عصفَتْ بقافيةِ القريضِ نوائبٌ = وتمايلَتْ كتمايلِ الأغصانِ ويمورُ بالألمِ المخبَّأِ في الحشا = كمدٌ القريضِ كثورةِ البركانِ وتهبُّ ريحٌ صرصرٌ بمدامعٍ = بكَتِ الحسينَ بلوعةِ الحرمانِ وانشقَّ من جوفِ الفراتِ نَمِيرُهُ = متمرّدًا في جرفةِ العصيانِ متوشّحًا بمَهينِ ماءِ جهنّمٍ = وصديدِ جدولِها من الشنآنِ وطمى بفلسفةِ الجياعِ وسغبِهم = متحدّيًا عطشَ الحسينِ الضّانِ متوعدًا بالموتِ نجلَ محمّدٍ = عطشٌ وهاجرةٌ مِنَ الطُّوفانِ خلقَ الإلهُ من المياهِ عوالمًا = وطبيعةُ الأمواهِ تُحيِي الفانِي عجبًا لهذا الماءِ يجحدُ ذاتَهُ = متنصلاً من كُنْهِهِ الريَّانِ مترصّدًا نبعَ الحياةِ وسرَّهُ = وحضارةُ الإنسانِ في الإنسانِ هوَ ماءُ منفردٍ بخبثِ سلالةٍ = وسلالةٌ زُمَّتْ مِنَ العدوانِ هوَ ليسَ كاليمِّ المسالمِ سابحًا = حملَ الرضيعَ برأفةِ التّحنانِ وكذاكَ هاجرُ بينَ مروةَ والصّفا = سَعَتِ الأمومةُ في خُطا الولهانِ فتفجّرَ الماءُ المَعينُ بلهفةٍ = ليروّيَ الأحشاءَ من ظمآنِ وبعكسِ موقفِها هنالكَ نبلةٌ = عبرَتْ حدودَ مضايقِ الأزمانِ وتوجّهَتْ بقساوةٍ قرشيةٍ = لتبتَّ نحرَ رضيعِهِ الوسنانِ فأفاقَ من جمرِ المُصابِ بحرقةٍ = مزَقَ القماطَ بشهقةِ الرضعانِ فقضى صريعاً دونَ ماءٍ هازئاً = بسياسةِ التعطيشِ والإذعانِ أبذاكَ يُجزَى مَنْ أبوهُ في غدٍ = بيديهِ يسقي كوثرَ الرحمنِ؟ أوَ ما قرأتَ اليومَ سيرةَ عاشقٍ = عشقَ المنيّةَ في رحَى الميدانِ وسما بعزَّةِ نفسِهِ ونضالِهِ = متساميًا في دوحةِ العرفانِ فأقولُ للماءِ اغتسلْ يا ماءُ مِنْ = دَنَسٍ ومِنْ حقدٍ ومِنْ أدرانِ فلعلَّ يومَ الحشرِ تحظى رحمةً = وتفوزُ بالجنّاتِ والغفرانِ