مصابُ المجتبى أشجى الضلوعا = وأَجرى طيلةَ الدهرِ الدموعا وقد أبكى الأصولَ بغابِ هديٍ = كما أبكى – ولم يزلِ الفروعا وأشجى النورَ في قمرٍ حزينٍ = وفي شمس الضحى أشجى السطوعا ولم يزل الصفا يبكي عليهِ = وظلّ لأجله المروى فَجوعا وقد بكتْ المآذنُ إذ تعالى = أذانٌ مُفجَعٌ ذرَفَ الرَّجيعا فلا عجَبٌ إذا نشجتْ سماءٌ = وصدرُ الأرض لو شهد الصُدوعا ولو سكتَ الهواءُ عن البرايا = ولو حُرموا السحائبَ والرُبوعا فإنّ إِمامَهم طُرّاً – ولهفي = قضى إذْ أُسقيَ السُمَّ النقيعا فضجّ الكونُ قهراً واضطراباً = وما عرفَ السكونَ ولا الهُجوعا وصار الصبحُ عتماً للمُوالي = ومثْلَ القفْرِ صارَ يرى الربيعا سقتهُ السمَّ جعدةُ، ما دهاها = لتقتلَ زوجَها السبطَ الوديعا ستُسقى من حميمٍ سقيَ هيمٍ = وتُطعَمُ في جهنّمِها الضريعا فيا للهِ كم هتكتْ سُتوراً = ويا للهِ كم فعلتْ فظيعا !! عجيبٌ أنّ في امرأةٍ طِباعاً = لتفعلَ ذلكَ الفعلَ المُريعا عجيبٌ بغضُهم للآلِ! بغضٌ = أصابَ الدينَ والدنيا جميعا فللزهراءِ قد غصبوا حقوقاً = وللزهراءِ قد كسروا ضلوعا ! وللزهراءِ قد قتلوا جنيناً ! = وللزهراءِ قد جمعوا الجذوعا! وأمّا للوصيِّ فنكثُ عهدٍ = جديدٍ لم يزل غَضّاً يَنيعا وإقصاءٌ وهضمٌ واجتراءٌ = على مَن دكَّ خيبرَ والدروعا على مَن سيفُه مطرٌ سحابٌ = فيمطرُ من دمِ الكفرِ النجيعا ! فما لبثوا وقد حشدوا جيوشاً = لحربٍ شيّبتْ حتى الرضيعا وما لبثوا وقد خرجوا عليه = وما لبثوا وقد جمعوا الجُموعا وما لبثوا وقد فاضت دماءٌ = على المحرابِ قد غمرتْ خُشوعا! فصار يصارعُ الآلامَ صبراً = وأمسى سيّدُ التقوى صريعا! فما بعد الرسولِ هناك فقْدٌ = كفقده أثكلَ الهديَ المنيعا ولا بعد الرسولِ ترى فؤاداً = لمثل مُصابِه أمسى جَزوعا! وهذا المجتبى ورثَ السجايا = كما ورثَ الرزايا والدموعا فليس أقلَّ مِن حربِ الأعادي = عليه تخاذلٌ رضعَ الخُنوعا فأَغمدَ سيفَه ليَسُلَّ حفظاً = لشمسٍ أصبحتْ تبدو شُموعا ! ليحفظَ ثلّةَ الإيمانِ حتى = تعانقَ نيْنوى النفرَ المُطيعا لتبقى جمرةُ الإيمانِ حرّى = وإنْ غطّى الرمادُ لها السطوعا لتبقى عصبةٌ تعصي يزيداً = وتُسقطُ ذلكَ الكُفرَ الخليعا و إنّ الشمسَ تبقى الشمسَ حتى = وإنْ غابتْ وظُنَّ بها الهُجوعا فما غابتْ ولكنْ غابَ عنها = كويكبُ رحلةٍ يَمضي سريعا كذلك فالإمام وإنْ تخلّى = عن الحُكمِ اضطرارا لا خُضوعا فقد بقي الإمامَ لكلِّ حيِّ = وغيرِ الحيِّ والدنيا جميعا وإنَّ الشمسَ يبغضُها ظلامٌ = تبدّدُه، فما يُلفى تَبيعا وإنّ القفرَ يكرهُ كلَّ غيثٍ = وتُبغضُ دولةُ الجدْبِ الزروعا وليس الكفرُ يضطجعُ ارتياحاً = إلى أن يجعلَ التقوى ضجيعا فدُسَّ السمُّ للمولى بأكلٍ = فأَشحبَ للهدى الوجهَ الربيعا وقطّعَ للهدى كبِداً طهوراً = و أوقفَ للهدى القلبَ الخَشوعا وحقٌّ للحفيدِ جوارُ جَدٍّ = إذاً لِمَ جاورَ السبطُ البقيعا ؟! لماذا بغلةٌ شمَستْ وهاجتْ = وشاءتْ تُوقظُ الجملَ القطيعا؟! لماذا شيَّعتْه نبالُ حقدٍ؟! = وخالطَ سمُّه منها نجيعا ؟! وقد ورثَ الحفيدُ لهم عداءً = لآلِ المصطفى جِدّاً فظيعا! جذورٌ سمّمتْ رشقتْ وأقصتْ = ويا لله ما أوفى الفروعا ! فقبرُ المجتبى يبدو كقبرٍ = حوى عبداً بلا نَسَبٍ وضيعا ! هنالك تَذرِفُ الأحجارُ دمعاً = ومَن هدموا فقد قَتلوا الدموعا! هنالكَ يُزدرى الأطهارُ جهراً = ويُجعَلُ مَن هوى رجلاً رفيعا ! هنالكَ يُحتفى بقيامِ شرٍّ = ويُبغى للهدى السامي الوقوعا! هنالكَ يُحتفى بوجودِ كُفرٍ = ويلقى المؤمنونَ أذىً فظيعا! وكم من آيةٍ للحقِّ تُتلى = حروفاً، ثمّ لا تلقى مُطيعا! ويا للهِ كم خلطوا ضلالاً = بحقٍّ، يبتغون له ذُيوعا! ويا للهِ كم صنعوا قناعاً = يقول الزهدَ، لا يُلفى قَنوعا! وكم وضعوا الصحائفَ لافتراءٍ = ليبدوَ مَن يخالفُهم وضيعا! وكم أمضَوا لتشويهٍ لساناً! = وكم دفعوا! وكم صنعوا صنيعا! ولكنْ قد دنا طوفانُ نوحٍ = سيغسلُ أرضَنا غسلاً وسيعا يزيلُ الرجسَ عن كلِّ النواحي = وتسطعُ دولة القُربى سطوعا فلا والله لا يرتاحُ قلبي = إلى أنْ تبنيَ الشمسُ البقيعا وأشهدُ قبّةً تعلو ونهراً = من الزوّارِ قد وَفدوا جُموعا سلام الله مشفوعٌ بعطرٍ = لمن أرجوه في حشري شفيعا

Testing
عرض القصيدة