ونفختَ في طيرِ الفداءِ لقَّنتَ نابَ الموتِ درسًا، لم تمُتْ=وجعلتَ مِن قطعِ الوريدِ وُجودا ونقشتَ بالصدرِ المهشَّمِ أحرُفًا=تسقي سماءَ الثائرينَ رُعودا وصنعتَ مِن حشْدِ الجراحِ سلالةً=للمجدِ تخلقُ للإباءِ جنودا ومزجتَ طعناتِ الرماحِ جعلتَها=للحقِّ في جسدِ الزمانِ زُنودا ونفختَ في طيرِ الفداءِ خلقتَهُ=ليكونَ في وِسْع الفضاءِ خُلودا مَسَحَتْ جراحُكَ يا حسينُ جراحَنا=برِئتْ وصارتْ للحياةِ وَقودا وأفضْتَ من ظمأٍ بثغرِكَ لاهبٍ=وِرْدًا على طولِ المدى مورودا علَّمْتنا أنَّ الحياةَ هي الفِدا=ليستْ هواءً في الضلوعِ زَهيدا وسكبْتَ في أُذُنِ الزمانِ نفيسةً=للعزِّ ردَّدَها الزمانُ نشيدا وجعلتَ رَغْمَ الخَطْبِ مِعراجَ الهدى=يعلو إلى أقصى العَلاء صُعودا وجعلتَ خدَّ الحقِّ رَغْم دموعِه=مِن وَقْعِ رُزئِكَ يا حسينُ وُرودا فلقدْ تبلَّجَ بعدَ سعيِ مخالبٍ=ليكونَ في عُمق الثرى ملحودا وشققْتَ بالنَّبلِ الغزيرِ وبالقنا=دربًا بصخرِ الُمفسدينَ سَديدا يا نخلُ، أبصرتَ المُصابَ ولم تزلْ=حُلوًا، وساقُكَ لم يزلْ ممدودا؟! يا رملُ مِن تحتِ الحسينِ ألمْ تصِرْ=كنزًا بأيدي المؤمنينَ فريدا؟! يا تلُّ، وَقْعُ خُطا العقيلةِ لم يزَلْ=وَقْعًا عليه ضُحى الدُّنا مَسْنودا يا نهرُ، كفّا مَن رَمى ماءَ الظَّما=لمْ تفْتأا لِظَما الوفاءِ الجُودا يا كربلاءُ، وكلُّ حرفٍ نستقي=منه يقينًا في القلوبِ وَطيدا جيلٌ فَجيلٌ والوفاءُ رفيقُنا =فينا يُشيدُ ذُرا العُلا تشييدا مولودُنا في المهدِ يرضَعُ كَربلا=فيكونُ من رَحْمِ الضُّحى مَوْلودا عمُرٌ قصيرٌ فيه يصحبُنا الأسى=وتكادُ لا تَدَعُ الدموعُ خُدودا عمُرٌ قصيرٌ إنّما مِن خوْضِهِ=بحْرَ الفجيعةِ يستحيلُ مَديدا ويكونُ معَنا في اللُّحودِ بكاؤُنا=فتصيرُ روضًا، لا تظلُّ لُحودا ولدى الحسابِ فلا ثقيلَ كدمعةٍ=تغدو مزيدَ مفازةٍ ومَزيدا فالزمْ حُسينًا والبكاءَ ونهجَهُ=ولسوفَ تُبعَثُ مِن ثراكَ شهيدا ويكونُ حشرُكَ ليس مِن هولٍ بهِ=لا بلْ يكونُ بفضلِ ربِّكَ عيدا لا تأبَهَنْ للناصبينَ وحِقْدِهم =سيَظَلُّ قلبُ الناصبيِّ حَقودا واللهُ يحكمُ لا مَرَدَّ لحُكْمِهِ=ولَنَعْرِفَنَّ مُتَبَّرًا وسَعيدا نسألكم الدعاء

Testing
عرض القصيدة