هجرتُ التصابيَ والخُرَدَا = وكأسًا إذا ما امتلى أزبدا ومشى الهوينا تثنى علينا = بِقدٍ كما نشتهي قُدَّدا وحُمرُ الليالي ونظمُ التسالي = فريدًا من الدُّر قد نُضددا وغَنجٌ ودَلٌ وبالطرفِ نجلٌ = يُلاحِق عينيَ مُستَقصِدا وخِلٌ أنيسٌ وخَصرٌ لميسٌ = تأزر لكنه ما ارتدى يطوفُ وألبابُنا حولهُ = إذا لاح مٌستطَرَفًا أغيدا تنازعَ أحداقَنا جيدُهُ = بعِقدٍ تلألأ فوقَ الثداء تُرينا الليالي في خُصلِها = وصُبحُ المُحيا يُرينا الغدَا بطرفٍ تحورَ من فِطرةً = طبيعتهُ هكذا أثمدا وثغرٍ تبسمَ فيه الإقاح = يكادُ من الريقِ أن يوردَا نصوعًا سطوعًا فلو أطفأوا = سِراجًا بجانبهِ اتقدَا تعِضُّ عليه لُمًا أحمراً = يُقارب في لونهِ الأسودَا إذا ضحكت أخذتنا الظنون = إلى الحورِ لا طيفَ بل مشهدا سِوى أنها تستبيحُ الوِصال = وتِلكَ تُحِبُ بأن تُفردَا فما الصبُّ في سكراتِ الهوى = يُفيقُ إذا باللظى هُدِدَا ولو بُعِثت عِندها الأنبياء = لتَزجُرَ عاشقها ما اهتدى وكان النديمُ إماماً لنا = ودكةُ صحبائهِ مسجدا وكان الزمانُ يُنيلُ الأمان = وكنا نمُد إليه يدا إلى أن سمِعنا بناعي الحسين = يُرجعُ ما يفطِرُ الأكبدَا يُردِدُ يا كربلا كالسِهام = يصيبُ براعِشها الأفؤدَا وينشِدُ شِعرًا فجيعَ الرِثاء = يَفُتُّ الحشى كُلما أنشدَا فقمنا إليهِ بدمعٍ سخين = كأن البلاء له أوقدَا وقلنا أيا خامراً بالهوى = أراكَ جزِعتَ فماذا بدى؟ وكان يمر على شاطئٍ = تحيطُ الصخورُ به جسدا كأنهُ جاءَ الى العلقمي = مُصرًا بأن يَملأ المِزودا وفيهِ بقايا من العنفوان = تدلُ على أنه اجتَهدا ولا ندري قبل اقتحام الورود = أُبيد أم أنه قد وردا وكان مَهيبًا بِرغمِ الجِراح = يُظنُ أبوه فتًا سيدا وما حجب الدم عنه الجمال = بدى قمراً قطعتهُ المُدا يقول بأنه أبكى النخيل = بقربته ظامئًا موسدا وكاد الفُراتُ يقوم إليه = ليَمسح هامته مُكمدا تحسر كيف رمى مائهُ = وفارقه لم يبُل الصدا بغير كفوف فكفٌ هنا = وكف هُناك نئى مُبعَدا ويبدو بأنه كان يدور = بسهمٍ عماهُ فجال السُدا ومُخه كان يسيلُ دمًا = كأنه من عمدٍ عُمدا ولم يبقى سيفٌ نقيعُ الذحول = تجردَ إلا به أُغمدا وسر انتشار السهامِ عليه = إذا صوبتهُ يمُد اليدَ ويبدو بأنه لما هوى = على وجهه استقبل الجلمدَا ألا تنظرون خيامًا هُناك = وأوتادها بقيت ما عدى فهذا المسجى عمادٌ لها = وكان الأظلة والأعمدة ولما أُصيب بحد العمود = تجرئ من شاء أن يوقدا وفيها عطاشى قد انتدبوه = فجاء الفراتَ لهُم مُنجِدا وواعدهم بالروى أو يموت = فماتَ على الوعدِ مُستَشهدا فكانت ولادته من هنا = حريماً من الكف قد ولِدَا وسورة والعصر إسمُ أخيه = أتم التواصيَ من أحمدَا