إشعاعُ الشمسِ تعامدَ على منعرجِ الكثُب=فَاستَحَالَت نَينَوَى غَمِيضاً لاهِبا مَثارُ النقعِ البَسَ الشَمسَ صُفرَةً=انجَلَت الغَبرَة الحسينُ يَتَخَطى القَتلى=فَوَجَدَ كُلَ وَاحِدٍ مُلقىً كَمَا تَمَنى الغُبارُ انجَلى=عَن سَماءِ كَربَلا إذا الحُسينُ واقِف=وللدُموعِ ذارِف مُنادِياً وَاوِحدَتَاه=مُنادِياُ وَاغُربَتاه نُصرَةُ آلِ المُصطَفَى مَبادِئُ القُرآن=حَقٌ وعَدلٌ مُطلِقٌ حُرِيَةَ الإنسان قَد زَيَنَت سيوُفهُم مفارِقُ الفُرسان=فصَّيرَتها شَفَقاً مُختلِطُ الألوان ثم ارتدَت رِماحهُم مِن حِليةِ الرُهبان=مِن أسوَدٍ مُفَصَلٌ مِن أَكبُدِ الشُجعان ومِن نُحوُرِ خَصمِهِم تَدَفَقَت غُدران=بأَسيُفٍ في حَدِها عَزائِمِ الإيمان قَد أرسَلَت لُحومَهم لِخافِقِ الغُربان=فَنالَها مِن قَبلِ أن يَحُلَ بالتُربان لكِنَما نُدرَتها وكِثرةُ الذؤبان=قَد أَتعَبَتها والظَما جيشٌ مِن الخُذلان فَصُرعَت وخَلَفَت سِبط الهُدَى حيّران=ظمآنَ يُبصِرُ المَدى مِن الظما دُخَان وهوَ سٌلطانُ الوَرى ولهُ فَرضُ الوَلاء=بالمَوقِفِ المُشَرِف ,, حِسُ الضَميرِ يعرِف نِدَاءَهُ واوِحدَتاه=نِدَاءَهُ واغُربَتاه ما بينَ الفِ جُثَةٍ لناصِبٍ حَقير=مَشى الحُسينُ باحِثاً عَن عُصبَةِ الغَدير وعِندَ تَلَةِ الإبَا بِحَرَةِ الهَجير=رَأى إماماً ساجداً اذا بهِ زُهَيّر بِقُربِه جَنازَةٌ مَنظَرُها مُثير=رائِحَةُ القُرآنُ مِنها تَملَأُ الأَثير ورَأسُهُ مُجَرَّحٌ وضِلعُه كَسير=هذا مُرَتِلُ الكِتابِ شَّيخُنا بُرَيّر ومُسلِمُ بنِ عَوسَجٍ يُطرِبُهُ الصَرير=لذَاك خَرَ ضَاحِكاً وَوَجهُهُ مُنير وابنُ هِلالٍ جُرحُهُ بِوَجهِهِ غَزِير=اذ لَم يكُن عِندَ اللِقا بِوَجهِهِ يُدير والحُرُ كانَ هائِجاً بالأَبلَقِ المُغير=لذاكَ صارَ َرأسُهُ نِصفَين بِالوَتير شَدَ لَهُ عِصَابَةً سِبطُ الهُدَى البَشير=فأًصبَحَت تاجاً لَهُ وأَصبَحَ الأَمير حَتى غُلامَ التُركِ ذَاك الفَارِسِ الصَغير=حَط الحُسَينُ خَدَهُ بِخَدِهِ العَفير أو وَهَبٍ مِن قُومِ عيسى مُعرِسٍ النَظير=جاءَ يُدَاوِي قَلبَهُ بِقَلبِهِ الكَبير وَكُلِما مَشى قليلاً يَلتَقِي نَصير=مُحتَضِناً صارِمَهُ للعِزَةِ يُشير هُنا هُناك هاهُنا مَُقدَسٌ جَزير=ما كانَ يُرضيهِ بِلا تَقطيعِهِ المَصير فَكُلُ ما كانَ غَلا أَبلوهُ في أَرضِ البَلا=فِداءٍ للحُسين نَسلِ الهُدَى الأَمين مُنادِياً وَاوِحدَتاه=مُنادِياً واغُربَتاه توَجُعٌ سَرَبَهُ الهَواءُ بِالأَلَم=وفَحصَةٌ ضَعيفَةٌ في التُربِ بِالقَدَم كأنَهَا فَحصَةُ شَيخٍ هَدَهُ الهَرَم=تَمنَعُهُ أَن يَستَغيثَ عِزَةُ الكَرَم كَأَنَهُ ضارَبَ حتى سَيفُهُ انثَلَم=واضَعَفَ الظَما والشِيبُ قُوَةَ الهِمَم أَقسَمَ إلا للمَنونِ بِالوَغى نَعَم=ولا وُرودَ غيرَها كَدراءَ بالرَغَم يَبدو سَعيداً ثَغرُهُ بِجُرحِهِ ابتَسَم=كأنَما يُهدي الصَليلُ سَمعُهُ نَغَم يَبدو عنيداً كُلُ عضوٍ عِندَهُ انفَصَم=يَبدو وَفياً راكِزاً بِقَلبِهِ العَلَم يَبدو عَزيزاً لَم تَمُت بِنَفسِهِ الشِيَم=يُوصي بآلِ المُصطَفى بآخرِ الَنسَم يَعرِفُ هذا يومَهُ وضَربَةُ الأصَم=عَلَمَهُ الخُضرُ أَبو الحُسين بالقِدَم هَبَ الحُسينُ يَقتَفي مَعالِمَ الشِمَم=إذا حَبيبٌ يَلتَوي بِلاهِبٍ ودَم نادى حَبيبي فَانتَشى حَبيبُ وابتَسَم=كَأنَما يَسبَحُ فِي الجَناتِ بالنِعَم صوتُ الحُسين رَدَهُ حَياً مِنَ العَدَم=وَضَاحَ مِن إشراقه سُمي أبو القُسَم والحُزنُ هَزَ كَربَلا=حَتى خِيامِ الفُضَلا وابنُ النَبيِ وَدَع=حَبيبَ وهوَ يَدمَع مُنادِياً واوِحدَتاه=مُنادِياً واغُربَتاه خَلفَ التُخومِ مَلَكٌ مُضطَرِبُ الأَنوار=كَأَنَهُ يَلثِمُ شَيئاً يَشبَهُ الأَسفار كَسِفرِ أَيوبٍ مُشع ٍ أَو هُدَى المُختار=كَنجمَةٍ فوقَ الثَرى أو قَمَرٍ مُنهار تَتَضِحُ الرُؤيا قَليلاً في مَدى النُظار=السِبطُ فوقَ جُثَةٍ قَطَعَها البَتار يَبدو وَحولَهُ العِدى بِجَحفَلٍ دَوار=قِطَعَةَ نورٍ أَشرَقَت في ظُلمَةِ الأَسحار أخي عَليكَ حَسرَتي بِخاطِري كَالنار=يَداكَ والرَأسُ عَلَيَ تُشمِتُ الفُجار أخي قَطَعتَ حِيلَتي فَحارَت الأَفكار=أخي قَصَمتَ فَقرَتي يا مُهجَةَ الكَرار أخي فمَن لرايَتي بِقَسطَلٍ ثَوَار=أخي ومَن لِعَيلَتي مِن هَجمَةِ الأَشرار آهٍ فَجَاوَبَ الصَدى آهٌ مِنَ الأَستار=واكافِلاهُ آهُ وايُتماهُ وا مِغوار أعقَبَها هَروَلَةٌ لِرُكَضٍ عُثَار=عَلى الوُجُوهِ بالفَلا تَتطَلِبُ الأَخبار قَامَ لَها يَرُدُهَا خُزانَةُ الأَسرار=والدَمعُ جَفَ بالظَما فانسَكَبَت أَنوار رُدَوا وعُدوا لِلسِبا فِي غُربَةِ الأَسفار=ماتَ الكَفِيلُ والحِمَى وانهَدَتِ الأَسوار ماتَ الكَفيلُ والحِمَى=عَلى الفُرَاتِ بالظَما وابنُ النَبِيِ حائِر=يَرُدُ بالحَرائر مُنادِياً واوِحدَتاه=مُنادِياً واغُربَتاه الشَمعُ جَامِدٌ عَلَى أَعمِدَةِ الخَيمات=والدَمُ جَامِدٌ عَلَى جَسّامِ بِالوَجنات كَأنَ صوتَ أنةٍ تَتبَعُهَا أَنَات=مِن خَيمَةٍ دُونَ الخِيامِ فَوقَها زينات كَأنَ صوتَ حَرَةٍ نُورِيَةِ الهَيبات=كأَنَها زَعِيمَةٌ أَنفاسُها آيات تَقُولُ لا يَا سُكنَةُ لا تَضرِبي الرَاحَات=جَسَامُ رَاحَ دَاعِياً لِفَارِسِ المَسنات رايَتَنَا بِكَفِهِ تُنَكِسُ الرَايَات=لا يَستَوِي كَفِيلُنا لا يَحضُرُ الفَرحَات صَغيرَتي نَامِي بِقَلبِي هَدِئِي الرُوعَات=فَإنَهُ مَعَ الكَفِيلِ بالخِضَابِ آت ما أَكمَلَت إلا و ضَجَت بالخَبَا العَمَات=هذا الحُسينُ حَامِلاً مُعَرِسَ الحَسرَات مُنَادِياً يا زَينَبٌ يارَبةَ الثَكلات=قُومِي أَتَى عَرِيسُكُم بِأَفجَعِ الزَفَات أَتَى عَرِيسُ كَربَلا=مُقَطَعاً مُفَصَلا إلى القُلوبِ نَازِع=وللحُسينِ فاجِع مُنادِياً واوِحدَتاه=مُنادِياً واغُربَتاه مَشَى بِوَهجَةِ الفَلا يُؤَذِنُ القَتلَى=والنورُ مِن أَجسادِها يَكثُرُ بِالأَحلَى فَتىً كَأَنَ وَجهُهُ صَيَرَهُ المُولى=لِكي يَقولَ لِلوَرى إنِي أَنا الأَعلَى يَرسِمُ مِن صُورَتِهِ للمُصطَفَى مِثلَ=عَزَ عَلى ناظِرِهِ أَن يُوجِدَ الفَصلَ وإن نَزا بِسيفِهِ مُشتَهِياً صَولا=أوصَت كَتائِبُ العِدى بِمالِها الأَهلَ حَارَت بِهِ مُرتَجِزاً فَاختَلَفَت قَولا=جَمعٌ يَراهُ المُرتَضى جَمعٌ يَرى الشِبلَ وكُلَما شَكَت بِهِ شَكَ بِها النَصلَ=حَتى إذا حَزَ بِها أيقَنَت القتلَ فَهَل عَلِمتُم لأَبٍ كَالأَكبَرِ نجلا=وهَل عَرِفتُم قَبلَهُ إلى السَمَا نَسلا كَلا وما أَكَثرُ قَولَ الحَقِ في كَلا=لا كالحُسينِ صَابِراً أو حَاصِداً فَضلا إذ ليسَ مِثلُ ثَكلِهِ بَينَ الوَرَى ثَكلا=فَقِيدَهُ كَانَ لِحُسنِ شَمسِنا عَصلا كُلُ الرَزايَا والبَلايَا حَرُهَا يُسلى=إلا رَزَايا كَربَلا تَسمُو عَلى المَسلى إلا رَزَايا كَربَلا=فَاجِعَةً إلى المَلا ما لِلوَرى رَزِية=كَيومِ الغَاضِرِية لا كَالنِدا واوِحدَتاه=لا كَالِندا واغُربتَاه هُناكَ شَيءٌ مُبهَمٌ عَلى يَدِ الحُسَين=يَلمَعُ فِي شَمسِ الفَلا كَقِطعَةِ اللُجَين يَضُمُهُ بِقَلبِهِ كَأَنَهُ اليَقين=يَشُمُهُ كَأنَهُ عَبيرُ الخَالِدين أَجلاهُ وِسطَ لَفَةٍ أَمامَ الناصِبين=إذا بِهِ طِفلٌ رَضيعٌ ذَابِلَ الوَتِين مِنَ الظَما جَامِدٌ جَمادَ المَيِتين=مِثلٌ هِلالٍ ناشِئٍ مِن قَبلِ ليلَتين غافٍ يُريكَ وَجهُهُ مُحَمَدَ الأَمين=أو ما تَشاءُ فَاتَخِذ جَمالَ المُرسَلين بُلوا لَظَى فُؤادِهُ وَلو بِقَطرَتين=مُنذُ ثَلاثٍ لَم َيذُق مِن