ما زال يبكي الفجر (استشهاد مولانا أمير المؤمنين عليه السلام) مرتضى الشراري العاملي
ما زال يبكي
الفجر
(استشهاد مولانا
أمير المؤمنين
عليه السلام)
لجمَ القلوبَ عن السعادةِ مُلجَمُ=وبسيفِه ما زالَ صفوٌ يُثلَمُ
عجبًا لها رأتِ الوصيَّ مُدَمَّيًا=وتظلُّ تسطعُ في السماءِ الأنجمُ
ما زال يبكي الفجرُ، حتى قد غدت=عيناه حُمرًا، والضحى يتألّمُ
والحزنُ والمحرابُ صارا توأمًا=وحشا الموالي والتفجّعُ توأمُ
ما زال صوتُ الوحيِ يُسمَعُ في المدى=ركنُ الهدى يا مسلمونَ مهدَّمُ
ضربَ السجودَ، فكيف صلّى سيفُه=ومضى يكبِّرُ للصلاةِ ويُحرِمُ
لو كان قد سألَ الجدارَ أجابَه=وحجارةَ البيتِ العتيقِ ستُقسمُ
أنَّ الوصيَّ هو الهدى كلُّ الهدى=والسيفُ، ذاتُ السيف، حتمًا يعلمُ
ماذا نَقِمتُم من عليٍّ ويلَكم؟=مَن ذا الذي مِن شمسِ صبحٍ يَنقِمُ؟
لو قدْ عرفتم مَن عليٌّ في السما=لوَعيتمُ هولًا أتاهُ المجرمُ
رأسَ العدالةِ قد ضربتمْ، هل لكم=من بَعدِه إلا الغشومُ الأظلمُ
لستم بأهلٍ للعدالةِ والهدى=الشوكُ معشوقٌ لكم والعلقمُ
أوّاهُ، كمْ في الكونِ من دمعٍ جرى=لمّا جرى للمرتضى هذا الدمُ
حزنٌ يقيمُ على الضلوعِ وفي الحشا=يحكي أقلَّ قليلِه مني الفمُ
للهِ جُرحٌ راحَ تنزفُ إِثْرَهُ=كلُّ العصور، على الوجودِ يخيِّمُ
وأكادُ أسمعُ للبلاغةِ نَوْحَها=تبكي عليًّا، والخطابةَ تَلطِمُ
وكأنّني بالعدلِ والعِلمِ الهدى=والزهدِ يجمعُها عليه المأتمُ
يا ثارَ ربِّكَ، ليس ثأرُكَ خامدًا=سرعانَ ما يأتي فتاك القائمُ
فيعيدُ دينَ اللهِ غضًّا يانعًا=ويُشيدُ عدلًا والضلالةَ يَهدِمُ
للهِ أبرأُ مِن عِداك قديمِهم=وجديدِهم، والرفضُ منّي دائمُ
وأظلُّ ألعنُ قاتليكَ بأحرفٍ=لا تنتهي أبدًا ولا تتكتّمُ