الناشي الصغير
الناشي الصغير مولده سنة 271 ومات يوم الأثنين لخمس خلون من صفر سنة 365 هو ابو الحسن علي بن عبد الله بن الوصيف الناشي الصغير الاصغر البغدادي.
من باب الطاق ، نزيل مصر ، المعروف بالحلاء كان ابوه يعمل حلية السيوف فسمّي حلاء . و يقال له : الناشي لأن الناشي يقال لمن نشأ في فن من فنون الشعر كما قال السمعاني في الانساب .
وفي الطليعة : كان من علماء الشيعة ومتكلميها ومحدثيها وفقهائها وشعرائها له كتب في الامامة ومدائحه في أهل البيت صلوات الله عليهم لا تحصى كثرة روى الحموي في معجم الادباء قال : حدثني الخالع قال : كنت مع والدي في سنة ست وأربعين وثلاثمائة وأنا صبي في مجلس الكبودي في المسجد الذي بين الوارقين والصاغة وهو غاص بالناس واذا رجل قد وافى وعليه مُرقعة وفي يديه سطيحة وركوة ومع عُكاز ، وهو شِعث فسلّم على الجماعة بصوت يرفعه ، ثم قال أنا رسول فاطمة الزهراء صلوات الله عليها ، فقالوا مرحبا بك وأهلا ورفعوه فقال : أتعرّفون لي أحمد المزوق النائح ، فقالوا : ها هو جالس ، فقال : رأيت مولاتنا عليها السلام في النوم فقالت :
امضي الى بغداد واطلبه وقل له : نح على ابني بشعر الناشي الذي يقول فيه :
بني احمد قلبي بكم يتقطع بمثل مصابي فيكم ليس يُسمع
وكان الثاني حاضرا فلطم على وجهه وتبعه المزوّق والناس كلهم وكان اشد الناس في ذلك الناشي ثم المزوّق ثم ناحوا بهذه القصيدة في ذلك اليوم الى أن صلى الناس الظهر وتقوض المجلس ، وجهدوا بالرجل أن يقبل شيئا منهم ، فقال والله لو أعطيت الدنيا ما أخذتها فانني لا أرى أن أكون رسول مولاتي عليها السلام ثم آخذ عن ذلك عوضا ، وانصرف ولم يقبل شيئا قال : ومن هذه القصيدة وهي بضعة عشر بيتا :
عجب لكم تفنون قتلا بسيفكم ويسطو عليكم من لكم كان يخضع
كأن رسول الله أوصى بقتلكم وأجـسامكم في كـل ارض توزع
وجمع العلامة السماوي شعر الناشي في أهل البيت عليهم السلام وهو يزيد على ثلثمائة بيتا وهو اليوم في مكتبة الامام الحكيم العامة بالنجف الأشرف أقول ودفن الناشي في مقابر قريش وقبره هناك معروف . وهو ممن نبش قبره في واقعة سنة 443 وأحرقت تربته .
وقال الشيخ القمي في الكنى والألقاب : الناشي الاصغر هو ابو الحسن علي بن عبد الله بن وصيف البغدادي الحلاء الفاضل المتكلم الشاعر البارع الإمامي المشهور له كتاب في الإمامة وأشعار كثيرة في أهل البيت (ع) لا تحصى حتى عرف بهم ولقب بشاعر أهل البيت (ع) ، ولد سنة 271 ويروي عن المبرد وابن المعتز قال ابن خلكان وهو من الشعراء المحسنين وله في أهل البيت (ع) قصائد كثيرة وكان متكلما بارعا اخذ علم الكلام عن أبي سهل اسمعيل بن علي بن نوبخت المتكلم وكان من كبار الشيعة وله تصانيف كثيرة وكان جده وصيف مملوكا وابوه عبد الله عطارا وقيل له الحلاء لأنه كان يعمل حلية من النحاس ومضى إلى الكوفة سنة 325 وأملى شعره بجامعها وكان المتنبي وهو صبي يحضر مجلسه بها وكتب من إملائه لنفسه من قصيدة : كأن سنان ذابله ضمير فليس عن القلوب له ذهاب
وصارمه كبيعته بخم مقاصدها من الخلق الرقاب
ونظم المتنبي هذا وقال : كأن الهـام في الهيجاعيون وقد طبعت سيوفك من رقاد
وقد صغت الاسنة من هموم فما يخطرن إلا فـي فؤادي
وقال النجاشي والشيخ في الفهرست ، له كتاب في علم الكلام . وعده ابن النديم في المتكلمين من الشيعة وقال : كان متكلما بارعا .