بارِدِ المَعين ساجٍ بِحِجرِ أُمِهِ سُجوَ اليائِسين=مِنَ السِقَاءِ واللِوَاء والعَمِ واليَدَين إن خِفتُمُ أَن اَرتَوي خُذُوهُ وَاثِقين=إني وَصَحبِي نَلتَقِي بِالله ظَامِئين فَافتَرَقَت جُموعَهُم بِالرَأي فِرقَتَين=إحداهُما قَد صَدَمَت رَحمَةَ آخَرِين مَذهَبُها الحِقدُ عَلى الهُداةِ الطَيِبين=فَليَخضَعوا أو الظَما لِلمَوتِ صَاغِرين فَاستَلَ اِبنُ كَاهِلٍ حَرمَلَةُ اللَعِين=سَهماً رَمَى نَحرَ الرَضِيعِ بَينَ العَسكَرَين مَا إن أَحَسَ حَرَهُ اِنتَفَضَ الجَنِين=فَلَ القِمَاطَ وَارتَمَى فِي عُنُقِ الحُسَين رَمَى الحُسَينُ لِلسَما بِكَفِهِ الحَزِين=دِمَاءَهُ مُشتَكِياً لِرَبِ العَالَمِين يَا مَليكَ أَمرِنَا=خُذ للرِضَا مِن دَمِنا وَارأَف بِحالِ عَبدٍ=ظَامٍ جَريحٍ فَردٍ مُنَادِياً وَاوِحدَتَاه=وَدَاعِياً وَاغُربَتَاه الأَرضُ فِيهَا هَزَةٌ والرِيحُ عَاصِفَة=وَفِي السَمَاءِ نَجمَةٌ حَمراءُ صَادِفَة كَأَنَها مِمَا تَرَى فِي الأَرضِ آسِفَة=كَأَنَهَا مِن حُمرَةِ الأَنوارِ ذَارِفَة تَرقَبُ حَالَ امرَأَةٍ بِالتَلِ وَاقِفَة=تَندُبُ شَمساً بِالثَرى بِالدَمِ نَازِفَة إن كُنتَ حَياً يَا أَخَي فَالخَيلُ زَاحِفَة=عَلَى خِيَامٍ مَا بِهَا سِترٌ لِكَاشِفَة تَقُولُ نَجمَةُ السَمَا لِلسِبطِ وَاصِفَة=قَامَ ثَلاثاً فَهَوَى وَالرُوحُ شَارِفَة فِي قَلبِهِ ذُو شُعَبٍ شَطرَينِ نَصَّفَه=مِنَ الحَصَاةِ غِرَةُ السُجُودِ تَالِفَة فِي حَلقِهِ سَهمٌ عَلَى الوَرِيدِ كَلَّفَه=فِي وَجهِهِ مِن دُمَلِ الجِرَاحِ ناتفة خَاصِرَةٌ مَطعُونَةٌ وَالضَربُ أَضعَفَه=وَكُلَمَا صَاحَ الظَمَا الطَعنُ أَسعَفَه وَزَينَبٌ بِالرَبوَةِ عَلَيهِ هَاتِفَة=وَهوَ يُنَادِيهَا اِرجِعِي لِنَجدِ الخَائِفَة رَدَت إذا النِيرانُ بِالخَيماتِ قَاصِفَة=وَالُنسوَةُ مِنَ الظَمَا وَالخَوفِ نَاشِفَة تَعدُو وَلكِن عَدوَةَ الصَبُورِ هَادِفَة=إلى عَليلٍ أَلَمُ البَلاءِ أَنحَفَه مَا صُنعُنَا أَنتَ هُنا زَعيمُ الطَائِفَة=فَقَالَ فُروا عَمَتِي فَأَنتِ العَارِفَة ولِلحُسينِ أَنَةٌ الظَمآنِ عَازِفَة=وَالشِمرُ فَوقَ صَدرِهِ قَد حَطَ مَوقِفَه مُمَكِناً مِنَ القَفَا بِالنَحرِ مُرهَفَة=بَرَى الكَريمَ ثُمَ فَوقَ الرُمحِ طَرّفَه الله اكبر=الله اكبر فَارتَجَ وَادِي كَربَلا=حَتى السَماواتِ العُلا فابنُ النَبِيِ يُذبَح=وبِالهَجِيرِ يُطرَح مُنادِياً وَاوِحدَتاه=مُنادِياً واغُربَتاه