أرجوزة في قصة توبة بشر الحافي على يد الإمام باب الحوائج موسى بن جعفر الكاظم (ع)
إلهنا الغفارُ والمعافي=تاب على المذنبِ بشرِ الحافي
من كانَ بالغناءِ والفجورِ=يقضي لياليهِ وبالخمورِ
يبذِّر الأموالَ في المعاصي=حتى أتتهُ لحظةُ الخلاصِ
وسبَّبَ الله له الأسبابا=ثم أتى مستغفراً وتابا
إذ مرَّ من قد هذَّب النفوسا=وكاظمُ الغيظِ الإمامُ موسى
عليهِ وهو في الذنوبِ غارقُ=وقلبُهُ للغانياتِ خافقُ
وعندها قدْ خرجتْ جاريةْ=كي تلقيّ القمامةَ الباقيةْ
لمَّا رآها سيدُ الأكارمْ=قال إمامُ الناسِ موسى الكاظمْ:
من يا تُرى صاحبُ هذي الدارِ=هل هو عبدٌ أم من الأحرارِ؟
ردَّتْ عليه والجوابُ مرُّ=بأن مولاها طليقٌ حرُّ
قال : صدقتِ غرَّهُ هواهُ=لو كانَ عبداً خافَ من مولاهُ
فعادتْ الجاريةُ إليهِ=فما الذي أبطأها عليهِ؟
قصَّتْ عليه ما جرى فكبَّرْ=وقلبُهُ بالوعظ قد تأثرْ
من بعد ذا سارَ إلى الإمامِ=حافٍ لكي ينجو من الظَلامِ
وعاد حتى صار بالألطافِ=من أعبدِ العبَّادِ بشرُ الحافي
Testing
10 رجب الأصب 1432ه
13 يونيو 2011م
قصة بشر الحافي
في عصر الإمام الكاظم عليه السلام كان يعيش في بغداد رجل معروف يقال له بشر. وكان ممن يشار إليه بالبنان، وحدث يوماً أن كان الإمام الكاظم عليه السلام ماراً من أمام بيت بشر، وكانت أصوات اللهو والطرب تملأ المكان، فصادف أن فتحت جارية باب الدار لإلقاء بعض الفضلات، وحين رمت بها في الطريق سألها الإمام عليه السلام قائلاً: "يا جارية! هل صاحب هذه الدار حر أم عبد"؟!
فأجابته الجارية وهي مستغربة سؤاله هذا وبشر رجل معروف بين الناس، وقالت: بل هو حر!! فقال الإمام عليه السلام: "صدقت، لو كان عبداً لخاف من مولاه".
الإمام عليه السلام قال هذه الكلمة وانصرف. فعادت الجارية إلى الدار وكان بشر جالساً إلى مائدة الخمر، فسألها: ما الذي أبطأك؟ فنقلت له ما دار بينها وبين الإمام عليه السلام، وعندما سمع ما نقلته من قول الإمام عليه السلام: "صدقت، لو كان عبداً لخاف من مولاه" اهتز هزاً عنيفاً أيقظه من غفلته، وأيقظه من نومته، نومة الغفلة عن الله. ثم سأل بشر الجارية عن الوجهة التي توجه إليها الإمام، فأخبرته فانطلق يعدو خلفه، حتى أنه نسي أن ينتعل حذاءه. وكان في الطريق يحدث نفسه بأن هذا الرجل هو الإمام موسى بن جعفر عليه السلام، وفعلاً ذهب إلى منزل الإمام فتاب على يده، واعتذر وبكى، ثم هوى على يدي الإمام يقبلها وهو يقول:سيدي أريد من هذه الساعة أن أصبح عبداً ولكن عبداً لله، لا أريد هذه الحرية المذلة التي تأسر الإنسانيّة فِي، وتطلق العنان للشهوة الحيوانية. لا أريد حرية السعي وراء الجاه والمنصب، لا أريد حرية الخوض في مستنقع الذنوب وأغدو أسيراً لها، لا أريد أن تؤسر فِي الفطرة السليمة والعقل السليم. من هذه الساعة أريد أن أصبح عبداً لله ولله وحده، حُراً تجاه غيره.
وتاب بشر على يد الإمام الكاظم عليه السلام، ومنذ تلك اللحظة هجر الذنوب ونأى عنها وأتلف كل وسائل الحرام، وأقبل على الطاعة والعبادة. بشر هذا هو مهاجر أيضاً لأن "المهاجر من هجر السيئات".
العلامة الحلي, منهاج الكرامة, ص 59(بتصرف)