"سكينة...في ليلة الوحشة"
في عذابات السيدة سكينة بنت الحسين عليه السلام بعد انقشاع غبار الواقعة و حلول الليل على الأجساد المسلوبة و السبايا المفجوعة.
د. حسن آل حطيط ألعاملي
1
سكينة رمقت بطرفها طرف السحاب
سألته: هل شهدت عذابا
أشدّ من هذا العذاب؟
هل رأيت مصابا
أجل من هذا المصاب؟
هل عرفت ذئابا
أفظع من هذي الذئاب؟
قتلوا كل ما فينا
و تناوشوا على الثياب!
سبونا بلا وجل
و قتلانا بين الهضاب!
و خلّونا بلا أمل
و تركونا بلا حول
و موتانا على التراب!
2
سكينة رفعت برأسها نحو النجوم
سألتها: هل شهدت سكونا
أقسى من هذا السكون؟
هل لحظت هموما
أمرّ من هذي الهموم؟
هل لقيت غموما
أشدّ من هذي الغموم
تصعد من هول البلايا
تطلع من ذعر السبايا
و تسكن في الغيوم؟
هل رأيت عيونا
تعمى من هول الشجون؟
هل سمعت أنينا
بكاءا أو حنينا
يصمّ آذان المنون؟
3
سكينة تمتمت ألما في أذن الرياح
سألتها: هل تدرين أن الدم
قد صبغ البطاح
فلا المساء مساء
و لا الصباح صباح؟
هل تدرين أن القلب
قد ذاب من فرط النياح
و النفوس قد يئست
و هاجت الأرواح؟
هل تدرين أن الليل
قد حلّ ينكأ في الجراح
و يستثير الأيامى
و يستفزّ اليتامى
فتهرب في كل ناح!
4
سكينة أرسلت شجوها نحو السماء
سألت: هلاّ من مجير
من هول هذا البلاء؟
هلاّ من نصير
على بطش هذا الشقاء؟
هلاّ من قريب
هلاّ من غريب
يرفع هذا العناء؟
هلاّ من كريم
هلاّ من حميم
يسمع هذا النداء؟
فأجابها صوت و رأت ضياءا:
سكينة قرّي و ازدادي صفاءا
احضني النور و انشريه سناءا
ألله قد قضى أمرا
و الأمر حوى سرّا
لهم كان الفناء
و سيفنون فناءا
و لكم كان البقاء
و ستبقون بقاءا!