الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام
سيرة الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام
اسمه:
علي. وأشهر ألقابه: أمير المؤمنين. وأشهر كناه: أبو الحسن.
والده:
أبو طالب بن عبد المطلب بن هاشم. (مؤمن قريش).
والدته:
فاطمة بنت أسد بن هاشم رضوان الله تعالى عليها.
ولادته:
ولد سلام الله عليه في الكعبة المشرفة يوم الجمعة (13) شهر رجب سنة (30) من عام الفيل على القول المشهور.
أزواجه:
كان للإمام عليه السلام عدة أزواج . نذكر في هذا المختصر اثنتين منهن فقط لامتيازهما على ما سواهما .
الأولى فاطمة الزهراء بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، وقد زوجها النبي من ابن عمها علي عليه السلام بأمر من العزيز الحكيم ، وكان عقد زواجها في السماء ، عاقده الجليل وخطيبه راحيل والواسطة جبرائيل . وهي أفضلهن وأشرفهن وأحبهن إليه ، وأول من اختارها وتزوجها ولم يتزوج بغيرها ما دامت هي في الحياة .
والأخرى فاطمة الكلابية المكناة بأم البنين والدة أبي الفضل العباس، قمر بني هاشم صاحب راية أخيه أبي عبد الله الحسين عليه السلام بكر بلاء . وهي بعد فاطمة الزهراء أكمل زوجات أمير المؤمنين عليه السلام وأوفاهن رضوان الله عليها وعلى أبنائها الأكبش الأربعة .
أولاده:
كان لأمير المؤمنين عليه السلام على المشهور من البنين اثنا عشر ومن البنات ستة عشر والمجموع ثمانية وعشرون من شتى النساء نذكر منهم تيمنا وتبركا ستة فقط مراعاة للاختصار :
الأول والثاني الإمامان الهمامان الـحـسن والـحسين سيدا شباب أهل الجنة وريحانتا رسول الله صلى الله عليهما وعلى جدهما وأبيهما وأمهما .
الثالث محمد بن الحنفية صاحب راية أبيه أمير المؤمنين عليه السلام في الحروب ، وكفى له فضلا وفخرا ولشجاعته وشهامته برهانا ودليلا .
الرابع العباس كنيته أبو الفضل وأشهر ألقابه قمر بني هاشم ، وكان سلام الله عليه صاحب راية أخيه الحسين عليه السلام بكربلاء . وفاؤه وحبه ومواساته لأخيه وسائر فضائله الذاتية غنية عن التعريف ، وقد قال الشاعر في حقه :
أبا الفضل يا من أسس الفضل والإبا -- أبا الفضل إلا أن تكون له أبا
الخامس زينب الكبرى سلام الله عليها عقيلة بني هاشم ، التي قال في حقها الإمام زين العابدين (... عالمة غير معلمة ...) فضلها وجلالها معروف مشهور ، لقد شاطرت أخاها الحسين بالمصائب وساعدته على الجهاد وحفظ دين الله وهي أكبر بنات الإمام عليه السلام .
والسادس أم كلثوم وهي فاضلة جليلة وكانت مع أخيها بكربلاء ، وأمها فاطمة الزهراء سلام الله عليها وعلى أبيها وبعلها وبنيها .
أشهر الوقائع في أيام خلافته:
حربه مع الناكثين والقاسطين والمارقين
النـاكثـون: قامت عائشة زوجة رسول الله صلى الله عليه وآله ونسيت الآية الشريفة : (وقرن في بيوتكن ولا تبرجـن تبرج الـجاهلية الأولى ...) ونهضت لحرب أمير المؤمنين وخليفة المسلمين ، بتحريك من طلحة والزبير الذَيْنِ بايعاه للخلافة أولا ، ثم سولت لهما نفسهما فنكثا بيعته وضيعا مقام صحبتهما للنبي صلى الله عليه وآله وسلم ، وركّبا أمهما على الجمل وساقاها إلى البصرة ، وجهزا جيوشاً من المنافقين والمستضعفين مُؤَمِلا للخلافة ، فسار أمير المؤمنين عليه السلام بالمهاجرين والأنصار نحو البصرة ، فوعظهم ونصحهم وخوفهم من غضب الله في الدنيا وخزيه وعذابه في الآخرة ، ولكن النفاق وحب الرياسة قد أخذ مأخذهما منهم ولم يتعظوا ، فبدؤا بالحرب وحملوا على رسوله عليه السلام وهو حامل للقرآن المجيد ورشقوه بالنبال وقطعوه وقتلوه ومزقوا كتاب الله .
فهناك وجب على أمير المؤمنين عليه السلام الدفاع وإطفاء نار الفتنة ، فحمل عليهم بجنود الله فما استقاموا له إلا أياماً معدودات حتى غلبوا وهلكوا فقطع دابر الذين ظلموا والحمد لله رب العالمين . وهلك طلحة مع الهالكين وأعرض الزبير عن الحرب وقُتِل غدراً في طريقه . وأرسل عليه السلام عائشة إلى المدينة واحترمها إكراماً للنبي صلى الله عليه وآله وسلم .
