غرس أبي تراب في مجالي نهج البلاغة حوُر=شهد الأفق إنهن بدورُ آخذات باللب مبنى ومعنىً=فالمعاني مضيئة والسطورُ هي دنيا فكر بها الأرض تزهو=بالبراعات والسماءُ تمورُ صعدت عندها الروائع فالأنجم=درب بأفقها وعُبورُ ساحرات الرؤى فليس ببدع=أن من يلتقي بها مسحورُ وسُلاف من خالها دون أن يشرب=يغدو وذهنه مخمورُ أفهل للملام معنى لأنف=أخذته بما تنث العطورُ؟ وهل العاشقون إلاّ سبايا=وأخو العشق مرغم مقهورُ؟ قلت للسائلين والقلم التافه=يَفتّن فيه أفك وزورُ وضح الانتماء بالنهج فليسكت=زعم يخطه موتورُ إنّه ابن القرآن والابن كالأب=وإن لجّ حاقد مأجورُ يتمادى فينكر البدهيات=فحجر بوعيه محجورُ وغباء أن لا يرى الأصل بالفرع=وبالفرع تستبين الجذورُ فوراء الشعاع لا بد شمس=ووراء النهج الشذي زهورُ غير أن الأنغام يسأل عنها=صادحات الخميل إلاّ اليعفورُ قممُ الفكر في كتاب علي=شاهقات تنحط عنها الصقورُ نائيات بها الشوارد إلا=لجناح على الصعود صبورُ وعروس الأفكار إلاّ على ذهن=حصيف جمالها مستورُ فإذا لم يسدُ الذهن إلهام=فلا يجتلي الخفاء ظهورُ هو قانون الضوء من دونه=الأعين لا يستجيب فيها النورُ فأعني لأجتلي إن طرفي=عنك من شدة السنا محسورُ إن يك النهج وهو نحوك دربٌ=فيه ما قد تقلدته النحورُ فعلى القطع أنت مقلع در=جانباه المنظوم والمنشورُ فكرٌ حرٌ وديباجة غراً=ونبرٌ مموسق وأمورُ ومعان من خدرها سافرات=ومعان تضمهن خدورُ إنّه النهج محض باب إلى حقل=به الخصب والجنى موفورُ أنت فيما به كتاب وسيف=وهزار يشدو وليث هصورُ ونبي البيان مثل نبي الشرع=تشفى بما يقول الصدورُ يا خميل الفصحى وروض المعاني=وسط صحراء بالهجير تفورُ إن يك النهج ما لفظت فماذا=أنت يا فلتة روتها الدهورُ يا تسابيح ناسك ما تعاطى=دنس الشرك بيته المعمورُ يا صدى راهب يهز حشايا=الليل والنجم في السماء يغورُ أنت معنى من وسعه كل لفظ=فيه ضيق عن حجمه وقصورُ اغتفر أيّها الوحيد فللإلحاد=حجم تضيق عنه الكسورُ سيدي يا أبا تراب يتيه=الغرس فيه وتشرأب الجذورُ أنا فيما ينمى إليك وما تحكيه=عن وجهك الرؤى مأسورُ هزني أنني المهموم في دنياك=حتى يفيق مني الشعورُ وتصلي مشاعري عند محراب=به تدمن الصلاة العصورُ أنا ما غبت عنك يوماً ولكن=أثملتني الرؤى فدب الفتورُ وبمحراب العشق من عاش يدري=أن من ذاب بالهوى معذورُ إنّه ديدن المحبين أدنى=ما يلاقوه أن يغيب الحضورُ قد سألتُ الزمان يوماً لماذا=عنك يلوي بوجهه ويحورُ يتحاشى النبع المذال ويحسو=وشلاً ما تذوقته الثغورُ فكأن العيون ما بين مراءها=وما بين نبيك الثر سورُ فتعرفت منه أنك سنخ=ليس من سنخهم فكان النفورُ إن كل الرياح جنس ولكن=عُدَّ منها الصبا ومنها الدبورُ قد قضى الله أن بالأرض فيروزاً=وفيها جنادلٌ وصخورُ وقضى أن معشر الجُعَل المنتن=بالطبع عشقه البعرورُ وبأن الفراش يعشق حسنَ=الضوء حتى يموت وهو يدورُ