جفّتْ مواويلُ الرثاءِ ..
بعندَمي !
وذرفتُها وَجَعًا فكانَتْ عَلْقَمي
نَضَبتْ يراعي
فوقَ حُلمِ دفاتري
فأعرتُها حِبرَ البُكاءِ المُلهَمِ
وعلى شفاهِ الجرحِ
أسبلْتُ الحروفَ
ولم يزَلْ عطَشُ المراثي زَمْزَمي
الموتُ حطّابُ الحياةِ
وفأسُهُ قد حطّمَتْ خشَبَ اليراعِ على فمي !
نمْنَمْتُ حُلْميَ بالفراغِ
مُنادِمًا وجعي
على نبضِ السكونِ المُفْعَمِ
خُطَّ النزيفُ
مخطَّ أوجاعِ الحياةِ
ولم يزلْ جِيدُ القصيدةِ مأتَمي
( ما خِلتُ أنَّ الشعرَ من عاداتِهِ )
تُروى السطورُ ظمًا
ويظمى ضيْغَمي !
ما خِلتُ ..
أنّ الشعرَ يغدو مفردًا
ويُعيدُ واعيةَ القصيدِ على دمي
مَن ينصرُ الشعرَ الوحيدَ بطفّهِ ؟
والعقلُ جُنديٌ ..
يُحاصِرُ مُعجَمي !!
( عَبَستْ وجوهُ الحرفِ )
حينَ ترجّلَتْ رئةُ القوافي
في النّزالِ الأعظمِ
( صيدُ الملوكِ أرانبٌ وثعالبٌ )
وإذا برزتُ فصيدِيَ القلقُ الظَّميْ
أحتاجُ قطرةَ لا شعورَ الآنَ
كيْ ألِجَ الحُسينَ
على نداءِ مُحرّمي
إنْ كانَ حُلْمِي في الرّؤى
لم يستقِمْ إلا ببَوْحي
يا جراحُ تكلّمي
هذي خيولي بالظليمةِ لم تزَلْ تجري
ويركضُ في العراءِ مُطَهَّمي
فإذا بها الكلماتُ تخرجُ مِنْ خباءِ ظنونِها
نحوَ اليقينِ المُحْرِمِ
وتُزيحُ شمرَ الوعي
عن جسَدِ الرُّؤى
لكنّها سقَطَتْ تلوذُ بمِعْصَمِي
علّقتُ شكَّي
فوقَ رُمْحِ يراعتي
وسلبتُ من عقلي رداءَ المُفهَمِ
وطأتْ على صدري حوافرُ خيبتي
وتكسَّرتْ لُغةُ اليقينِ
بأعظُمِي
جسمي على بوغاءِ أوراقي
وتلْفعهُ رياحُ اليأسِ
ذاتَ توهّمي
وسَبَيْتُ أجفاني
على دربِ الكَرَى
وجلدتُ في السَّهرِ الطويلِ تَنَعُّمِي
حتى أماطَ الحُزنُ عن وجهِ المدى حُلُمَ الحياةِ
بغَيْهَبِ الشفقِ الدَّمِيْ
ورأيتُ لونَ الطفِّ أكبرَ لوحةٍ كونيةٍ
عَبَرتْ جراحَ المرسَمِ
وتلوِّنُ الألمَ الكبيرَ
بلوعةِ الفرشاةِ
في ثُقبِ الغروبِ المُعتِمِ
وتمدُّ واعيةُ السماءِ
على الجهاتِ صدى الحقيقةِ
من لُهاةِ المأتمِ
إنّ الحُسينَ حقيقةٌ غيْبِيَّةٌ
والغيبُ مفتاحُ الوجودِ الأبكمِ