الشيخ الأديب الشاعر عباس الريس
الشيخ الأديب الشاعر عباس الريس، هو صاحب الفضيلة الشيخ عباس بن أحمد بن علي بن أحمد بن سالم بن حسين بن أحمد بن علي بن الشيخ عباس الريس .
مولده
ولد في قرية الدراز من قرى البحرين في الجهة الشمالية الغربية عام 1938 ميلادية. ينتمي إلى عائلة العلي - بتشديد الياء - التي لها مكانتها ألأجتماعية ولها شهرتها في الخطابة والأدب والشعر.
دراسته
تدرج في التعليم الحكومي النظامي من الابتدائي في مدرسة البديع الابتدائية ثم التعليم الثانوي بالقسم العلمي في مدرسة المنامة الثانوية بالمنامة. تخرج منها بعد نجاحه وحصوله على الشهادة الثانوية قسم معلمين وذلك عام 1960-1961. ثم أشتغل بالتدريس لمدة ثلاث سنوات فقط، وفي هذه الفترة درس مبادئ العلوم الدينية على يد العالم الكبير فضيلة السيد علوي الغريفي أطال الله بقاءه لأدارة حوزتة العلمية. وفي عام 1964 ميلادية سافر إلى النجف الأشرف مشتاقاً إلى دراسة العلوم الدينية الفقهية بصحبة فضيلة الشيخ عيسى أحمد قاسم، وهناك التقى بالعلماء الأعلام وأبتدأت حياته ألعلميه، وأخذ ينهل من مناهل مدينة النجف الفياضة بالفقه والعلوم ألأسلامية ويغرف من بحورها المتلاطمة من علوم أهل البيت عليهم أفضل الصلاة والسلام ما طاب له منها.
فقد درس على يد الفاضل الشيخ حبيب الطرفي شرح ألفية بن مالك ومختصر المعاني في البلاغة والمنطق. وعلى يد آية الله العالم المجتهد الشيخ حسين زاير دهام الجزء ألاول من كفاية الأصول وشرح ألافلاك وخلاصة الحساب. وعلى يد العالم المجتهد آية الله الشيخ عبد المحسن الغراوي الشرائع الأسلامية، وعلى يد حجة الأسلام والمسلمين المجتهد السيد علاء الدين بحر العلوم الجزء الثاني من الكفاية والمكاسب، وعلى يد الحجة الجليل الشيخ عبد الهادي الفضلي أصول الفقة، كما تبحر في اللغة العربية والفقة، وكان فضيلة السيد علي الناصر الأحسائي أحد مدرسيه، وكذلك الشيخ محمد جواد الأحسائي والشيخ علي الجزائري.
عودته من الخارج
بعد ثمان سنوات قضاها في النجف الشريف بين العلماء المتبحرين عاد إلى وطنه البحرين عند ما ساءت الأوضاع بين العراق وإيران واهتزت أعمدة العلاقة بين البلدين المسلمين، واخذ في مواصلة جهاده في سبيل الله والحق والعدالة ونصرة الدين الحنيف، ونشر المفاهيم الأسلامية عن طريق المحاضرات والندوات تارة، وعن طريق منبر الحسين تارة أخرى.
علمه وشهرته
كان رحمة الله عليه رجلاً بسيطاً متواضعاً باسماً مع الجميع وكان عالماً من العلماء الأتقياء، حيث كانت وفاته ثلمة في الدين وكان دمث الأخلاق يتحلى بروح اجتماعية عالية، يقدر ويحترم الصغير والكبير فاتحا باب منزله على مصراعيه لكل الناس، للدارسين والمستشيرين وللعلماء والخطباء من أول النهار إلى ساعة متأخرة من الليل، وكان بذلك محبوبا عند عامة الناس، متعاونا معهم فيما يحتاجون اليه من علوم عامة من أهل البحرين وخارجها.
بعد رجوعه من النجف فتح باعه لطلاب العلوم الفقهية وأصبح منزله مدرسة علمية ناجحة، وقد نهل من علمه جماعة كثيرة وصل معظمهم إلى درجة رفيعة وضع على رأسهم شعار العلم والوقار، فكان في مجلسه يجيب على الأسئلة الدينية والاستشارات الاجتماعية، ويحل القضايا والمشاكل بين أبناء بلده وأقاربه. انتخب عضواً في المجلس الوطني البحريني بعد استقلال البلاد عام 1970، نائبا عن المنطقة الغربية من البحرين بعد أن فاز بأغلبية ساحقة، بما يتمتع به من روح عالية وأخلاق سامية، وشهرته في العلم والأدب والصلاح، وقد قام بواجبه خير قيام لخدمة الوطن والمواطنين، وكذلك ساهم في تأسيس جمعية التوعية الإسلامية بالدراز.
