خـــــطــــاب الـــــــــى يــــزيــــد
بــــــــدر شــــاكــــر الـــســـيــاب
ارمِ الــسـمـاءَ بــنـظـرة
اســتـهـزاءِ واجـعـل شـرابـك مــن دم
الأشــلاءِ
واسـحـق بـظـلّك كـلَّ عـرض
نـاصعٍ وأبــــح لـنـعـلك أعــظـم
الـضـعـفاءِ
وامـــلأ سـراجـك إن تَـقَـضّى
زيـتـهُ مـــمــا تـــــدرُّ نــواضــب
الأثــــداءِ
واخــلـع عـلـيـه كــمـا تـشـاء
ذبـالـةً هـــدب الـرضـيـع وحـلـمة
الـعـذراءِ
واســدر بـغـيّك يــا يـزيد فـقد
ثـوى عــنـك الـحـسين مـمـزَّق
الأحـشـاءِ
والـلـيل أظـلـم والـقـطيع كـما تـرى يـــرنــو إلـــيــك بــأعــيـن
بــلــهـاءِ
أحـنـى لـسـوطك شـاحباتِ
ظـهوره شــأن الـذلـيل ودبَّ فــي
اسـترخاءِ
وإذا اشـتكى فـمن الـمغيث وإن
غفا أيـــن الـمـهـيب بـــه إلـــى
الـعـلياءِ
مـثَّـلـت غـــدرك فـاقـشـعرَّ لـهـولِـه قــلـبـي وثـــار وزلـــزت
أعـضـائـي
واسـتقطرت عـيني الـدموع
ورنّقت فــيــهـا بــقــايـا دمــعــةٍ
خــرســاءِ
يـطـفو ويـرسـب فـي خـيالي
دونـها ظــــلٌّ أدقُّ مـــن الـجـنـاح
الـنـائـي
أبــصـرت ظــلـك يـــا يـزيـد
يـرجُّـه مـــوجُ اللهيـــب وعــاصـف
الأنــواءِ
رأس تـكـلّل بـالـخنا واعـتـاض
عــن ذاك الــنــضــار بــحــيَّـة
رقـــطــاءِ
ويـــدان مـوثـقتان بـالـسوط
الــذي قـــد كـــان يـعـبث أمــسِ
بـالأحـياءِ
قـم فـاسمع اسـمك وهـو يغدو
سبّةً وانـظـر لـمـجدك وهـو مـحض
هـباءِ
وانـظـر إلــى الأجـيـال يـأخذ
مـقبلٌ عــن ذاهــب ذكــرى أبــي الـشهداءِ
كــالـمـشـعـل الـــوهّــاج إلا
أنـــهــا نـــور الإلـــه يــجـلّ عـــن
إطــفـاءِ
عـصفت بـي الـذكرى فـألقت
ظـلّها فـــي نــاظـريَّ كــواكـب الـصـحراءِ
مـبـهورة الأضــواء يـغـشى
ومـضـها أشــبـاح ركــب لــجَّ فــي
الإســراءِ
أضـفى عـليه الـليل سـتراً حِـيك
من عــرف الـجنان ومـن ظـلال (حـراءِ)
أســــرى ونـــام فـلـيـس إلاّ
هِــمَّـة بـاسـم الـحـسين وجـهـشة
اسـتبكاءِ
تـلـك ابـنـة الـزهـراء ولـهـى
راعـهـا حــلــمٌ ألـــمَّ بــهـا مـــع
الـظـلـماءِ
تـنـبي أخـاهـا وهــي تـخـفي
وجـهها ذعـــراً وتــلـوي الـجـيد مــن إعـيـاءِ
عــن ذلــك الـسـهل الـمـلبَّد يـرتمي فــي الاُفــق مـثل الـغيمة
الـسوداءِ
يـكـتظّ بـالأشـباح ظـمأى
حـشرجت ثـــم أشـرأبَّـت فــي انـتـظار الـمـاءِ
مــفــغــورة الأفــــــواه إلا
جـــثَّـــة مـــن غــيـر رأس لُـطّـخـت
بــدمـاءِ
زحـفـت إلــى مــاء تــراءى ثـمّ
لـم تـبـلـغه وانـكـفـأت عـلـى
الـحـصباءِ
غـيـر الـحـسين تـصـدّه عـمـا
انـتوى رؤيــــا فــكُـفَّـي يــابـنـة
الــزهــراءِ
مَـن لـلضعاف إذا اسـتغاثوا
والتظت عـيـنا (يـزيـد) ســوى فـتـى
الـهيجاءِ
بــأبـي عـطـاشـى لاغـبـيـن ورضّـعـاً صُـفـر الـشـفاه خـمـائص
الأحـشـاءِ
أيـــد تــمـدُّ إلـــى الـسـماء
وأعـيـنٌ تـرنـو إلــى الـمـاء الـقـريب
الـنـائي
طــــام أحــــلّ لــكــل صـــاد
ورده مــن سـائـب يـعـوي ومــن
رقـطاءِ
عـزَّ الـحسين وجـلَّ عـن أن
يشتري ريَّ الــغــلـيـل بــخــطَّــة
نـــكــراءِ
آلــــى يــمـوت ولا يــوالـي
مــارقـاً جــــمّ الـخـطـايا طــائـش
الأهـــواءِ
فـلـيـصـرعـوه كـــمــا أرادوا
إنــمــا مـــا ذنـــب أطـفـال وذنــب
نـسـاءِ
عـاجـت بــي الـذكرى عـليها
سـاعةً مـــرَّ الـزمـان بـهـا عـلـى
اسـتـحياءِ
خـفـقت لـتكشف عـن رضـيعٍ
نـاحلٍ ذبــلــت مــراشـفـه ذبــــول
خــبـاءِ
ظــمــآن بــيـن يـــدي أبــيـه
كــأنـه فــرخ الـقـطاة يــدفُّ فــي
الـنـكباءِ
لاح الـفـرات لــه فـأجـهش
بـاسـطاً يــمــنـاه نــحــو الــلـجَّـة الــزرقــاءِ
واستشفع الأبُ حابسيه على الصدى بـالـطـفل يــومـئ بـالـيـد
الـبـيـضاءِ
رجّـى الـرواء فـكان سـهماً حـزَّ
في نــحـر الـرضـيع وضـحـكة
اسـتـهزاءِ
فـاهـتـزَّ واخـتـلـج اخـتـلاجـة
طــائـرٍ ظــمـآن رفَّ ومـــات قــرب
الـمـاءِ
ذكـــرى ألــمّـت فـاقـشـعرَّ
لـهـولِها قـلـبـي وثـــار وزلــزلـت
أعـضـائـي
واسـتقطرت عـيني الـدموع
ورنَّقت فــيــهـا بــقــايـا دمــعــة
خــرســاءِ
يـطـفو ويـرسـب فـي خـيالي
دونـها ظــــلٌّ أدقُّ مـــن الـجـنـاح
الـنـائـي
حـيـران فــي قـعـر الـجـحيم
مـعلّقٌ مــا بـيـن ألـسـنة الـلـظى
الـحمراءِ
بــــدر شــاكـر الـسـيّـاب الـبـصـرة