ما كان يُرضيهِ منهمْ عُصبةٌ مَرَقَتْ=من دينِها وغدت تُبدي تَعاليها من كان هِمّتَهُ الإصلاحُ يُقعدُهُ=عن القصاصِ بريقٌ من تُشّظيها فراسلَ القومَ إنْ ثوبوا إلى رَشَدٍ=ولا تُثيروا من الأضغانِ خابيها وبلَّغ النّصْحَ إلا أنَّ من خبثت=قِدْماً أُرومتُها لا نُصْحَ يُجديها وغاضَهُ منهمُ أنباءُ فاجعةٍ=على ابن خبّابِ قد أخنت مأسيها إذ غادروه وشقّوا بطنَ زوجتِهِ=وأْداً وما سلمت من غدرِ مُرديها حتى الأجنّةُ لم تأمن نكايتَهم=والظلمُ إنْ خامرَ الأرواح يُشقيها عاثوا فساداً وأحيوا كلَّ موبِقَةٍ=قد جاهد المصطفى مَحْقاً لمؤتيها وعند ذاك فما يُغْني أخا شِيَمٍ=صبرٌ إذا شكت البلوى يشكّيها فهبَّ يُثبتُ حكمَ الله في بشرٍ=بذي الفِقارِ وقد آلى لَيُشفيها وكان بينهما نهرٌ وكان فتىً=يُنمى إلى الأزد حمّالاً مساعيها بحيث يسمع ما يُلقي أبو حسنٍ=من المقالةٍ تصريحاً وتمويها والى علياً وحامى عن رسالتِهِ=لكنَّ في النفس أوهاماً يُعانيها يرى الخوارجَ عبّاداً وأوجهُهَمْ=طولَ السجودِ بدوراً في تجلّيها تالين للذِّكرِ والاجسادُ ناحلةٌ=من الصيامِ وذكرُ الله يُبكيها تُرى يحلُّ لنا حقاً قتالَهُمُ؟=أم أننا بسيوفِ الجَّور نُفنيها؟ وبينما كان في أفكارهِ ثمل=وحَيْرةُ الشكِّ مهموماً يقاسيها إذ جاء فارسُ عجلاناً لحيدرةٍ=فقال: يا سيدي الأخبارُ أرويها إنّ الخوارجَ فوق الجسر قد عبرو=وقد رأيت من الصَّفيْن تاليها فقال حيدرُ: لا لن يعبروا أبد=وجاء آخرُ رأيَ العين يحكيها فقال حيدرُ: لا لن يعبروا أبد=وجاء آخرُ بالإيقان يُمضيها فقال حيدرُ: لا لن يعبروا أبد=لقولةٍ عن رسول الله أمضيها وقال لي: سوف لن يبقى سوى هَمَلٍ=أقلّ من عشرةٍ والله يُخزيها ولن ينالوا من الأصحابِ عاشرَهم=بل دون ذلك إمّا شئتَ تُحصيها فقال في نفسِهِ الأزديُّ مبتهج=قد آنَ للحرب أنْ تُبدي خَوافيها قد آنَ للحقِّ أنْ تُبلى سرائرُهُ=وللهداية أنْ ينهلَّ صافيها والله لو عبروا الجسرَ الذي عبرو=لأنصرَ القومَ حتى الوعدُ يأتيها فسار للجسرِ حيث العينُ مُغْنيةٌ=عن السّماعِ وللأوهام تُقصيها إذا بهمْ فوق ذاك الجسر ما عبرو=وقولةُ المصطفى قد حقَّ راويها وهاله أنْ رأى الصِّديقَ حيدرةً=من خلفِهِ لِبَناتِ الرّيْب يُوديها هلا تيقنتَ يا ابن الازدِ من خبري؟