قال الحموي : وكان الناشي يعتقد الامامة ويناظر عليها باجود عبارة فاستنفد عمره في مديح أهل البيت حتى عرف بهم ، واشعاره فيهم لا تحصى كثرة ، ومدح مع ذلك الراضي بالله وله معه اخبار ، وقصد كافور الأخشيدي بمصر فامتدحه وامتدح ابن حِنزابَةَ وكان ينادمه .
وفي الاعيان : وقيل وفد الناشي على عضد الدولة بن بويه وامتدحه فأمر له بجائزة سنيّة وأحاله على الخازن فقال ما في الخزانة شيء فاعتذر اليه عضد الدولة وقال : ربما تأخر حمل المال الينا وسنضاعف لك الجائزة متى خطر فخرج من عنده فوجد على الباب كلابا لعضد الدولة عليها قلائد الذهب وجلال الخز قد ذبح لها السخال والقيت بين يديها فعاد الى عضد الدولة وأنشأ يقول :
رأيـت بـباب داركـم كـلابا تغذيـها وتـطعمها السخالا
فهل في الأرض أدبر من أديب يكون الكلب أحسن منه حالا
ثم حمل الى عضد الدولة مال على بغال وضاع منها بغل ووقف على باب الناشي فأخذ ما عليه ثم دخل على عضد الدولة وأنشده قصيدته التي يقول فيها :
ومن ظن أن الرزق يـأتي بمطلب فقد كذبته نفسه وهـو آثم
يفوت الغنى من لا ينام عن السرى وآخر يأتي رزقه وهو نائم
فقال له هل وصل المال الذي على البغل فقال نعم قال هو لك بارك الله لك فيه فعجب الحاضرون من فطنته .
وفي الأعيان : قال ياقوت حدث الخالع قال حدثني ابو الحسن الناشي قال كنت بالكوفة سنة 325 وأنا أملى شعري في المسجد الجامع بها والناس يكتبون عني .
قال السيد الأمين في الاعيان : الظاهر أن ذلك الشعر كان في مدح أهل البيت عليهم السلام والا فغيره من الشعر لا يقرأ في المسجد الجامع بالكوفة ، وكان الناس الذين يكتبون عنه هم الشيعة ، لان جل اهل الكوفة كانوا شيعة في ذلك الوقت .
وسمي بالناشي الاصغر في مقابلة الناشي الاكبر وهو أبو العباس عبد الله بن محمد الانباري البغدادي المعروف بابن شرشير الشاعر حكي انه كان في طبقة ابن الرومي والبحتري وكان نحويا عروضيا منطقيا متكلما له قصيدة في فنون من العلم تبلغ أربعة آلاف بيت وله عدة تصانيف وأشعار كثيرة في جوارح الصيد والامة والصيود كأنه كان صاحب صيد وقد أستشهد كشاجم بشعره في كتاب المصايد والمطارد في مواضع توفي بمصر سنة 293 انتهى ما قاله القمي في الكنى والالقاب . وقال السيد الامين في الأعيان : الناشي الاكبر اسمه عبيد الله بن محمد بن شرشر ولا دليل على تشيعه.
توفي الناشي الصغير ببغداد سنة 366 أو 360 و كما عن أنساب السمعاني يقال لمن نشأ في فن من فنون الشعر واشتهر به والمشهور بهذه النسبة علي بن عبدالله ، وقيل انه توفي يوم الأربعاء لخمس خلون من صفر ومولده في سنة إحدى وسبعين ومائتين .