ولكنه مذ رآه صريع = أقامت عليه القنا محشدا هوى رُكنهُ وانحنى ظهرهُ = وناداهُ يا شملُ قد بُددا وصيحتهُ من حشى أُختهِ = فمنه النداءُ ومنها الصدى أوا كافلاهُ أوا ضيعتاه = أخي بعد جودكَ من للندى وطافت بنا راحلات القريض = تجذ بأسطُرها وُخَذا على جسدٍ لا يليقُ الثرى = بمثواهُ ما لم يكن عسجدا من الكفر محضًا إذا ما تراه = وتأبى لحُسنِه أن تسجُدا أهذا نبيٌ؟ أهذا وصي؟ = أم أنهما فيه قد وُحِدا؟ أيوسُفُ هذا من البئر جاء = إلى كربلاءَ لِكي يشهدَا؟ ولكنَ هذا يفوقُ لذاك = ويسمو بطلعته مُصعِدا فليس له غيرهُ من شبيه = بنفيِ الشبيه قد اتحدَا توحد في صومعات الجلال = فريدَ الجمالِ لكي يُعبدَا فدع للعيانِ سَراحَ الخيال = فما الحق إلا بأن تشهدَا وكان بنا عجبٌ حائرٌ = يريد اليقين لكي يفندَا أما كان أولى بهذا الفتى = لعرشِ السماءِ بأن يصعدَا؟ فماله ملتفعاً بالتراب = ومعتنقاً بالثرى الصيهدَا أليس لهذا الغلامُ أبٌ؟ = أما مات من فقده كمدا؟ فقالوا بلى إليه أبٌ = يدورُ بعينيهِ نزعُ الرَدى ولما رآهُ شتيتَ الوِصال = توزعَ من طعنهِ أفرُدا وما فيه عضوٌ بغير انفصام = كوثقَ العَرى انفصمت بالهدى كأن العدا صادفتهُ جريح = وكانت على جدهِ الأحقدَا فطاعنه شدَّ غِلَ السِنان = وطائشها بالحشى سددَا وخَرَّ كنَجمٍ على الفجرِ لاح = يُصدِعُ في بُرجِه الفرقدَا تعفرَ فوق الجراح أبوهُ = جزوعًا تعذرَ أن يجلُدَا ولمهُ في بردةٍ وطواه = فما حالُ قلبٍ طوى ولدا بُنيَ علي وعيشي بلاكَ = علي استوى جدثًا موصدَا فلا تحسَبنيَ في الغابرين = عفى العمرُ من بعدكَ وغدا يتمتمُ يا أبتي للخيام = أعدني بصدرِكَ مُلتحِدا فقتلي أهونُ من أراكَ = تجولُ بطرفِكَ مُنفردا لأُمك إن عُدتُ ماذا أقول؟ = أألقيكَ في حِجرها مُخمدا؟ وزينبُ يا ولدي قد تموت = وأنتَ كذا قِطعًا جَسدا فلما أتى به نحو الخيام = هوى قَلمُ الشِعر مُرتِعدا فعدتٌ إليه فقال اعفِني = وأرعشَ أُنمُلتي واليدَا وقال أخافُ هنا أن أقول = مقالاً جريئًا ولن يُحمدَا أقولُ بأن صغيرَ الشبال = بوسطِ النساءِ رمى الأسدَ؟ أقول بأن الحسين الوقور = إلى الخِدر مَحتضِرًا وفدَا؟ وكان التجلُدُ من طبعِه = بعُظمِ الرزايا فما جلُدَا رمى نفسه قبل رمي النساء = على إبنه والهًا مُكمدا وليلى تمُر براحاتها = على جُرحِ رأسهِ كي يُبردا وسُكنى تقولُ هنا يا أبي = أرى عاتقًا خلِعًا مِفصدا وصيحةُ زينبَ وا ولداه = وماسُمِعت بعد هذا النداء تجافى وقُم يا خليلَ الشجى = فلا يسَعُ القلبُ أن يكمُدا فزادَ وقال لهُم مُعرِسٌ = أقاموا له بالهنا محشدا وكان زفافًا قصيرَ المدى = ولكنهُ قد بقى سرمدا وفيه النساءُ تَجِرُ الصغار = وكان السوادُ الذي