=نادى عليٌّ وآيُ الصدق يُنشيها أجابه الفارسُ المغوارُ مبتشر=أنت الوصيُّ أعادي من تُعاديها وعدَّ حيدرةُ الفاروقُ عُدَّتَهُ=لحربِ من فجّرت سُمّاً أفاعيها وردَّ دابِرَ من كادوا بِسَيّدهمْ=وأُطفئت فتنةٌ سُحْقاً لموريها وذو الثُّديَّةِ شرُّ الخلق مصطلَمٌ=نبوءةٌ صدّق الكرّارُ مُنبيها نبوءةٌ لن يُضيرَ الحقَّ مُنكرُه=فبالفضائلِ قد أبدت تأسّيها وأيُّ أكرومةٍ للمرتضى ظهرت=من دون أنْ يغتدي جِلْفٌ ليُنسيها؟ لا يزعُمَنَّ عِداةُ الصدق قد غنمو=فوزاً إذا جرت الدنيا بأيديها فإنّما هي أيامٌ يُداوله=بين الأنامِ وإنْ طالت لياليها كم معشرٍ حسبوا الدنيا تهيمُ بهم=حبّاً وقد عرفوا عقبى محبّيها وعاهدوها فما أوفت لهم ذِمَم=واستنصحوها فخانت مُستميحيها واستعبدتهم وظنّوا زَيْفَها نِعَم=واستصرخوها وما ملّوا تَصاميها كأنّهم وصروفُ الدهر تُنذرهم=هيمٌ عطاشٌ ورودُ الماء يُظميها واستمرأوا كلَّ مَوْبوءٍ فما نَكِرو=طَعْماً وما بلغوا عيشاً يهنّيها ماذا دهى أمّةً خلّت أبا حسنٍ=يدعو وقد غفلت عمّا يُنجّيها؟ تراهمُ خُشّعَ الأبصار من فَرَقٍ=خَوفَ المنون فلم تسمعْ مُناديها وللنُّخيلةِ يدعوهم لينقذَهُمْ=وخِيفَةُ السَيفِ بالتَّسْويفِ تُخفيها وحيدرٌ يستثير الناسَ يُخبرُهُمْ=ما حلَّ من بُسْرِ من بَلوى بواديها والناسُ يشغلُهمْ عنه تقاعسُهُمْ=كأنّه لم يكن بالقول يَعنيها وأشعثٌ وابنُ رِبْعيْ والألى نكثو=عَهْدَ الوصيّةِ جدّت في تعاميها فثبَّطوا الناسَ عن داع يناشدُهُمْ=حقَّ الجهادِ وبالدنيا تُمنّيها ومثلُ حيدرَ لم يصبر على أَوَدٍ=وأن يرى أمّةً زاغت فيَرثيها خمسون عاماً أراها من بطولتِهِ=معنى الفداءِ وقد أوعت معانيها وعاشها أمّةً بالخير قد خرجت=للناس تُنقذها من شرِّ مُغويها وواكبته نقيَّ الجَّيْبِ من طَبَعٍ=منزَّهاً عن عيوب الناس تنزيها فعاهدوهُ وهبّوا من معاقِلِهمْ=أُسْداً تهدُّ من الأجبال راسيها يستنظرون هلالَ العيدِ يوهبُهُمْ=بشائراً لأمير النّحْلِ تُزجيها فريضةُ الصوم قد وافت تعلّمهمْ=من الجهادِ فروضاً من تساميها والقاسطون أعدّوا من مكائدهم=ما أُلبِسَتْ من ثياب العار ضافيها تحشّد الثأرُ جيشاً لا عديدَ له=على عليٍّ وكم عانى ليهديها وخلفهم من بني الأحزاب ما ورثت=مِن الضّغون ومَنْ سرّاً يواليها فلا قريشٌ لعهد الثأر ناسيةٌ=ولا اليهودُ لنار الوِثْرِ تُطفيها ولا الألى دخلوا الاسلام عن طَمَعٍ=وللنفوسِ حنينُ الشرك يُشقيها ولا لعائشةٍ نفسٌ تقرُّ على=سِلْمٍ وقد سُلبت منها أمانيها ألقى ابن هندٍ إلى عمرو ابن نابغةٍ=بخطّةٍ أُحْكِمَتْ كالليل داجيها لا يعرف الغدرُ من أسرارِها غرض=حقداً تحمَّلَ أنكاها مُراديها وافى إلى الكوفةِ الحمراءَ مرتدي=ليلاً به أصبحت سوداً