(1) ولمّا إستمرت محنة الامام الهادي عليهالسلام مع المتوكل وصراعه المرير مع التضييق والمراقبة
والاستخفاف به ممّا حفّز الامام عليهالسلام للدعاء عليه والتضرع الى الله سبحانه بإهلاكه
وسرعان ما أستجاب الله سبحانه لدعاء وليه الهادي عليهالسلام فقصم ظهره وأراح البلاد من
ظلمه فلم يلبث سوى ثلاثة أيام حتى هجم عليه ابنه المنتصر مع جماعة من الاتراك
يتقدمهم غلام تركي مملوك اسمه « باغر » وكان المتوكل سكراناً مشغولاً بلهوه مع وزيره
« الفتح بن خاقان » فقتلوهما شر قتلة تقطيعاً بالسيوف ، بحيث أختلط لحمهما وبذلك
أنطوت صفحة هذا الطاغية المجرم الى الابد. تاريخ السيوطي / 350.
وبعد هلاك المتوكل العباسي ووزيره « الفتح بن خاقان » على يد ابنه المنتصر ، وجماعة من
الاتراك تولى الحكم المنتصر ، وإسمه « محمد » وكنيته « ابو جعفر » وهو من أم رومية ، وقد
نقلت كتب التاريخ انه كان مهاباً ، وافر العقل ، راغباً في الخير ، قليل الظلم مُحسناً الى
العلويين ، حيث أوصل لهم الخيرات ، وأزال عنهم الظلم ، ورفع عنهم الخوف ، وأباح لهم
زيارة الحسين عليهالسلام وردّ عليهم حقهم في فدك ، وتُشير المصادر التاريخية أنه تولى الحكم في
شوال عام 247 ه بعد أن خلع أخويه المؤيد ، والمعتز من ولاية العهد التي عقدها لهما
أبوهما المتوكل ، وحينما تولى الحكم أظهر العدل والانصاف في الرعية ، وكان كريماً ،
وحال تولّيه الحكم تغيّر على الاتراك بسبب كثرة شغبهم عليه ، وعلى الخلفاء من قبله
وأخيراً تامروا عليه وقتلوه بأن دسّوا له السم ، فمات عن عمر 26 سنة ، ولم يتمتع بالخلافة
إلّا أقل من ستة أشهر ، ثم ولّي الخلافة أخو المتوكل احمد بن المعتصم ، الملقب ب « المستعين
بالله » لأن الاتراك خافوا من تولية أحد من أولاد المتوكل ، وكان عمر المستعين حين ولايته
28 سنة ، فأستمرّ في حكمه حتى عام 251 ه حيث قام بقتل جماعة من الاتراك مثل
« وصيفا » و « بغا » ونفى قاتل أخيه المتوكل « باغر » ممّا حفّز الاتراك على عداوته ، فشعر
بذلك فترك سامراء ذاهباً الى بغداد ، ورفض الرجوع الى هناك حينئذ عمد الاتراك الى
خلعه واخرجوا المعتز بالله العباسي من سجنه وبايعوه خليفةً ، وحالاً جهّز المعتز بالله جيشاً
لمحاربة المستعين في بغداد ودام القتال عدة شهور ، حيث حلّ البلاء في بغداد من قتلٍ
وقحط وغلاء.
وأخيراً تمَّ الصلح بأن خلع المستعين نفسه من الخلافة ، ثم إنحدر الى واسط ، وحُبس هناك
لمدة تسعة أشهر ، ثم جلب قسراً الى سامراء ، حتى انبرى له رجل اسمه سعيد الحاجب
فقتله بأمر المعتز ذبحاً وله من العمر 31 سنة.
وقد عُرف المستعين بالبلاغة ، والادب ، وغرامه بالنساء ، وكثرة النكاح ، والاسراف في
المال ، وفي ايامه كثرت ثورات وانتفاضات العلويين عليه في كل مكان ، بحيث قتل منهم
جماعة كثيرة ، كما كثر في عصره الشغب والتمرد.
وبعد تولّي المعتز العباسي ، وقد بويع له فور خلع المستعين سنة 252 ه وله من العمر
19 سنة ، وقد عُرف بلبس الذهب حال خروجه مع جيشه ، وفوراً خلع أخاه المؤيد ثم
ضربه حتى مات ، وعُرف عنه بسوء السيرة مع العلويين ومع الامام الهادي خاصةً ، كما
كان ابوه المتوكل ، وتشير المصادر أنه قد عمد في أوائل حكمه الى قتل كبار رؤسا
الاتراك وقطع رواتب آخرين منهم ، ممّا دعاهم الى خلعه ومبايعة محمد بن الواثق بن
المعتصم الذي أبعده المعتز الى بغداد ، ثم قاموا بعد ذلك بقتل المعتز بالله عطشاً فمات سنة
255 ه بعد حكم دام ثلاثة سنوات وسبعة أشهر.
وفي عهده قتل جماعة من ثوّار العلويين الذين ثاروا عليه ، وفي أخر حكمه وبتاريخ
26 جمادي الثاني عام 254 ه عمد المعتز بالله الى قتل الامام الهادي عليهالسلام سمّاً ودفن في داره
في سامراء.
المصدر : موقع شعراء أهل البيت (ع) - www.Shoaraa.com