قدِ اقشعرَّت أظلةُ العرشِ=حينَ توارى عليُّ بالنعشِ
دفنت سرَّا =أمُّنا الزهرا
آهِ من ما قدْ جَرَى لي=بعدمَا قدْ غاب أحمدْ
لوعتي أنسُ الليالي=وَدُموعي تتوقدْ
غصصي ترثي لحالي=وهمومي تتحشَّدْ
والبلايا كالجبالِ=فوق صدري تتجسَّدْ
أبتِ بينَ الرمالِ= وعلى التربِ توسّدْ
ورجالٌ لا تُبالي=تركوا نعشَ محمدْ
ضيَّعوا الخطَّ الرسالي=بيدٍ للحكمِ تمتدْ
غصبوا إرثي ومالي=وخفاءُ القبرِ يشهدْ
أنا فاطمةٌ وهم قد أغضبوني= إذا متُّ ففي الظلمةِ شيِّعوني
وفي القبرِ الذي أُخفي فادفنوني= أنا بعد أبي باكيةُ العيونِ
أسيرةُ الأسى حليفةُ الشجونِ=فهم قد هجموا داري وأرعبوني
وهم قد غصبوا حقي وحاربوني=ومن أذيتي قد قربوا منوني
أنا أنفاسي الجراحُ=وقبضُ روحي ارتياحُ
بموتي غصَّتي تزاحُ=حياتي لوعةٌ نياحُ
أنا أمانةُ النبيِّ والوديعة=إذا أجريتُ دَمعي يُهملُ دموعَه
وإنني يومَ القيامةِ الشفيعَة=أعطاني الإلهُ رتبةً رفيعة
أنا قناتكم للجنَّة الوسيعة=أنا أمانُكم والقلعةُ المنيعة
فكم لقيتُ بعدَ طه من قطيعة=جورٌ وظلمٌ وانتهاكاتٌ فظيعة
وذقتُ المر في حياتي=وقد سجلتُ تضحياتي
وسرَّاً دفنوا رفاتي= وكان سيلُ الظلمِ عاتِ
قلمي يبكي دموعاً=لليالي الفاطمية
خطبُها كانَ مروعاً=وهيَ قدْ كانتْ ضحية
تنظرُ العينُ الجموعَا=أنكرتْ تلك الوصية
نكثهمْ كان سريعاً=في ضحىً أو في عشية
كان ياسينُ ضجيعاً=حينَ وافتهُ المنية
أصبحَ الحالُ فجيعاً=في مصابٍ ورزية
أشعلَ الحزنُ الشموعا=وابتدتْ تلكَ القضية
يخوضُ الناسُ من بعد النبيِّ خوضا=وبعدَ رفعةٍ ينخفضون خفضا
يغضونَ عن المُوصى إليه غضا=وقدْ كانت ولايةُ الوصيِّ فرضا
فماتَ القلبُ لا تسمع فيه نبضا=ضميرٌ ميتٌ والروحُ رُوحُ مرضى
إذا البضعةُ ترضى فالإله يرضى=وَصارَ الحبُ جرماً والولاء رفضا
وصار الشيعةُ ضحايا=ولاقوا شبحَ المنايا
وعاشوا أفظعَ البلايا=والجنةُ أحلى العطايا
وفاطمٌ تموتُ من بؤس الشقاءِ= وعاش الآلُ في نوحٍ وفي عزاءِ
فراقها فجَّر بركانَ البلاءِ=ثمَّ توالى ظلمُ أصحابِ الكساءِ
فحيدرٌ يُغدرُ بالحقدِ العدائي=والحسنُ المسمومُ يقضي بعناءِ
بكى القلب لما جرى في كربلاءِ= قتلُ حسينٍ ثمَّ ترويعُ النساءِ
أيامُنا صارتْ ليالي=وحشَّدوا جندَ القتال
وجاء أنصار الضلالِ=وآلُ البيتِ دون والِ
هكذا انحلَّت بلادي=بتجاراتِ البغايا
حينَ ماجتْ بالفسادِ=والذنوبِ والخطايا
بؤرةٌ صارتْ ونادي=كم رأينا من ضحايا
والخمورُ في ازديادِ=والملاهي والعرايا
مظهرُ الإغراءِ بادي=صار في كل الزوايا
إنهُ شرُّ حصادِ=تبتلي منه البرايا
هجمَ الكفرُ المعادي=فابتدت تلك القضايا
من وراء الاصطيادِ=أظهروا خبثَ النوايا
قد كانتِ البحرينُ للتقوى شعارا=كانت ملاذَ العلمِ روحاً ومنارا
كانَ الصلاحُ في قراها يتجارى=واليومَ من كثر المخازي يتوراى
قد كانت الجنةُ صارت بعدُ نارا=حيث بها الفسادُ يزدادُ استعارا
يُهدد الناس صغارا وكبارا=ووحشهُ يهجمُ ليلاً أو نهارا
وفي بلادنا الشرورُ= والناسُ صارت تستجيرُ
أفعالكم هي السعيرُ=وذنبكم ذنبٌ كبيرُ
سمعتنا نحو الحضيض في تردي=كن أيها الجيل بمستوى التحدي
كن لفساد الروح دوماُ في تصدي=قد جاوزوا الحدودَ وازداد التعدي
فلم يعد بكاؤنا للوضعِ يجدي=فكن لنشرِ الدين والأخلاق جندي
لا تفقد الآمال فالمأمولُ مهدي=كن مستعداً حينَ يأتي خيرُ وعدِ
سيأتي من خلف السحابِ=نصيرُ العدلِ والكتابِ
سأمنا العيشَ في الضبابِ=بالروحِ يُفدى والرقابِ
أيُّ جرمٍ أيُّ ذنب=قد رأيتم في علي
حينما جاءَ بقلبٍ=مؤمن مستبسلِ
أوجعَ الشركَ بضربٍ=من قويٍّ بطلِ
لم يخيفوهُ بحربٍ=شامخٌ كالجبلِ
قد تحالفتم بحزبٍ=بعدَ فقدِ المرسلِ
جاءَ من جاءَ بريبٍ=قال إن الحكمَ لي
أبفضلٍ أم بقربٍ=أم بنصٍ منزلِ
أم صلاحياتُ صحبٍ=تنكرُ النص الجلي
يا دائمَ الفضل على كلِّ البرية=نشكو إليكَ فقدَ خيرِ البشرية
وما جرى من بعد نكرانِ الوصية=أُقصي من أُقصي في تلك الرزية
ثم أتى بجرمهم بنو أمية= وعاد حكم الأمة للجاهلية
وحوصر الآل بأسوار قوية=إقامةٌ جبرية وعسكرية
قلوبُ الشيعةِ تطيرُ=بآل البيتِ تستجيرُ
توارى بالغيابِ نورُ= متى يا سيدي الظهورُ
يا عترةَ الأطهارِ فازَ من أتاكِ= قلبُ الموالين من الفراقِ باكِ
أنى له أن يعتلي نحو ذراكِ= لكنه اعتاض بمن يخطو خطاك
فالمرجعيات تربت في ثراكِ=بالأمس روحُ الله يعلو لسماكِ
واليومَ بهجتٌ على الوعدِ أتاكِ=قرت برؤية التقيِّ مقلتاكِ
ولن تنجح أي ضجة= قيادة الفقيهِ حجة
فدتْ عينيه كل مهجة=على خط الإمام نهجه