القـاسطـون:القاسطون هم معاوية بن أبي سفيان وأصحابه .
إن معاوية ظلم الدين ولم يبايع أمير المؤمنين عليه السلام وخالف خليفة المسلمين ، وقام لأخذ ثارات أشياخه الذين قتلهم الإمام في غزوة بدر بأمر من الله ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم .
فنهض لقتال الإسلام والإيمان ، وقد كان يتهيأ ويستعد لهذا اليوم من يوم إمارته على الشام ، فجهز جيشه فجمع كيده ثم أتى ، ومشى إليه أمير المؤمنين عليه السلام بجنوده وعساكره من المهاجرين والأنصار والتقى الفريقان بصفين فطال الحرب بينهما واشتد القتال ، فوقع القول على الفئة الباغية فغلبوا هناك وانقلبوا صاغرين . فلما ضاق الخناق على معاوية ورأى الموت والهوان برأي العين استشار شيطانه عمرو بن العاص فأشار إليه برفع المصاحف ونادوا : (يا معشر العرب الله الله في دينكم هذا كتاب الله بيننا وبينكم) . وقال أمير المؤمنين عليه السلام : (اللهم إنَّك تعلم أنهم ما الكتاب يريدون فاحكم بيننا وبينهم) . وآل الأمر إلى التحكيم فمثّل عمرو بن العاص صاحبه معاوية وعمل حيلة وغدر بأبي موسى الأشعري ، فرجع كل من الفريقين إلى بلاده من غير نتيجة والقلوب تغلي من الغيظ .
وجهز أمير المؤمنين عليه السلام جيشه ثانياً لإطفاء فتنتهم ، ولكن أحب الله لقاء وليه فلبى نداءه واستراح من همِّ الدنيا وغمها . فلعب من بعده ابن آكلة الأكباد بالإسلام والمسلمين ، فبدل الخلافة بالسلطنة وجعلها إرثاً في أولاده وأسرته الشجرة الملعونة في القرآن ، ألا لعنة الله على القوم الظالمين : (وأما القاسطون فكانوا لجهنم حطباً . وأن لو استقاموا على الطريقة لأسقيناهم ماءً غدقاً) .
المـارقـون: المارقون هم فئة مرقت عن الحق وخرجت على إمام زمانها من بعد وقعة صفين ، وعلى رأس هذه الجماعة مجموعة من المنافقين الذين كانوا يتطلبون الوسائل للخروج عن طاعة الإمام ، فضلوا وأضلوا كثيرا من المستضعفين ، وأشرف عليهم أمير المؤمنين عليه السلام بنهروان من بعد ما قتلوا حاكمه ، وهم كانوا اثني عشر ألف مقاتل . فوعظهم ونصحهم ودعاهم إلى التوبة ، فتاب منهم ثمانية آلاف وبقيت أربعة آلاف على عنادهم وطغيانهم واستكبروا استكباراً ، فأمر الإمام عليه السلام بالحملة عليهم فقتلوا جميعاً إلا تسعة كما لم يقتل من عساكره إلا تسعة . وقد أخبر عليه السلام أصحابه بذلك قبل الوقعة.
فضائله:
إحصاء فضائله عليه السلام فوق طاقة المخلوقين ، ولا يحصيها إلا الله الذي أعطاه ، وكفى في حقه وعلو شأنه ومقامه ، وأنه في طرف عن الخلائق ما قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : (يا علي ما عرفك إلا الله وأنا) ونكتفي في هذا المختصر بدرج حديث دل على ما تقرر ، في مناقب الخوارزمي (ولو أن الأشجار أقلام والبحار مداد والجن والإنس كتاب ما أحصوا فضائل علي بن أبي طالب عليه السلام) . وحتى خطبه التي ألقاها على رعيته بمسجد الكوفة ورسائله التي أرسلها لعماله وغيرهم نوع من الإعجاز كما قيل : كلامه عليه السلام تحت كلام الخالق وفوق كلام المخلوق وقد جمعها السيد الشريف السيد الرضي وجعلها بين الدفتين كتاباً وسماه نهج البلاغة .
مدفنه عليه السلام : النجف الأشرف الذي أصبح في القرون الأخيرة مركزا لطلاب العلوم الدينية ، ومجمعا لفقهاء الجعفرية وعلماء الشيعة الإثني عشرية ، وحرمه الشريف مهبطا للملائكة وكعبة للطائفين والعاكفين والركع السجود ، تؤمه الملوك وتخضع على بابه السلاطين . كما قال الشاعر :
تزاحم تيجان الملوك ببابـه -- وتكثر عند الاستلام ازدحامها
إذا ما رأته من بعيد ترجلت -- وإن هـي لم تفعل ترجل هامها
قاتله:
ضربه على رأسه الشريف ابن ملجم المرادي بسيفه المسموم والإمام في حال الصلاة بمسجد الكوفة في الليلة التاسعة عشر من الشهر.
وفاته:
استشهد سلام الله عليه في ليلة (21) من شهر رمضان سنة (40) هجرية . وقد مضى من عمره الشريف ثلاث وستون عاما.