قد اصْطَفاَكَ السَّناَ واختارَكَ الأَلَقُ=فكيف يسمو إلى تكوينِكَ، العَلَقُ! يا بصمةَ اللهِ في أبعادِ كوكبِهِ=حيث الفضاءُ كتابٌ والمَدَى وَرَقُ ما كنتَ في العُمْقِ من أحشاءِ (آمنةٍ)=لَحْماً على عَظْمِهِ ينمو ويَتَّسِقُ بَلْ كنتَ أعمقَ أسراراً مُقَدَّسَةً=من نطفةٍ بمياهِ الخَلْقِ تَصْطَفِقُ سِرٌّ يَلُفُّكَ في سِرٍّ، وما بَرِحَتْ=عليكَ دائرةُ الأسرارِ تنغلقُ فافتحْ فإِنِّي (صحابيٌّ)، بِمنزلةٍ=كفؤ (الصحابةِ) إلاَّ أَنَّهُمْ سَبَقوا! بايعتُ ذكراكَ فانْساَبَتْ لها عُنُقي..=والبيعةُ الحقُّ لا تُلْوَى لها عُنُقُ! هُنا مدائحُ (حَسَّانٍ) على شفتي=تزهو، وفي الرُّوحِ من أرماقِهِ رَمَقُ يا صاعداً (جَبَلَ النُّورِ) الذي نَزَلَتْ=منه الحقيقةُ عبر الأرضِ تنطلقُ عُدْناَ إليكَ من التاريخِ نسلكُهُ=حتَّى (حراءَ) فلم تسلكْ بنا الطُرُقُ أين الطريقُ الذي سالَتْ خُطاَكَ بِهِ=نَهْراً على كَبِدِ الصحراءِ يندفقُ؟! أيَّامَ ضَيَّعَتِ الأيَّامُ رحلتَها=فلم تَعُدْ خطوةٌ في نَفْسِها تَثِقُ تبكي التضاريسُ.. لا روحٌ تهدهدُها=غير الرياحِ التي في التيهِ تنزلقُ! والوقتُ جَفَّ من المعنَى، فلا هَدَفٌ=في الوقتِ من أجلهِ الساعاتُ تستبقُ كُلٌّ يُفَتِّشُ عن مجلَى حقيقتِهِ=وليسَ في الأُفْقِ إلاَّ الخوفُ والقَلَقُ رملُ (الجزيرةِ) ما غنَّى الحُداةُ بهِ=إلاَّ وأَوْشَكَ بالأصداءِ يختنقُ : مَنْ ذا يُطَبِّبُ في الإنسانِ جوهرَهُ ؟=كاد السؤالُ على الصحراءِ يحترقُ! وأَوْتَرَتْ قوسَها الأنباءُ عن نَبَأٍ=في فرحةِ السَّهم حين السَّهم ينعتقُ: مِنْ خارج الأرضِ مَدَّ اللهُ راحتَهُ=نحو الحياةِ ففاضَ البِشْرُ والأَلَقُ واختارَ (مَكَّةَ) ماعوناً لرحمتِهِ=لا يشتفي طَبَقٌ إلاَّ اشتهَى طَبَقُ فيضٌ من اللُّطفِ لم يُدْرِكْ حقيقتَهُ=قومٌ بِما فاضَ من أوهامِهِمْ شَرِقُوا! حتَّى إذا الغيبُ جَلَّى سِرَّهُ.. وإذا=صوتُ الحقيقةِ في الآفاقِ منبثقُ: بُشرَى الحياةِ برُبَّانٍ.. قد اتَّحَدَتْ=بِهِ الخرائطُ وانقادَتْ لهُ الطُرُقُ (طهَ).. ومَنْ غيرُ (طهَ) حين تندبُهُ=سفينةُ الخلقِ لا يُخشَى لها الغَرَقُ؟! يا وردةَ الحقِّ ما زلنا نشاركُها=سِرَّ الشَّذَى فيُحَنِّي روحَنا، العَبَقُ حَيَّتْكَ في العُمْقِ من أصلابِنا نُطَفٌ=جذلَى تَرَنَّحَ فيها الماءُ والعَلَقُ واقتادَنا مركبُ الذكرى إلى زَمَنٍ=رَبَّاكَ في شاطِئَيْهِ، الحبُّ والخُلُقُ تدري (حليمةُ) إذْ دَرَّتْ محالبُها=يوماً سيُشْرِقُ من أثدائِها، الفَلَقُ في مُرْضِعاَتِ (بني سعدٍ) مَشَتْ قُدُماً..