عبّاسُ جودُكَ واحتمالُك كوثرُ=وبِعُرْفِ جرحِ الماءِ نزفُكَ أكثرُ عَنْ أيِّ شيءٍ حدّثَتْكَ رمالُها=فرأيتَ أن تُسقَى وكفّك تَبذرُ بمدادِ عينيْكَ السقاءُ وهبتَهُ=للظامئينَ ونزفُ عينِكَ أنهرُ وأعرْتَ هذي الأرضَ نزفَكَ كنتَ=تفردُها بِهِ، هُوَ ذاكَ وعدُكَ أخضرُ حتّى ارتقيتَ لعزّةٍ لخّصْتَها:=الأرضُ قاحلةٌ وخطوُكَ يُثمرُ أبصرتَ في صوتِ الرضيعِ ضياءَ=دربٍ شئْتَهُ، ما عادَ بأسُكَ يَصْبِرُ أغراكَ أو أغناكَ حبُّ أخيكَ وال=أطفالِ عَنْ ماءٍ بكفِّكَ يهدرُ حتّى ارتوَيْتَ وما سُقِيتَ ولم تحاولْ =أنْ تطيعَ الماءَ وَهْوَ يثرثرُ عكسَتْ مرايا الماِء وجهَ أخيكَ=يملأهُ التيقّنُ في زمانٍ يكفرُ ورأيتَ كيفَ صغارُهُ تتعكّزُ =العطشَ السؤالَ وكلُّ قصدٍ أحمرُ فترفّعَتْ شفتاكَ لا عطشٌ يغيّرُ=رأيَهُ، ظماٌ بغيرِكَ يمكرُ الراقصونَ على ظلامِ ضلالِهِم=كرّرتَ صولاتِ الظّما فتكرّرُوا هم حاولوا أنْ لا تكونَ الماءَ حينَ=بلغتَهُ لغةً بها تتحرّرُ فأزَحْتَ عَنْ وجعِ الفراتِ غبارَهُمْ=وَمَسَحْتَ وجهَ الصفوِ حينَ تكدّروا ولزينبٍ أثرٌ بعزمِكَ واليتامى=دمعُهُمْ في غربةِ يتصحّرُ ويقطّرُ الخوفَ التعطّشُ في شفاهِ=صغارِها والماءُ إذْ يتعفّرُ جاءتْكَ تعلمُ أنّها جاءتْ إلى=قمرٍ بعينِ الماءِ حتّى يبصروا نادَتْكَ: عبّاسُ الصغارُ سؤالُهُمْ=مازالَ يعصفُ في الشفاهِ ويحفرُ نادتْكَ: عبّاسُ الصغارُ تجمَّرَتْ=أنفاسُهُمْ وعلى الرّمالِ تسمَّرُوا نادتْكَ تذرفُ صمتَها صبرًا=وتعلمُ أنّ قلبَكَ في المعاركِ يزأرُ نادتْكَ تختصرُ المياهَ بدمعةٍ=للآنَ لا جسٌر إليكَ فتعبرُ فصَدَحْتَ لبّيكِ احتماليَ كلُّهُ=حوراءُ عزمي لا يُنالُ ويُكسرُ وأتَتْكَ بنتُ أخيكَ، لبَّيْتَ المُرُوءَةَ=حينَها، فرَجِعْتَ زنْدُكَ يُمْطِرُ فإذا تنفَّسَها الذبولَ أرَتْكَ=أسئلةً بحَنْجَرَةِ الظّما تتعثّرُ وقَدِ ارتَحَلْتَ ولم يَعُدْ حلمٌ=بأحشاءِ العَطاشى في الطفوفِ يفُسَّرُ خبَّأْتَ في جَفْنَيْكَ موعدَ عاشقٍ=وعَرَفْتَ أنّ أخاكَ لا يتأخّرُ فهوى الحسينُ على مرايا صبرِهِ=ورآكَ يا قمرًا تضيءُ وتُبْصرُ ناداكَ جئتُكَ والرمالُ تخونُني=يا راحلاً عنِّي وظهري يُكسَرُ يا مَنْ سقيتَ الضوءَ حينَ تَعَتَّمَتْ=سبلُ العطاشى والحناجرُ تُشْهَرُ خَجْلَى بأسئلةِ الصّغارِ، سرابُ=أجوبةِ الرّمالِ بعجزِها تتحجّرُ عبّاسُ إنّ الماءَ وحيُ مدادِكَ= الأثرى مَعَ الأيّامِ لا يتغيّرُ هي ثورةٌ كانَ الحسينُ منارَها=وسقى ضياؤكَ كلَّ رأيٍ يبصرُ حيثُ ارتدى الإيحاءُ فيكَ نبوءةً=الجودُ وحيٌ والمياهُ تُسطِّرُ في سرِّ جُودِكَ عَالَمٌ لا باختصارِ=الماءِ لكنْ بالفداءِ يُقدَّرُ