ذكرى الطفِّ(1) أنور خليل ضجَّت الأرض وحيتك السماءُ=يا شهيداً قد طوته كربلاءُ يا شهيداً هلَّل الخلد له=وتباهت بعلاه الشهداءُ لم تزل منك على طول المدى=صورةٌ ليس لمعناها انتهاءُ بأبي أنت لقد أضرمتها=ثورةً للحقَّ يُذكيها الإباءُ بأبي فتيانك الصيد الاُلى=آثروا الموت كما شئت وشاؤوا كالنجوم الزهر إن غمّ الهدى=والليوث الغلب إن حم اللقاءُ فئة عزلاء إلاّ من تقىً=ملؤها حقٌّ وصدقٌ ومضاءُ قلَّة لكنما قد هزأتْ=بجيوشٍ ضاق عنهنّ الفضاءُ وظِماءٌ يتبارون على=موردِ الموت عسى منه ارتواءُ فئةٌ مؤمنة قد نازلت=جحفلاً يحدوه ظلمٌ واعتداءُ طف بأرض الطفَّ واستوحِ الثرى=فعليه من دم القتلى ضياءُ واذكرنْ موقعةً فاصلةً=هي بين العدل والظلم بلاءُ واذكرنْ شبلَ عليٍّ عندما=خانه القوم وجاروا وأساؤوا وأبا الفضل وما أفضله=فارساً يزهو بكفّيه اللواءُ ولقد عَزَّ عليه إن رنا=للحسين السبط يؤذيه الظماءُ(2) قصد الماءَ لكي يسعفه=فاذا الماءُ رماحٌ وظباءُ(3) مات بين الطعن والضرب فتىً=هو للإيثار والبأس سماءُ والحسين الليث يعدو هاجماً=لا يبالي فكأنّ القومَ شاءُ فتحدّاهم ببأسٍ ونضا=صارماً فيه من الله سناءُ واذكرنْ أنصاره إذ قدَّموا=دونه أنفسهم نعم الوفاءُ إن ذكراك وما أعظمها=كلُّها نبل وفخر ووفاءُ سجَّل التأريخ عن روعتها=صفحةً حمراءَ يرويها البقاءُ تقرأ الأجيال فيها موقفاً=علَّم الأنذال كيف النبلاءُ سيدي قدَّمت درساً عالياً=لبني الدنيا فما فيه امتراءُ سيدي علّمت أحرار الورى=أنَّ عيش الذلَّ والموتَ سواءُ أنت قوَّضت على أصحابها=دولةً للظلم فانهار البناءُ هانت الدنيا على ابن المرتضى=بئس دنياً ساد فيها الأدنياءُ أيُّها الباكون سبط المصطفى=ويحكم ليس له يرجى البكاءُ هو أسمى مفخراً أن يغتدي=بطلاً يبكي عليه الضعفاءُ قد فدى الدين بزاكي دمهِ=عظم المفديُّ شأناً والفداءُ يا لجرحٍ خالدٍ لم يلتئمْ=كم له فاضت دموعٌ ودماءُ أي قلبٍ مؤمنٍ في حبكمْ=لم يحرَّقه الأسى والبُرَحاءُ أي عين لم تذل أدمعها=فعسى بالدمع للحزن انطفاءُ ويطوي الدهر ويُطوى أهله(4)=وخطوب الناس يطويها الفناءُ غير خطب أبديٍّ مفردٍ=ما له ثانٍ ولا منه عزاءُ كلّما أقبل عام أقبلتْ=ذكرياتُ الطفِّ فاربدَّ الصفاءُ لكمُ يا آل بيتِ المصطفى=مأتمٌ في كلِّ قلبٍ ورثاءُ عبرات القوم لمّا انفجرت=عبّرت عن حزنهم لا الشعراءُ بأبي أنتم هدانا الله في=نوركم يا من بكم زال الخفاءُ كم لكم من تضحياتٍ جمَّةٍ=وبطولاتٍ لها يعنو القضاءُ(5) بالنفوس الغرِّ جدتم في الوغى=وسواكم بحطامٍ بُخلاءُ يا ضحايا المثل الأعلى الذي=هو لولاكم خيال وهراءُ بعتم الدنيا وأقبلتم على=جنَّةِ الخُلد وفيها الأصفياءُ ليت كلَّ الناس في ذكراكمُ=قبسوا بعض سناكم واستضاؤوا أيُّها القوم اذكروا أبطالَكمْ=إنما الذكرى عظاتٌ وولاءُ فاجعلوا سيرتهم نبراسكمْ=واتبعوا النهج الذي فيه التجاءُ ليس يجدينا عويلٌ صاخبٌ=ومناحاتٌ ولطمٌ وبكاءُ إنما ينفعنا يا سادتي=اِهتداءٌ بهداهم واقتداءُ أنور خليل العمارة

Testing
عرض القصيدة