فسارَ « مسلمٌ » بأهلِ الكوفَهْ= في ليلة مُظلمة مَخوفَهْ نداؤهُم « أمِتْ أمِتْ مَنصورُ »= حتى خلَتْ مِنَ الرّجالِ الدُّورُ وأقْبَلُوا للقصرِ في عزيمَهْ= وأوشكتْ أنْ تقعَ الهزيمَهْ وابنُ زياد أغلقَ الأبْوابا= وحشَّدَ الحُرّاسَ والحُجّابا وهتفَتْ « مرادُ » أينَ هاني= سيدُنا وقائدُ الشجعانِ فقيلَ : ذا عنهُ الأميرُ راضي= والقولُ كانَ مِنْ « شُرَيْحِ القاضي » فاشتعلَتْ بينَ الجموعِ الفتنَهْ= ومسلمٌ يعيشُ أيَّ مِحْنَهْ تفرَّقَتْ مِنْ حولهِ الرجالُ= ونكثَتْ بيْعتَهُ الأَبْدالُ (1) حتّى غَدا في همِّهِ غَرِيقا= لمْ يرَ مَنْ يَدُلُّه الطَّرِيقا إذِ انتهى ليلاً لحيِّ كِنْدَهْ= وعندَهُ مِنَ الأسى ما عندَهْ يَطرقُ باَب « طوعَةِ » الوفيَّهْ= البَرّةِ المؤمنةِ الزكيَّهْ يطلبُ ماءً كي يردَّ العطشا= فالنارُ منهُ في العيونِ والحَشا سقَتْهُ ثمَّ أدخلَتْهُ الدارا= لَمّا رأتْ فيهِ الفتى الكَرّارا فباتَ كلَّ الليلِ في عبادَهْ= مُنتظراً لساعةِ الشهادَهْ