عاثَ الزمانُ بغربتي ومكاني
آثرْتُ عمرًا كي أراكَ ثواني
أدنو إلى أثرِ الغيابِ
مؤرشفًا وجهي
بكلِّ خرائطِ النسيانِ
كيفَ احتواني بعضُهُ؟
وبَصِرتُني طيفًا
يهدهدُ إسمَهُ ليراني
فارقتُنِي
فغدوْتُ لا جسمًا ولا ظلًا،
وهذا القلبُ قد أشقاني
لا شيءَ يشبهُ وجهتي وتناثري
أترقَّبُ المرآةَ لا ألقاني
يا سقمَ نفسي لومُها أنفاسُها
مُذْ بَعثَرَتْ مَنْ يجمعُ ٱطمئناني
يا دفءَ دندنةٍ، وبسمةَ شاردٍ
يا صوتَ مئذنةٍ بِهِ أحياني
وأراهُ في عيني
يُراودُ دمعتي لهفًا لها،
ما قاوَمَتْ أجفاني
إنّي يتيمٌ قد تخيَّرَ يُتْمَهُ
(بأبي وأمي) مَنْ تُرى ينهاني
طفلٌ أناخَ بثقلِهِ
أمّي النخيلُ
ومَنْ يهزُّ الجذعَ كم أعياني
ما زِلْتُ مُنتظِرًا
أبوحُ لمعطفي سرًا
وأغزلُهُ مدى الأزمانِ
وصنعتُ للتأريخِ بعضَ ملامحي
وسْمٌ على أطلالِهِ أبقاني
أبقى أنا اللاشيءَ،
تطرقُ خافقي آثارُ مَنْ راقَتْ لَهُم أحزاني
أتقمَّصُ الآلامَ، أحضنُ أضلعي
وأقبِّلُ السَّيفَ الذي يهواني
وأتِيهُ في موجٍ يلاطمُ فُلكَهُ
والرَّكبُ آياتٌ مِنَ الرحمانِ
شمسُ الكبارِ غيابُها صمتٌ
وشمسُ طفولتي ضجَّت بها أكفاني
حنّتْ لمسكنِها وبحرًا لامَسَتْ
تخطو فتسمعُ صوتَها آذاني
وتمدُّ من أفقٍ يراعًا أحمرًا
شقَّ الرياحَ ملوِّنًا شطآني
ليثورَ نبضٌ مسَّهُ صوتٌ لناعيةٍ
وإيماءٌ على الكثبانِ
وتَسرَّبَتْ للروحِ نفحةُ مقبلٍ
لتصبَّ في الأبصارِ كلَّ معاني
باسمِ الذبيحِ تعانَقَتْ أوتارُهُ
فانسابَ صوتُ النَّحرِ بالقرآنِ