زرَعْتَ في حُلْمِ بُستانِ الإبا شجرَكْ=فكربلاؤكَ للعَطشى غَدَتْ مطرَكْ في عرصةِ الطَّفِّ ماءُ النَّهْرِ منجرحٌ=يشتاقُ مِنْ بينِ فرسانِ السَّما قمرَكْ وظَلَّ يشتلُ في الأصداءِ ذاكرةً=كالوحْيِ يَخضرُّ معنًى إذا عَبرَكْ وكانَ دولابُ عاشوراءَ في عَجَلٍ=يدورُ .. لكنَّهُ قد باتَ منتظِرَكْ كانَ الزَّمانُ بعيرًا ماشيًا أبدًا ..=وعند يومِكَ مضطرًّا هناكَ بَرَكْ سَهِرتَ، كانَ دويُّ النَّحلِ ليلتَها=يَلمُّ مِن رمشِ قرآنِ الدُّجى سَهرَكْ ربطتَ سيقانَ جسْمِ الليلِ فاتَّأَدَتْ=وخبَّأتْ بينَ طيَّاتِ الرُّؤَى ظفرَكْ تغمِّسُ الصَّمتَ في ماءِ الفراغِ إلى=أن حدّثَ الصَّمتُ في إيمائِهِ نهَرَكْ موّالُ عرفانِكَ المخبوءُ سالَ على=أرضِ العراقِ، ففاضَتْ أغنياتُ بُرَكْ غنّى الخلودُ بقيثارِ الدِّما بطلًا=فاختارَ مِنْ بينِ أوتارِ السَّما وتَرَكْ تسوَّرَتْ نغماتُ الغيبِ إذ دَلقتْ=قِيثارةُ الطفِّ ما ينتابُها جُدُرَكْ تستافُ ذاكرةُ العرشِ الذي اقتطفَتْ=ألحانُهُ ملكوتًا أبيضًا زهَرَكْ وطيفُ خِنْصَرِكَ المبتورِ تبذرُهُ=ذكرى ترتِّلُ أحلامَ الأسى ذكرَكْ أوحى النجيعُ بعرْصاتِ الطفوفِ إلى=نبوَّةٍ منْ إباءٍ قُدِّسَتْ سِوَرَكْ حفَرْتَ بئرَكَ في تُرْبِ الظّلالِ لكي=يزورَ زمزمُ ضوءِ المنتهى حُفَرَكْ عبَّأتَ بلُّورَ بوحِ الظلِّ مِنْ قَصصٍ=توقَّدتْ حينَ مسَّتْ في اللّظى سمَرَكْ وثَمَّ جِلْدُ جحيمٍ يقشعرُّ إذا=تلتْ ملامحُ عاشورائِها خبَرَكْ فكنتَ مِنْ جسْمِ عاشوراء ظَهْرَ هُدًى=وفي الظهيرةِ رُزءُ الشَّطِّ قد كسَرَكْ عفوًا، أهلْ قلتُ: إنَّ الظهرَ منكسرٌ=فالانكسارُ صمودًا دبَّ وابتكرَكْ يُقالُ : إنكَ كونٌ قد غدا بشرًا=فزَّ الملائكُ فيهُ خالَطُوا بشَرَكْ ناديتُ مارِدَ اشعاري ليُسعفنِي=وكفُّ شِعْري بفانوسِ الخيالِ فرَكْ تفصّدتْ مُدُنُ الرُّؤيا وقد قَبَضَتْ=مِنْ تحتِ صاهلِ غيبٍ جامحٍ أثرَكْ سفائنُ الوجْدِ صَوْبَ الطفِّ تُبحرُ في=بحْرِ المجازِ إلى أنْ عانَقَتْ جزرَكْ غاصَ الشُّعورُ بقيعانِ الخيالِ ومِنْ=محَارِ دمعٍ وفكرٍ يجتلي دُرَرَكْ تذوَّقتْ طعمَ ريحٍ حامضٍ رئةٌ=لم تستسِغْ مِنْ جَنى أنفاسِها عِبَرَكْ يظلُّ ظمآنَ مَنْ لم يرتشِفْ ظمأً=وَغامضًا كلُّ مَنْ لم يكتشِفْ ثمرَكْ أشاعكَ اللهُ للأكوانِ نافذةً=ضوئيةً ضلَّ مَنْ في مذهبٍ حصَرَكْ دنَا سؤالٌ نُحاسِيٌّ إلى لُغتي .. هلْ=في المعاجمِ إعجازٌ فيختَصِرَكْ؟ هل استشاطتْ بصدْرِ الخلْدِ فكرتُهُ=حتَّى تَمَسَّ بميقاتِ النُّهى فِكَرَكْ؟ خبَّأتَ صوتَكَ في جيبِ الرِّياحِ، فهلْ=طلعْتَ سيفًا، رأيتُ اللهَ قد شهَرَكْ؟ ما احتزَّ شمْرٌ بوادي كربلا عُنقًا=بل إنَّ نارَ المعالي بَخَّرتْ شَمِرَكْ في الصَّدرِ غابةُ غيبٍ قيلَ قد طُحِنتْ=وحافرُ الخيلِ في تِربانها نَثَرَكْ جهدتُ أرمقُ .. والمرآة ُ ترسُفُ في=دُخانِ ألوانِها، لِمْ لا أرى صُوَرَكْ؟ حدّقْتُ حدّقتُ حتَى مقلتي ارتَبَكَتْ=هلَّا أعَرْتَ لعينَيْ خاطري نَظَرَكْ أودُّ أُبصرُ ما معنى حقيقتِكُمْ=جفنِي صغيرٌ فهل يَقوى يَرَى كِبَرَكْ؟