هيَ بضعةٌ منَّي
ديوان نور على نور - ماهر الشهابي البحراني
أَدِمِ الأسى حُزنًا بطولِ بُكاءِ = لا شيءَ أقسى من جوى الزهراءِ
لا شيءَ أقسى من فؤادٍ يشتكي = في عُمرِهِ، همًا وطُولَ بلاءِ
قد كابدتْ غَصْبَ الخِلافةِ صُلبةً = رغمَ الأذى ومَرارةِ الأرزاءِ
فكأنَّها جَبلٌ بكُلِّ تَجلُّدٍ = أضحى يَنوءُ بأثقلِ الأعباءِ
إنْ قيلَ: (فاطمةٌ) تَخالُ جَلالَها = بالنورِ يَكتبُ أقدسَ الأسماءِ
هل ثمَّ مَن يدنو لها، ومقامُها = في فضلِهِ يسمو على العلياءِ؟!
وهي التي ربي بَراها للورى = شيئًا يَفوقُ بدائعَ الأشياءِ
خَلقًا كريمًا كاملاً ومُكمَّلاً = ورداؤهُ طُهرٌ بكلِّ نقاءِ
حَوراءُ في ملكوتها، أنسيةٌ = ولها فَخارٌ زاخرٌ مُتنائي
ربي إصطفاها عِلَّةً غائيةً = تكوينُها للخلقِ شَرطُ بَقاءِ
هيهاتَ من بعد (الرسولِ) (وحيدرٍ) = فيما يُقالُ بأصدقِ الأنباءِ
أنَّ (البتولَ) وجودُها خيرٌ من الأ=كوانِ والأملاكِ والأحياءِ
لا شيءَ يُقبلُ للورى من دونها = فَرضا (البتولةِ) أفضلُ النَعْماءِ
بالعدلِ والاحسانِ يُدرَكُ كُنهُها = وبها جزاءُ (اللهِ) خيرُ جَزاءِ
تَعْسًا لمَنْ جَحدوا لها أفضالَها = وتطاولوا ظُلمًا بدون حَياءِ
إذ أحرقوا دارَ النبوةِ واستبا=حوها أذًى بجريمةٍ نَكراءِ
هُم أُركسوا في فتنةٍ، مُذْ أجمعوا = أنْ يركنوا لقيادةِ الأهواءِ
فكأنَّ (طه) لم يَقُلْ في (فاطمٍ) = قولاً بمسندِ جملةِ الفُرَقَاءِ
"هيَ بضعةٌ منَّي، لَيؤذينيْ الذي = يُؤذيْ (البتولةَ)"، وهوَ مِن خُصمَائي
يا ليتَهُ رمقَ الضلوعَ تكسَّرتْ = وتخضبَّتْ وا حسرتي بدماءِ