حوار وعظي بين أب مشرف على الموت وابن لا زال الباب مفتوحا أمامه للعمل
الولد :
يا أبتِ ما لي أرى =دمعاً بخديكَ جرى؟
هل أنت في مصيبة=وعضةٍ كئيبة؟
الأب:
إنّي أيا ولدي =قدْ عشتُ في كَبدِ
وضاع َ ما بيدي = في سالف الزمن ِ
وقد أتى أجلي =يا نفسُ فارتحلي
للدائم ِالأزلي=فالموتُ حاصرني
الولد:
ماذا دهاك يا أبي = تحيا عظيمَ الكربِ
تعيشُ غصة َ الأسى = بلا لعلّ أو عسى
الأب:
إبليس زيَّنَ لي = خبائثَ الزْلل ِ
فصرتُ من خبلي = أصلى لظى النار ِ
حَرَقْتُ أوراقي = وليس إنفاقي
للدائم ِالباقي = سقطتُ في النَّار
الولد:
آلمتني يا أبت ِ = يا غارقا ً في الحسرة ِ
تذوق طعمَ َالغصّةِ = بلوعةٍ ودمعةِ
الأب:
قد انقضى العمرُ = أردى بي الشرُ
فإنني الصفرُ =في البرِ والخيرِ
أمضي بلا زادي = ليوم ميعادي
فليس لي واق ِ = ينجي من الضرِ
الولد :
وكيف سرتَ هكذا = تلهو بذاك أو بذا
قل لي من البدايةِ = حكاية َ الغوايةِ
الأب:
غفلتُ عن امري = أعرضتُ عن ذكري
لله في عمري = فأنني الأعمى
ران على قلبي =ذنبّ على ذنبي
فتهت عن دربي = سأحشر أعمى
الولد:
بئسَ الطريقُ يبتدي = بالغفلةِ وينتهي
بالضيق ِ والمصائب ِ = والنار ِ والعقارب ِ
الاب:
وكنت أجلس في = مجالسَ الترفِ
أحيا بلا هدف ِ =تبعتُ شيطاني
قد انقضى ليلي = والصبحُ في الجهل ِ
ويلي من الذل ِ = في وسط نيران ِ
الولد (يقول لنفسه):
لا تغفلنّ فالردى = في الغفلة ِ عن الهدى
و اذكر حديث الغاشية =والنارُ فيها حامية
الاب:
لم أرحم ِ الضعفا =لم أصحب ِ الشُرَفا
فقلتُ وآ أسفا = في السر ِ والعلن ِ
لم أشكر النِعما = لم أتبع الحُكَمَا
لم أذكر الكرما = واللهُ أكرمني
الولد :
بالشكرِ تدوم النعم ْ = بل يتضاعف الكرمْ
فلتحمدوا الله العلي = على نعميه الجلي....