مَا زِلْتَ تَعْظُمُ وَالْمَسَافَةُ تَقْصُرُ
بَيْنِي وَبَيْنَكَ خُطْوَتَانِ
سَأَعْبرُ
مِنْ عَالَمِي الدُّونِيِّ حَيْثُ جَهَالَتِي
حَاوَلْتُ أَنْ أَسْمُو إِلَيْكَ
فَأَعثرُ
أَنَا فِي ظَلامِي غَرِقٌ
وَأَنَامِلِي تَتَلَمَّسُ الضَّوْءَ المُخَبَّأَ فِي جيُوبِ حَقِيقَةِ الإِنْسَانِ
وَالإِنْسَانُ مِنْ دُونِ الحُسَيْنِ سَيَخْسَرُ
وَوَجَدْتَنِي أَعْمًى أَسِيِرُ بِلا عَصَايَ
يَلفُّنِي كَهْفُ الدُّجَى
فَصَعَدْتَ مُمْتَطِيًا رِمَاحَكَ
تَنْزفُ الآيَاتِ مِنْ أَوْدَاجِ أَحْمَدَ
وَالسَّمَاءُ تَتَوَّجَتْ رَأسًا
إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ يَزْهَرُ
رَأسًا يُقَطِّرُ فِي عَمَايَ الضَّوْءَ وَالآمَالَ
عَلَّ مَحَاجِرِي بِنَزِيْفِ وَهْجِكَ عَلَّهَا تَتَنَوَّرُ
***
أَنَا كُنْتُ ظِلَّكَ فِي الطُّفُوفِ
مَنَحْتَنِي شَكْلِي وَرُوْحِي مُذْ رَحَلْتَ
فَلَمْ يَزَلْ طَيْفُ الْحُسَيْنِ عَلَى أَنَايَ يُكَرَّرُ
مَا زِلْتَ مُنْذُ الذَّبْحِ تَقْبَعُ وَسْطَ ذَاتِي
كُلَّ حِينٍ تَكْبُرُ
فَمَدَدْتُ نَحْرِي دُونَ نَحْرِكَ يَا حُسَيْنُ وَيُبْتَرُ
وَنَسَجْتُ أَضْلاعِي عَلَيْكَ كَبُرْدَةٍ
حَتَّى إِذَا مَرَّتْ خُيُولُ أُمَيَّةٍ
فَأَنَا وَأَنْتَ عَلَى الثَّرَى نَتَكَسَّرُ
وَأَنَا صَدَى الزَّهَرِاءِ حِينَ تَتِيهُ فِي الْبَيْدَاءِ
تَسْأَلُ أَيْنَ..
أَيْنَ الخِنْصرُ؟
رَفَعَتْكَ زَيْنَبُ لِلسَّمَاءِ سَحَابَةً
فَهَطَلْتُ مِنْكَ عَلَى التُّرَابِ
أُبَعْثَرُ
أَنْمُو.. وَأَنْمُو
كُلَّمَا وَجَعُ الحُسَيْنِ عَلَى البَسِيطَةِ يُمْطِرُ
***
أَنَا كُنْتُ شلْوًا مِنْ رُفَاتِكَ عِنْدَمَا دَفَنُوهُ
فَزَّ مِنَ التُّرَابِ إِلَى السَّمَا مُتَسَامِقًا
مَا حَرَّكَتْنِي عَنْ رُؤَاكَ عَوَاصِفُ الإِغْوَاءِ
كَيْفَ يَمِيْلُ مَنْ أَلَمُ الحُسَيْنِ بِعُمْقِهِ مُتَجَذِّرُ؟
لاحِظْ مَلامِحِيَ الكَسِيرَةَ
كَرْبَلاءُ شَبِيهَتِي
تَحْمَرُّ عَيْنِي
إِذْ خِيَامُكَ تَسْعَرُ
وَيَفِيْضُ دَمْعِي
إِذْ دِمَاؤُكَ أَنْهُرُ
وَأَعِيْشُ مَأسُورًا بِجِلْدِي
هَذِهِ ذَاتِي مُحَاصَرَةٌ بِشَكْلِي
إِذْ نِسَاؤُكَ تُؤْسَرُ
وَتَضِيعُ ذَاكِرَتِي مَعَ الأَطْفَالِ فِي الصَّحْرَاءِ
بَلْ أَتَصَحَّرُ
***
سَأَمُرُّ مِنْ رُوحِي إِلَيْكَ
فَإِنَّهَا لَكَ مَعْبَرُ
بَيْنِي وَبَيْنَكَ خُطْوَتَانِ مَلِيئَتَانِ مِنَ المَرَايَا
مَنْ تُرَى وَضَعَ المَرَايَا فِي الطَّرِيقِ
وَحَاكَ آلافَ الحَكَايَا
عَنْكَ.. عَنِّي.. عَنْ عَلاقَتِنَا
وَعَنْ قَلْبِي وَقَلْبِكَ
مَنْ تُرَى؟
رَسَمُوْكَ لِي
لَكِنْ نَسَوْا أَنْ يَرْسِمُوا وَجْهِي مَعَكْ
عَزَفُوكَ لِي لَحْنًا شَجِيًّا مُبْكِيًا
وَنَسَوْا بُكَائِي
أَفْجَعُونِي
بَيْنَمَا لَمْ يَعْزِفُوا مَا أَفْجَعَكْ
أَحْيَوْا رُفَاتَكَ
بَيْنَمَا رُوْحِي وَرُوحَكَ تُقْبَرُ
سَأَمُرُّ مِنْ رُوحِي إِلَيْكَ
فَإِنَّهَا لَكَ مَعْبَرُ