشهاد الإمام الكاظم عليه السلام)
منصورُكم لا لم يكنْ منصورا=ورشيدُكم يأتي غدًا مثبورا
وجميعُ أحذيةِ البلاطِ فإنهم=رِجسٌ يعاقرُ شَقوةً وخُمورا
غَرِقوا ببَحْرِ المُنكراتِ فلمْ يُروا=إلا سُكارى تحضنُ الطُّنبورا
لمَّعْتُموهم بُكرةً وعشيةً=فغَدوا لعسكرِ مدحِكم ماخورا
وجعلتمُ ثغْرَ الثناءِ على الغِوى=ثغرًا يجسِّدُ مُجْرمًا مأْجورا !
قد غرَّكمْ وجهٌ لهمْ ذو لمعةٍ=فظَننْتموهم لؤلؤًا منثورا
لكنّهم رِجسٌ تولّى إمرةً=لبِسَ العِمامةَ فاجرًا مغرورا
ستَروْنَهم يومَ الحسابِ ندوسُهم=كالذرِّ قد وَجَدوا هناك ثُبورا
لهْفي على موسى بنِ جعفرَ يستوي=صبحٌ وليلٌ عندَه، مأسورا
دفنٌ بلا موتٍ، وقد ظلَّ الهدى=لسنينَ في جوفِ الثرى محْصورا
مطمورةٌ في الصيفِ تحرِقُ من بها=ويظلُّ في بردِ الشِّتا مقرورا
لا يستطيعُ بها القيامَ، وثانيًا=رِجْليهِ مِن ضيقٍ بها مجْبورا
ثقبٌ صغيرٌ، لو أرادَ تنفُّسًا =منهُ تَهُبُّ سياطُهم تحذيرا
هارونُ كان أخًا لموسى، إنّما=هارونُكم آخى خَنًا وشرورا
ظلَّ الهدى جَلْدًا حليمٌا لا يُرى=إلّا وقورًا في البلاءِ صَبورا
بعبادةٍ قد أدهشَتْ سجّانَه=كانتْ تفوحُ من الترابِ عُطورا
لا يَسمعَنَّ مِن الترابِ أنينَه=بل يسمعُ التسبيحَ والتكبيرا
أَسَدٌ بأسْرٍ، والكلابُ تحوطُهُ=تهوى النباحَ ولا تُطيقُ زئيرا
أمّا اللعينُ ففي السُّلافةِ غارقٌ=قذِرٌ يعانقُ سندسًا وحريرا
والغانياتُ يمينَه وشَمالَه=ينثُرْنَ وَرْدًا فوقَه وزُهورا
وابنُ الرسولِ بقيدِه وحديدِه=يُمْضي السنينَ معذَّبًا مقْهورا
يا سيدي إنّ الفؤادَ مُصدَّعٌ=والقهرُ يشبِهُ في الضلوعِ سعيرا
والدمعُ في الوجناتِ يجري ساقيًا=أرضَ القصيدةِ أحرُفًا وسُطورا
ونظلُّ نلعنُ ما حيينا زُمرةً=جعلتْ حياةَ الطاهرينَ قُبورا
سَرَقتْ عُروشا لم تكنْ لتنالَها=لولا الأوائلُ أحْكَموا التدبيرا
وعَدَوا على إِرْثِ الرسولِ وأَمرِه=وبدينِهِ قد غيَّروا تَغييرا
فإذا بمِنبرِهِ الشريفِ ركابُهم=وإذا بِهم مَلِكًا غَدَوا ووَزيرا
فاعوجَّ عيشُ الناسِ، وانطَفَأ الضُّحى=والأُفقُ عانى الطَّمْسَ والتَّكْديرا
واليومُ نضرعُ للإلهِ وصَوتُنا=أمسى بَليلًا بالدموعِ جَئيرا
أنْ يُظْهِرَنَّ الربُّ أمْرَ وليِّهِ=فتَرى البلادُ إمامَها المستورا
وتذوقَ عدْلًا بعدَ جوْرٍ عَمَّها=وتعيشَ بعْدَ قيودِها التحريرا