كان – قدس الله مكانه – شاعراً فذاً من أبلغ الشعراء وفطاحلها وعمداً من أعمدة الشعر والأدب، ذاع صيته وعلت مكانته في الأوساط الاجتماعية والدينية، فهو الشاعر المتجدد الذي بلغ القمة في الشعر العربي الفصيح، وتشهد بذلك مشاركته الفعالة في الاحتفالات والمسابقات الثقافية والشعرية والمحاضرات الدينية وان خير دليل على تربعه على عرش الشعر والبلاغة قصيدته في رثاء السيدة رقية بنت الأمام الحسين عليه السلام التي نالت المركز الأول والممتاز في المسابقة الشعرية التي جرت في لندن حول الشعر العربي وفصاحته ودرجة بلاغته.
وقد صادف وفاة آية الله العظمى السيد محسن الحكيم (قدس سره الشريف) وهو لا زال في النجف، فكتب هذين البيتين من الشعر على قطعة قماش، وحملها المشيعون أمام الجنازة باسم الجالية البحرينية، وقد نالا إعجاب العلماء وطلاب العلم لما فيهما من المعنى العميق وهما:
إن غاب شخصك تحت أطباق الثرى .. فالشمس تبدو للورى وتغيب
لكن شمسك قد بدا من بعدها .. قمر منير للقلوب حبيب
وان شهرته في الخطابة لهي أشهر من نار على علم، فقد كان خطيبا بارعا جهوري الصوت، عرفته المنابر في المآتم الحسينية بقصائد نبطية حزينة، له إسلوب وطريقة تشد إليه المستمعين. يتنقل في ربوع البلاد وخارجها يمدح أهل البيت (عليهم السلام) ويرثيهم بما تجود به قريحته ويخطّه قلمه المبدع.
مؤلفاته
1- (أصول المعرفة في شرح دعاء عرفة ) للأمام الحسين ( عليه السلام ) ويتكون من أربعة أجزاء، وهو تحفة غنية بالعلم الزاخر ، تجد بين صفحاته كلامه المشتمل على الفلسفة والمنطق والتفسير والشعر .
2- (درر المدح والرثاء ) وهو كما في أ سمه يشتمل على قصائد المدح والرثاء لأهل بيت النبوة عليهم السلام.
اولاده
توفي رحمه الله وعنده من الأولاد ستة ومن البنات أربع.
وفاته
انطوت صفحة حياته صباحاً في يوم كئيب خيّم فيه على الناس كابوس من الحزن الأليم المفآجئ ومصابه الجسيم، وكان قبل وفاته بإسبوع في الجمهورية الأسلامية في إيران في زيارة للأمام الرضا (عليه السلام) منذ 23-11-1991م وقد رجع من سفره مساء السبت 21-12-1991م الموافق ليلة الأحد 14 جمادى الثانية 1412هـ وتوفى يوم الجمعة 27-12-1991م الموافق 20 جمادى الثانية 1412هـ من الأسبوع نفسه وهو يوم ميلاد فاطمة الزهراء (عليها السلام ). وكان نبأ وفاته كالصاعقة على المؤمنين والمؤمنات وخاصة في قرية الدراز.
وما أن انتشر الخبر المؤسف حتى تجمعت الألوف من الجماهير المسلمة على باب منزله ومن ثم إلى جامع الأمام الصادق باكية منتحبة حزناً على فقده ، وفي ذلك الوقت أعلن العالم الجليل السيد جواد السيد فضل الوداعي بأن دفنه سيكون بعد صلاة الجمعة والجماعة ظهراً بالبحرين كافة ليتسنى لجميع المؤمنين المشاركة في تشييع جثمانه.
وبعد الصلاة امتلأت الدراز بالجماهير المؤمنة من أنحا البحرين وخارجها وحملوا الجنازة وطافوا بها شوارع القرية محمولاً على رؤوس الجموع الغفيرة تتقدمهم علماء البحرين الأعلام، وطلبة العلوم الدينية، وصلت على جسده الطاهر بإمامة الحجة السيد جواد الوداعي، وبعدها شيع إلى مثواه الأخير.
وقد فاز رحمة الله عليه في يوم وفاته فوزاً عظيماً ونال درجة عالية عند الله سبحانه وتعالى يغبطه عليها جميع الناس وذلك أنه في تلك الأيام لازال في ضيافة الأمام الرضا (عليه السلام ) وأمانه، ويوم وفاته كان يوم الجمعة وهو أفضل الأيام، وصادف يوم ميلاد سيدة النساء (عليها السلام ) وكانت وفاته بعد أداء صلاة الفجر مباشرة، وعليه فقد انتقل من هذه الدنيا الفانية إلى جنة الخلد الباقية، وقد إ نثلم الأسلام بموته ثلمة عظيمة وكان على المؤمنين يوماً فجيعاً، كيف لا وهو الشيخ الذي عرفته البحرين وغيرها رجلاً صادقاً من خلال مواقفه الجريئة، ومن خلال كتاباته في الصحافة المحلية وخطاباته الشهيرة، رحل وقد أيتم أولاده وأ قاربه وأصدقاءه وتلامذته.