لياليها أمَّ المحاريبَ يبغي سَلْبَ عزَّتِه=بقتلِ مَنْ سيفُهُ أعلى مبانيها حُمَّ القضاءُ وحان الوعدُ إذ نظرت=إلى السماء وقد غارت دراريها ترى الملائكَ تحت العرشِ باكيةً=والأنبياءَ فنَوْح ُالوحيِ يُشجيها هذا عليٌّ وحكمُ الله في يدِهِ=لحكمةِ الله عن طَوْعٍ يُلبّيها نادى الصلاةَ عبادَ الله فاغتنمو=ضيافةً لم يَخِبْ إلا مُجافيها وكبّر المرتضى والذّكْرُ في فمهِ=ينعى وأياتُهُ تبكي لتاليها وسورةُ الحمدِ تبكي أنَّ واحدةً=من المثاني بحِجْرِ الموت تُلفيها أهوى عليٌّ يؤدّي حقَّ ركعتِهِ=لسجدةٍ واستوى شِفْعاً يثنّيها فكبَّر السيفُ مسموماً بهامتِهِ=بضربةٍ لم يزل يوري تلظّيها فصاح فزتُ وربِّ البيت مفخرةً=لمولدي وسطَ بيت الله أُنميها وفي السّماوات جبريلٌ يؤبِّنُهُ=قد هُدّمت للهدى أمضى أواخيها غالوا الوصيَّ عليّ المرتضى فلقد=غالت بقتلتِهِ المختارَ هاديها ليت السماءَ هَوَتْ فوق الثرى كِسَف=وليت فوقَ الثَّرى تَهوي رواسيها مَنْ للديانة منْ عاثٍ أضرّ به=ومَنْ يُجير الهدى مما يُخشّيها؟ مَنْ لليتامى إذا جار الزمان بهم=وللأيامى إذا اشتدّت مآسيها؟ مَنْ للعُفاة إذا ضاقت بهم سُبُلٌ=وقد قضى صابراً من كان يكفيها؟ ومَنْ لزينبَ والسبطين مِنْ سَنَدٍ=مِنْ جور نائبة الايّام تحميها؟ بالأمس قد فقدت جدّاً ووالدةً=واليومَ تفقدُ واليها وراعيها مَنْ عنده الحوضُ في يوم المعادِ ومَنْ=لراية الحَمْدِ عند الحشر يُعليها يا من له الصحبُ والأعداءُ قد شهدت=بأنّه من شِمام الفضل راسيها أتيتُ فضلَك أستسقي إذا ظمئت=نفسي فمن كأسك الأوفى تُوافيها وللشفاعةِ أنْ أرقى لبُغيته=فأنت لو شئتَ للنيرانِ تُطفيها ألقيتُ رحلي وحاجاتي يضيق به=سواك إنّك للحاجات تقضيها أرجو المماتَ على عهدِ الولاءِ لكم=حتى أنال من الجنّات عاليها ولستُ أفزعُ إنْ مَسّتْني نائبةٌ=إلا إليكَ وكم أذللتَ عاتيها؟ فكيف أفزعُ في قبري إذا بُلِيَتْ=سَريرَتي من ذنوبٍ لستُ أُحصيها؟ ونورُ حُبَّيْكَ مِشكاةٌ تنوِّرُ لي=ليلَ الذنوبِ وإن ألقت بداجيها يا شِفْعَ أحمدَ إشفعْ لي ووالدتي=ووالدي ولأخوانٍ أُساقيها خَمْرَ الولاءِ بكأسٍ من فضائلِكُمْ=فإنني رُغْمَ مَنْ ناواكَ أُفشيها وتلك الفيَّتي بالحبِّ أنظمُه=جَهْدَ المُقِلِّ فما وفَّت قوافيها معشارَ ذرّةِ ما تحويهِ من قِيَمٍ=يفنى الزّمانُ وما تفنى معاليها ولستُ أسألُكُم أجراً فعبدكُمُ=يرى المودَّةَ نُعمى أنتَ مُسديها فمنتهى الشّكرِ حَمْداً لا يُحيط به=وغايةُ المدحِ شُكراً لا يؤدّيها