الصاحب إبن عباد
اسمه وولادته:-
إسماعيل بن أبي الحسن عبّاد، ولد في شهر ذي القعدة ۳۲4 ه، ببلاد فارس، صحب الأمير مؤيّد الدولة ابن بوية منذ الصبا فسمّاه الصاحب، وجعله وزيراً له، واستمر عليه هذا اللقب واشتهر به.
ثمّ سمي به كل من ولي الوزارة، وبعد وفاة مؤيّد الدولة بقي في وزارة خَلَفه فخر الدولة، وبهذا يكون هو وأبوه وجدّه من الوزراء. ونشأ الصاحب في بيت علم وفضل ووجاهة، فاقبل على العلم منذ صغره.
صفاته وأخلاقه:-
ومن صفاته أنّه كان عالماً بالتوحيد والأصول وأَلفَ فيهما، وكان في أخلاقه حليماً وكريماً.
شعره ونثره:-
كان مجيداً في شعره، كتب في الأدب والحكمة، والرثاء والمديح، والغزل والأخوانيات والنوادر.
وذكر أهل البيت(ع)، وله في مدح أمير المؤمنين(ع) سبع وعشرون قصيدة، ونقتطف هذين البيتين كنموذج لمدائحه:
حبّ عليّ بن أبي طالب أَحلى من الشهد إلى الشارب
لا تقبل التوبة من تائب إلا بحبّ ابن أبي طالب
أمّا نثره فقد كان الصاحب أحد الأركان الأربعة في النثر، وهم: عبد الحميد الكاتب، وابن العميد، والصابئ، والصاحب، وهو رابعهم، وكان له ولع بالسجع والجناس، الذي امتلأت به توقيعاته وأجوبته وكلماته القصيرة.
وإليك نموذجاً ممّا قاله في وصف الإمام علي (ع) حيث قال: إسلامه سابق، ومحلّه سامق، ومجده باسق، وذكره نجم طارق، وسيفه قدر بارق، وعلمه بحر دافق، وإمامته لواء خافق.
مؤلفاته:-
كان الصاحب من أكبر الوزراء تصنيفاً، ولا يخفى أن من يشتغل بالوزارة وقيادة الجيش يضيق وقته عن التأليف، ولكنّه بالرغم من ذلك أَلف في الكلام واللغة، والأدب والتأريخ، والعَروض والأخبار، والأخلاق والنثر والنظم.
وما وصل إلينا منها أكثر من ثلاثين مؤلّفاً، نذكر خمسة كنموذج من الكتب المطبوعة غير المخطوطة:
۱- الإبانة عن مذهب أهل العدل.
۲- الإقناع في العروض وتخريج القوافي.
۳- التذكرة في الأصول الخمسة.
۴- رسالة في الطّب.
۵- رسالة في الهداية والضلالة.
ما قيل فيه:-
قال الثعالبي: ليست تحضرني عبارة أرضاها للإفصاح عن علوّ مَحَلّه في العلم والأدب وجلالة شأنه في الجود والكرم، هو صدر المشرق، وتاريخ المجد، وغرة الزمان، وينبوع العدل والإحسان.
وقال السمعاني : الوزير المعروف بالصاحب أشتهرَ ذكره وشعره ومجموعاته في النظم والنثر في الآفاق، فاستغنينا عن شرح ذلك.
وقال ابن خلكان: كان نادرة الدهر، وأعجوبة العصر، في فضائله ومكارمه.
وقال الطريحي: جمع الصاحب بين الشعر والكتابة، وفاق فيها أقرانه.
الصاحب بن عباد عالم، فاضل ماهر، شاعر أديب، محقّق متكلم، عظيم الشأن، جليل القدر في العلم والأدب والدين والدنيا.
وفاته: توفّي الصاحب بن عبّاد ليلة الجمعة الرابع والعشرين من صفر ۳۸5 هـ، بالري على الأقوى، ونقل جثمانه إلى أصفهان، ودفن في محلّة باب الطوقجي.