سفيان العبدي الكوفي
سفيان العبدي الكوفي
اسمه ونسبه :
هو سفيان بن مصعب العبدي الكوفي ويُلقَّب بـ ( أبي محمد ) ، و ( العبدي ) نسبة إلى عبد القيس ابن ربيعة بن نزار .
ولاؤه لأهل البيت ( عليهم السلام ) :
كان سفيان الكوفي من شعراء أهل البيت ( عليهم السلام ) في القرن الثاني ، وكان من المتمسكين بهم ( علهيم السلام ) بولائه وشعره ، والمقبولين عندهم لصدق نيته وانقطاعه إليهم .
وقد ضمَّن شعره مناقب ومدائح آل البيت ( عليهم السلام ) ، وتفجَّع على مصائبهم ورثاهم ، ولم نجد في غير آل البيت ( عليهم السلام ) له شعراً .
عدَّه الشيخ الطوسي في رجاله من أصحاب الإمام الصادق ( عليه السلام ) ، وذلك لولائه المطلق الخالص ، وإيمانه الذي لا يشوبه شائبة ، فهو ثقة ، عدل ، ممدوح ، معتمد ، حتى أمر الإمام ( عليه السلام ) شيعته بتعليم شعره أولادهم .
فقال ( عليه السلام ) : ( يا معشر الشيعة ، علِّموا أولادكم شعر العبدي ، فإنَّه على دين الله ) ، فشعره يغرس الولاء والمحبَّة لأهل البيت ( عليهم السلام ) في النفوس .
وكان يأخذ الحديث عن الإمام الصادق ( عليه السلام ) في مناقب العترة الطاهرة ، فينظمه شعراً في الحال ثم يعرضه على الإمام ( عليه السلام ) .
ومثال ذلك سؤال سفيان للإمام ( عليه السلام ) : ما تقول في قوله تعالى : ( وَعَلَى الأَعْرَافِ رِجَالٌ يعرفُونَ كُلاًّ بِسِيمَاهُم ) الأعراف : 46 .
قال ( عليه السلام ) : ( هم الأوصياء من آل محمد ، الإثني عشر ، لا يعرف الله إلا من عرفهم وعرفوه ) ، فقال سفيان : فما الأعراف ، جُعلت فداك ؟
قال ( عليه السلام ) : ( كَثَائِبٌ من مِسك ، عليها رسول الله والأوصياء ( عليهم السلام ) يعرفون كلاً بسيماهم ) ، فقال سفيان : أفلا أقول في ذلك شيئاً ..
فقال من قصيدة :
وأنتم وُلاة الحَشر والنَّشرِ والجَزَا
وأنتم ليـوم المفـزع الهـولِِ مفزعُ
وأنتم عَلى الأعرَافِ وَهيَ كثائبٌ
مِنَ المَـسِّ ريَّاهَـا بكـم يَتَضَـوَّعُ
ثَمَانِيَـة بالعَـرشِ إِذْ يَحمِلُونَـهُ
وَمِن بَعدِهِم فِي الأَرضِ هَادُونَ أَربَعُ
نبوغه في الأدب والحديث :
نبغ سفيان في الشعر والأدب ، فشعره من الجودة ، والجزالة ، والسهولة ، والعذوبة ، والفخامة ، والحلاوة ، والمتانة ، وكل هذا شاهدٌ على تَضَلُّعِهِ في فنونه ، ويعترف له بالتقدم والبروز .
واستنشده الإمام الصادق ( عليه السلام ) وقال : ( قولوا لأم فروة تجيء فتسمع ما صُنع بجدِّها ( عليها السلام )) ، فجاءت فقعدت خلف الستر .
فقال ( عليه السلام ) للعبدي : ( أنشد ) ، فقال العبدي : فـَرْوَ جُودِي بِدَمعِكِ المَسكُوبِ ..
فصاحت أم فروة وصِحْنَ النساء .
واستنشد شعره الإمام ( عليه السلام ) أبا عمارة المنشد ، فقال ( عليه السلام ) : ( يا أبا عمارة أنشدني للعبدي في الحسين ( عليه السلام )) ، فأنشد فبكى ، ثم أنشده فبكى فما زال ينشده ويبكي حتى سمع بكاء من في الدار .
إضافة إلى ذلك فإن ثناء الحميري سيد الشعراء عليه دليل آخر على نبوغه في الشعر .
فقد اجتمع السيد الحميري وشاعرنا العبدي الكوفي ، فأنشد السيد الحميري :
إِنِّي أدِينُ بِما دَانَ الوَصيُّ بِهِ
يومَ الخَرِيبَةِ مِن قَتلِ المُحِلِّينَا
وَبالَّذِي دَان يَومَ النَّهرَوَان بِهِ
وَشَـارَكَتْ كَفُّه كَفِّي بِصِفِّينَا
فقال له العبدي : أخطأت ، لو شاركت كفُّك كنت مثله ، ولكن قل : تابعت كفه ، لتكون تابعاً لا شريكاً ، فكان السيد الحميري بعد ذلك يقول : أنا أشعر الناس إلا العبدي ، وكان العبدي من رواة الحديث أيضاً ، فقد روى كثيراً من الروايات بشعرٍ عذب وسلس .
ولادته ووفاته :
لم نعثر على تاريخ ولادة ووفاة سفيان العبدي ( رحمه الله ) إلاّ أنّه قد عاصر الشاعر السيد الحميري ( رحمه الله ) المولود سنة ( 105 هـ ) والمتوفّى سنة ( 173 هـ ) .