=يمشي وراء خُطاها الحقدُ والحَنَقُ! ماذا عليها وقد أهدَى الخلودُ لها=نَهْراً تفيضُ بهِ النُّعمَى وتندلقُ!! يا منكرَ الذاتِ حتَّى آثَرَتْ أَرَقاً=كي يستريحَ عبيدٌ شَفَّهُمْ أَرَقُ جرحُ النُبُوَّةِ جرحُ الشمسِ.. تسكنُهُ=روحُ الجمالِ.. ومن أسمائِهِ الشَّفَقُ مِنْ عُزلةٍ لَكَ.. مِنْ حُزْنٍ خَلَوْتَ بهِ=في (الغارِ)..مِنْ هاجسٍ ثارَتْ بهِ الحُرَقُ! مِنْ (بئرِ ماءٍ) ذوَى حُلْمُ الرُّعاةِ بها..=مِنْ خيمةٍ عاث فيها الطيشُ والنَّزَقُ! مِنْ كلِّ ذاكَ الدُّجَى.. شَعَّتْ بثورتِها=عيناكَ.. وابتدأَ التاريخُ يأتلقُ! تَزَوَّجَتْ في يديكَ الأرضُ معولَها=حتَّى تناسلَ منها الوَردُ والحَبَقُ فاستيقظَ الحُلْمُ مزهوًّا بفارسِهِ=تَضُمُّهُ مقلةُ الدنيا، وتعتنقُ ولُحْتَ في موكب التوحيدِ ممتشقاً=سيفاً لغير الهُدَى ما كنتَ تمتشقُ تتلو مزاميرَكَ الغرَّاءَ فانبعثَتْ=على الصدَى ضابحاتُ الحقِّ تستبقُ وتحملُ المشعلَ الأسنَى بحالكةٍ=ظلماءَ.. يخبطُ في أبعادِها الغَسَقُ يكفي حصانَكَ من ماءٍ ومن عَلَفٍ=نَفْحُ اللهاثِ على شِدْقَيهِ، والعَرَقُ عفواً نبيَّ الهُدَى.. عفواً إذا عَبَرَتْ=جسرَ القوافي إلى فردوسِكَ، الحُرَقُ واعذرْ بياني إذا أبصرتَ بَذْرَتَهُ=تنشقُّ عن نبتةِ الشَّكوَى، وتنفلقُ: ذكراكَ تُوشِكُ بالأضواءِ تختنقُ..=شمسٌ وليس لها في حَجْمِهاَ أُفُقُ! أسطولُ فجرٍ وراءَ الغيبِ مُحْتَجِبٌ=ضاقَتْ بمينائِهِ الأرواحُ والحَدَقُ! مَنْ لي بنجواكَ والنجوَى تُؤَرِّقُني=حَدَّ العذابِ، وحولي أُفْقُها نَفَقُ أُنْبِيكَ : ما زال هذا الكونُ محكمةً=تقضي بتقطيعِ أيدي غير مَنْ سَرَقوا ! والجرحُ في جوهرِ الإنسانِ ما بَرِحَتْ=دماؤُهُ باتِّساعِ الأرضِ تندفقُ هَوِّنْ عليكَ فكمْ حاولتَ ترتقُهُ=بالمعجزاتِ ولكنْ ليسَ ينرتقُ ما ارتابَ خيطُكَ في إيمانِ إبرتِهِ=مُذْ وَسَّعَ الجرحَ مَنْ شَقُّوا ومَنْ فَتَقُوا !