يُرتدى وخدُ العريسِ به دمعةٌ = فصارَ كوردٍ سقاه الندى عليه ثيابٌ من المجتبى = قميصٌ ومنطقةٌ ورداء ولفَّ العِمامةَ من أخضرٍ = تدلَت بأفخرَ ما يُعقدَا وسيف تقلده مرهفاً = تهيب حمائله مَغمدا و أُلبس من حلقاتِ الدروع = سَبوغًا على صدره أزردا ومسكٌ ندود و وردٌ و عود = إذا فاحَ من طيبهِ زُوِدَا ورملة وزينب من حوله = تصلي على المصطفى أحمدا وتتلو الصلاة مع المٌعوذات = من الحٌسن تخشى بأن يٌحسدَا فلما تجلى أمام الحُسين = تجلى به الحسن المفتدى يقول دعوني إلى عوذتي = أوفي فعمي انتخى مفردا ولما مشى مِشية الراحلين = وأسلمَ للأجل المقودَا أسَّرَ فؤادُ القرى خَطوهُ = وأضحكَ من لطفه الفدفدَا وفي سِرجِه خلت بدرَ التمام = تَخيَلَ رُغم الضحى الفرقدَا ويرجزَ من رائعاتِ البيان = أنا ابن عليٍ سِمامِ العدا أنا ابن الوصيِ وسبطِ النبي = وروحي لروح الحسينِ فدا فأن تُنكروني فسيفي يقيني = ورُمحي أشُكُ به المُجحدَ أنا ابن الصدورِ ولاة الأمور = بنا ختمة الأمر و المبتدا وأوغل حيثُ لفيفُ الذِئاب = ليزئر في الحرب مُستأسِدا وغنى الحمامُ هديلَ الغرام = وطيرُ المنية قد غردَا فهاجت به عزةُ الخُيلاء = من المرتضى فاستخفَ العِدا ومالَ إلى نعلهِ مُصلحًا = جريئًا يرى المتلقى معهدا فكان غنيمة ابن النُفيل = فأهوى على رأسِه الأجردَا وأبدلَ منهُ ثيابَ الزُفاف = بأخرى لها الدم قد جددَا فَخَّرَ به مجدُ أبائِه = مؤثلُه يندُبُ المُتلدَا فهبَ الحسينُ وذا دأبُهُ = يغيث أخًا له أو ولدا بقلبٍ فطيرٍ وظهرٍ كسير = فقامتُه تشتكي العَمدَا ونادى بُنيَ يعِزُ علي = بأن تستغيثَ ولا أُنجدَا بني أما زلتَ تشكو الظمأ؟ = أما ذُقتَ من جُرحِكَ الموردَا؟ وحاكى بحمله قوسَ النبال = ثقيلًا على صُغرِه مُجهِدا يُحدق في حُسنِه فيرى به = الحسن السبطُ قد جُسدَا لذلك مالَ قوامُ الحسين = وما قامَ مُعتدلًا أبدا رؤوه حديبًا على ذي الجناح = إلى أن تعَفَرَ واستشهدَا كفاكَ كفاك بلغتَ مُناك = فقد فات ما فات وانمردَا فقال ذروني فعندي رضيع = سأنعاه وجزًا ولن أسرُدَا بعينَيه كُل اختصار الجمال = إذا شبِحَت رامقاتُ المدى به انفلقَ الصبح بعد الغسوق = كأن الدجى منه قد بُددَا فلا حظَّ فيه لعَينِ الحسود = ولا نَفَثَ الصدرُ وانعقدَا وعينًا رأى القومُ فيه النبي = صغيرًا بلفته ملبدا فقامَ عليهم شهودُ العيان = وحَسبُ الجحودِ بأن يَجحدَا بأن الصغير بليغُ البيان = إذا ما تصوبَ واستشهدا وأجلى بُروزًا لغلِ الحقود = إذا ما تعودَ أن يحقِدَا تراه وقيدَ الحشى بالظمأ = ووجنتُه بالسنى موقدا سمومُ المكانِ ووهجُ اللسانِ = سمومانِ في قلبه اتحدا كأن السماء رمته على = ذِراعِ أبيه وما وُلدَا طلوعُ هلالٍ على ساعدِيه = إذا زاح عنهُ أبوه الردا وخاطبهم إن أكُن عاديًا = فهل ذا بظُلمٍ عليكم عَدى؟ ألا تُطفئوا منه حَرَ الغليل = لعينِ النبي سراطِ الهُدى أليس بكُم راجحُ يستقيل = ترديكمُ هوة المرتدى ؟ ألستم بني قيلةٍ في الأصول؟ = أما بلِغَت واعضًا مُرشدا؟ فأن كُنتُ في حقٍكم مُذنبًا = فهل من صغيريَ ذنبٌ بدا ؟ تغشوا ثيابهُم مِثلما = تَغشَت لنوحِ النبي العدا فكان الجواب فضيعًا أليم = يفُتُ الصفى جلمدًا جلمدا تصدى له حرملٌ راميًا = بِسهمٍ وفي نحره سددَا فصارَ يرٌفُ بصدرِ أبيه = كطيرٍ ذبيحٍ بحدِ المُذى وأغرقَ كفيهِ من دمهِ = وبادرَ في رميها مُصعدا فكانت لعينِ الثرى دمعةً = وكانت لعينِ السماء مرصدا تسامت إلى شُرفةِ المستجار = فمد لها جبرئيلُ اليدَا فلا الوعدُ وفى إليه السِقى = ولا السهم أخطئه موعِدا فلما تَقَصَدَ صوبَ الخيام = تناهى البلاءُ بما قَصَدَا وكان يسودُ على أمره = فصار المصابُ لها سيدا يُقلِبُهُ في يديهِ ذبيح = عساه يرى رمقًا مُسعِدا وثُرنَ النساءُ كسِربِ القطى = إذا ما تسابَقَ أو طوردَا سراعًا إليه بِقَدرِ الأسى = تُقفي و جائِدُها الأوجدَا وأقصدها في البلوغ الرباب = وتعرِفُ لم كانت الأقصدَا وصارت تشُدُ إلى حِجرها = ضناها وتبعثُهُ مُخمدا وأعظمُ ما فجَعَ الثاكلات = دمُ النحر بالسهمِ قد جَمَدَا حنانيك قلنا كفى، لا تزِد = وإياكَ إياكَ أن تَزِدَا فقال الذي قد تجلى يسير = قِبالَ الكثيرِ الذي ما بدى بقى السِبطُ مُنفردًا بالخيام = كما كان ذي الفضلِ مُنفردا وكان الزمان إليه يدٌ = ومِن راحتيهِ الوجودُ جدا وبابُ التوسُلِ من حادَهُ = فقد جاءَ باب السماء موصدا ففيه الرسولُ وفيه البتولُ = وحيدرُ والمجتبى عُدِدَا وفيه الخليلُ وموسى الكليم = ومن زاد عيسى فقد سُددَا ويأبى بغيرِ ولايِته = إلهُ الخلائِق أن يُعبدَا فمن وحَّدَ اللهَ من دونها = أتى للجزاءِ كمن ألحدَا ألا من نصيرٍ؟ ألا من معين؟ = على الظامئمين يعيد الندا أخي فَضخُ هامِكَ ضيعني = وجذُ يمينك جذَ اليدَا وسهمٌ بعينِكَ خلفني = أُجدي دروب المدى عرمدا وكُلُ جروحِكَ جرحٌ لدي = فقد كُنتَ لي النفسَ و الحُمدا عليٌ بُني ألا قُم إلي = ألستَ الفتى الباسِلَ الأصيدَا وحُلمُ الدلال وحلو الخصال = وفيكَ أرى الجدَ والولدَا وسِبرةُ أُنسي وقرة نفسي = فصرت بها الزاهِدَ الأزهدَا وجدتك روحي التي تُحيي = فما يجدني بعد أن أجدّا؟ أيبقى بهذه الحياة أبوك = وفقدكُ قد نزَعَ الكبدَا عريسُ المنايا جميلُ المزايا = وطيرُ الجِنانِ إذا غردَا وغُصنُ الأراكِ ومشي الملاكِ = عليه الحُسامُ إذا قُلِدَا فجيعُ الخِضابِ بحَرِ التُرابِ = تجلَلَ من رأسِهِ السؤددَا حبيبي حبيب زهيرٌ بريرٌ = يصيحُ فيِرجِعُ منه الصدى تنامونَ مِلأ الجِفونِ ردًا = وأبقى أُناشِدُكم مُسهدا فمارت على الأرضِ تنوي القيام = وكُلٌ من النخوة اضطردا فشارَ لها التزمي بالممات = قضى الله في مصرعي مُفردا وإن لحوقي بِكِ في الجنان = قريبُ المنالِ ولن يَبْعُدا ونادى ألا من يَشِدُ الجواد = فلا أرى من فتيتي أحدا فقامت على قلبِها زينبٌ = وصاحَت أيا قلب كُن جَلمَدا وجاءتهُ تسحبُ أذيالها = تقود إليه جوادَ الردى تلوم قساوتها بالحمى = تجودُ به لِسيوفِ العدا وراح طليقًا على ذي الجناح = أبِياً وحُرًا كما عُوِّدا فلَم يرى في حصدِه للرِقاب = شُجاعٌ تعَهدَ أن يَحصِدا والله أكبر باسم الإله = إذا كبَّرت هُبلًا رددَا ولما تَشابَكَ مُحتَرِبًا = وصَكَت عليهِ العِدا الأنجُدَا وجالدها ساعِدًا ساعِدًا = ولاحمَها عَضُداً عَضُدا أحسَت ببأسِهِ فانتبذت = مكانًا قصى بسُرابِ المدى تُرجِعُ منهُ ثُغاءُ القطيع = ويزأر في رعيها أسدا وأوغل في أجمٍ من سيوف = تَظلَلَ فيه القنا المقصدَا يَشِفُ من الطعنِ سِتر الدِلاص = ويمزٌقُ من ضربِه الخوذَا ووترًا إذا طوقَته الكُماة = تَفِرُّ وقد صدَّها واحدا كأن السماءَ على أرضِها = ونَجمُ المنايا هوى أسودا ووجهُ النهارِ بلا مَطلعٍ = وليلُ الزمانِ بِلا مُغتَدى ولا زال يشفي غليلَ الحقود = برُمحٍ يُصيبُ به المَحقَدَا لديهِ جناحٌ على ذي الجناح = إذا شاء للخُلد أن يصعدَا وأملاكُ بدرٍ تطوف عليه = تمنتهُ لو يطلِبُ المددَا وشيخٌ من الجنِّ صاح بهِ = ألا أؤمر حسينٌ نبيد العدا فأعرضَ عن ذا وذاك إباً = ليلقى المنيةَ مُستَفرَدا ينادي إذا كان دين الإله = يقوم بقتلي فيا مَسعَدَا فأطلقَ كفُ القضاء كفهُ = وأرخصَ كفًا عليهِ إعتدى رماهُ بِفهرٍ دعيُ الحُتوف = بِغُرِته ودمى المسجدَا فحاولاها رافعاً ثوبهُ = ليمسح عنه الدم الموردَا فجاء المثلثُ في قلبه = وبالدم من ظهره نفذَا فجاد يُسبِحُ وهو يطوف = طواف الوداعِ بسهم الردى يُخضِبُ شيبتهُ بالدماء = ليلقى الإلهَ خضيبًا غدا فما اغتمنت منه إلا السيوف = فصارَ لمَهوى الضبا معبدا وأضحى على سَرجِه غرضًا = لمن يتشفى ومن سددَا وكُثرُ الجراحِ وسَعرُ الظمأ = ونزفُ الدِماء لهُ أجهدَا فمال إلى ربوة في البطاح = وخر على حرها موسدا وظَّلَ الجوادُ يحومُ عليه = ويُدلي على كَفِهِ المِقودَا فجاء سِنانٌ له بالسِنان = وفي خِصرِه رُمحُهُ أغمدَا فَهَجَ الحَصانُ لأهلِ الخيام = جَموحًا يُقادِحُ ما أزندَا فيا عُظمَ ما قد طوى صَهلُهُ = ويا ثِقلَ ما به قد أبردَا وعند العقيلةِ ذاكَ الشموس = ثنى رُكبتيه وألوى اليدَا وألقى برأسِهِ في حِجرها = وحمحمَ مفتجِعًا مُزبدَا فصاحت به كيف خلفتهُ = يجود بنفسهِ بين عدى ألم تدري أنهُ روحُ البتول ؟ = وللخلدِ تدري به السيدَا فقامَت ويا لقيامٍ لها = أقام الزمانَ وما أقعدَا وهامت بنِسوَتِها راكضات = لتُصبِحَ دون حماها فِدا بغيرِ شعورٍ نشرنَ الشعور = وما لها إلا النحيبُ حدا فما جِئنَ إلا وشمرُ الخنى = بصدرهِ مُنتعلًا صعدَا بموضِعِ تقبيلِ طه الرسول = وسر القضى آخذًا مقعدَا فلما رآه الحسين دعاه = أمط عن لثامِكَ كي أشهدَا إذا له وجهٌ كوجهِ الكلاب = بدى أبقعًا أبرصًا أجعدَا وشؤم الخنازير في خلقِه = تربَعَ مُستَقبَحًا نَكِدا فصلى الحسينُ على جَدهِ = ونداه ما قُلتَهُ قد بدى فشاطَ الدعيُ على المُصطفى = وقام برفسِ إمامِ الهُدى فصار العُلى وجههُ للثرى = يُلفِظُ من فمهِ المِربدَا يصيحُ وجدي أنا ظامئٌ = ونفسي قد اشتعلت موقدا وراح يُهبِرُ أوداجه = وعن جسمِهِ رأسُهُ أبعدَا وأدفَقَ منحَرُهُ مَيزبًا = من الدم ألبسَهُ مَجسِدا يُكبِرُ والرأسُ في كفِّهِ = من النصبِ في ما يظنُ اهتدى وأعلاه مُفتخرًا فبدى = على ذروةِ الرُمحِ مُتقِدا فهبت رياحٌ كريحِ ثمود = وصار المدى أحمرًا أسودًا وسُحبُ السماءِ دمًا أمطرت = وبارِقُها صعِقًا أرعدَا وقلبُ العليلِ على نُطعهِ = تفطرَ بالخدرِ وانمردَا وصاح بعمَتِهِ هَيِئي = حَصانَ النساءِ لسبيِ العدا وهتكِ الستورِ وحرقِ الخدورِ = وصدِّ المُغيرِ إذا ما اعتدى ونزعِ القراطِ ولسعِ السياطِ = بِكفِ الحقودِ إذا جَلدَا ووكزِ الرماحِ وسيلِ الجراحِ = بخدٍ من اللطمةِ استوقدَا وسلبِ الحجابِ وكشفِ النقابِ = وتعوضيهِ بالجُموعِ يدا فلا تصرُخي يا كفيلي العدا = أغارت فإن الكفيلَ غدى عليه اللواءُ وجودُ السقاء = بوعدِهِ و الغيرةِ مُددا فلولا العمودُ وقطعُ الزنود = لجاء يُوفي بما وعدَا فلا ترفعي الصوتَ يابن أبي = بخدريَ شِمرُ الخنا عربدَا فإن الحسينَ بلا رأسِه = فكيفَ يقوم لكِ جَسدا؟ أيأخُذُ رأسَهُ من رُمحِهِ = و يأتيك يا زينبٌ مُنجدا؟ توسَدَ من نَحرِهِ ظامئً = ولا يُحصى مِن جُرحهِ عددا فمدي اليدينِ لأغلالهم = إذا قربوا النوقَ والأصفُدَا فإنَ الزمانَ أطاحَ بِكُم = وهدَّ البناءَ الذي شُيدَا ولفَّ الحبالَ على عُنُقي = وحزَّ المعاصِمَ والأعضُدا وألوى على سِترُكُم يَدهُ = وجاذَبكُم مِئزرًا وردا وقيدكُم بالسباءِ وما = أذَل الأسيرَ إذا قُيِدَا وأهوى بتاجِ معزتِكُم = وطوقكُم ذُلَهُ مَقلَدا فلا سَكَنَ الجُرحُ من كربلاء = ولا طرفُكم بالسُرى هوَّدَا وصرختُكم يالثارِ الحُسين = ستعلوا بحُرقتِها أبدا إلى أن يقومَ عظيمُ المقام = بقرعِ السيوفِ يَرُدُ الصدى ويُصبِحُ كُلُ الزمانِ لكم = ومن يدِكُم مُلكُه يُجتدى وتبسِطُ راحاتُكم جودهُ = فلو قُبِضَت عزَّ أن يرفِدَا