الهادي عليهالسلام في سامراء الجزء الثاني عشر: الإمام الهادي عليهالسلام
وعندها استدعى الطغاة الهادي= من يثربٍ الى ذرى بغدادِ
ووضع الامامُ في سامرا= وسيم من اقسى العذاب المرّا
مراقباً من اعينٍ خفيه= ومن رجال شرطة غبيه
مفتشاً في بيته المطهرِ= عما اختفى من مصحف أو اثرِ
وظل في محنته يعناني= من قسوة الطغاة والطغيانِ (1)
(1) بعد إغتيال الامام الجواد عليهالسلام سمّاً بأمر المعتصم العباسي بقي الامام الهادي عليهالسلام في المدينة
المنورة ، وقد حاول المعتصم آنذاك بمراقبته عن طريق واليه هناك ، حتى هلك المعتصم وطيلة
حكم الواثق بعده ، كان الامام الهادي عليهالسلام ينشر مبادئه هناك ويربّي شيعته وأصحابه حتى
ولي المتوكل ، حينئذ بدات رسائل ولاته ، ومرتزقته ، تتوالى بخطورة وجود الامام الهادي عليهالسلام
بالمدينة وإلتفاف الناس حوله ، ممّا دعاه الى استقدامه الى بغداد ، ثم الى سامراء لغرض
وضعه تحت الرقابة الشديدة ، وقد فعل ذلك عن طريق رسالة خادعة يستميل فيها الامام
بالقدوم الى سامراء ليوفيه حقه من التقدير والاجلال ، وقد أوكل هذه المهمة الى قائده يحي
بن هرثمة ، مستخدماً الرفق واللين خوفاً من غضب الناس ، ورفض أهل المدينة لعظم شأن
الامام هناك ، وقد عمد هذا القائد أولاً الى تفتيش بيت الامام مباغتةً ، وكبس داره ، لكن
مساعيه خابت بالفشل بعد أن وجد في داره بالمدينة كتباً في الادعية والقرآن الكريم ،
وعند وصول الامام الى سامراء أستخفّ المتوكل بمقامه بأن جعل مبيته في خان الصعاليك
ومن ثم وضعه تحت الاقامة الجبرية ، وممارسة العذاب والتضييق عليه ، من إستدعاء يومي
له ، أو كثرة تفتيش بيته وإرعاب أهله.
وقد ذكر ابن كثير : أن المتوكل أرسل جماعة من الاتراك ليلاً الى دار الامام عليهالسلام لتفتيشها
بحجة وجود سلاح وأموال تصله ، فخاب سعيه ، حيث وجدوا الامام يُصلي وعليه مدرعة
صوف ، وهو يترنم بالقرآن الكريم فحُمل الى المتوكل ، وهو بهذه الهيئة ممّا جعل المتوكل
يعتذر منه ويندم. البداية والنهاية 11 / 5.
ويبدو ممّا تقدم أن أسباب إشخاص الامام الى سامراء عدة أمور أهمها :
1 كثرة الوشايات بالامام من قبل جلاوزة المتوكل وجواسيسه ، ومنهم صاحب
الصلاة « بريحة العباسي » ومَنْ هو على شاكلته ، حيث شاهدوا كثرة إلتفاف
الناس حوله ، ممّا يسبّب خطراً على السلطة ومصالحهم معها.
2 عزل الامام عن شيعته وأصحابه ووضعه في سامراء تحت رقابة السلطة ، ولعلّ
جماعة من المؤرخين أشاروا الى ذلك.
حيث كتب « يزدان » طبيب القصر العباسي آنذاك الى الكاتب « إسماعيل القهقلي » ما يلي :
« بلغني ان الخليفة « المتوكل » إستقدم الهادي من الحجاز الى سامراء فرقاً منه لئلا ينصرف
إليه وجوه الناس فيخرج هذا الامر من بني العباس ». بحار الانوار 50 / 161.
المصدر : موقع شعراء أهل البيت (ع) - www.Shoaraa.com