ما كانَ عَهْدِي بِالذينَ تَحَمَّلُوا=إلا كَعَهْدِ مَنِ احْتَواهُ الجَنْدَلُ هَجَرَتْ قَرارَ الحالِ نَفْسِيَ مُذْ رَقَى=قَلْبي جِهامَ العيسِ ساعَةَ أَجْفَلوا و حَكَتْ دُمُوعي إِثْرَهُمْ رَسْمَ السُّرى=بَعْضٌ يَخِبُّ و آخَرٌ يَتَغَلْغَلُ و مَحاجِري لِفِراقِهِم كَدِيارِهِم=أَوْدى مَعالِمَها مُلِثٌّ مُمْحِلُ أَسْلُو وَ كَيْفَ لِيَ السُّلُوُّ وَ لِي بِهِمْ=رَأْيٌ يُشَلُّ و ذاكِرٌ يَتَبَتَّلُ ولَهُم بِأَحْشائي نَجِيُّ صَبابَةٍ=عَنْها جِهاراً مُقْلَتَيَّ تُوَلْوِلُ الله يا وَطَنَ الأَحِبَّةِ إنَّني=لِطَلِيقِ فِكْري في ذُراكَ مُكَبِّلُ وأراكَ مَغْنى ما أَزُجُّ مِنَ الثَّنا=نَظْماً و إيماءً عَلَيْكَ أُدَلِّلُ و لأنتَ عَيْنُ مَعِينِ كُلِّ رَوِيَّةٍ=بِدُموعِ ناظِمِها طِلاً تَتَكَحَّلُ لم أقتَبِسْ مِن قاعِ قَلْبي جَذْوَةً=إلا و أنتَ بِها الشِّهابُ الأجْدَلُ كَلا ولَنْ أُبْدي لِغَيْرِكَ هِمَّتي=ما دُمْتَ أنت مِنَ الهُمومِ الأطوَلُ ومِنَ الهَوى دارٌ يَحِلُّ بها الفَتى=في الحِلِّ والتَّرْحالِ لا تَتَبَدَّلُ وَطَنٌ و حَيْثُ أُحِبُّ فهو مِنَ الهوى=قَتْلي وَحَيْثُ أشوقُ فَهو المقْتَلُ وَطَنٌ مَرابِعُهُ مَراتِعُ ناظِري=وكَذا مَنازِلُهُ لِقَلْبِيَ مَنزِلُ وَطَنٌ بِهِ الزَّهْراءُ حَطَّ جَلالُها=فَفِداءُ تُرْبَتِهِ الوُجودُ الأَكْمَلُ أَصْلُ النبوَّةِ و الوِلا يُنْبِيكَ عَن=إجلالِها مَلَكٌ و يَشْهَدُ مُرْسَلُ هي روحُ حَيْدَرَةٍ و مُهْجَةُ أَحمدٍ=بَل إنَّها الخَلْقُ الكَريمُ الأَوَّلُ خَيْرُ النِّسا بَلْ خَيْرُ مَنْ وَطِئَ الثَّرى=مِنْ دونِها رُفِعَ السِّماكُ الأعْزَلُ عَنَّتْ لها الأَيامُ فَهي شَواهِدٌ=تَمْضي على آياتِها فتُبَجِّلُ آلاؤُها هِبَةُ الحَياةِ و فَضْلُها=في الكائِناتِ على المَدى مُتَطَوِّلُ ولأجْلِها ابتَلَجَ الصَّباحُ و نورُهُ=و اسوَدَّ ليلٌ في المجرةِ أليَلُ ولحبِّها خَلْقُ الجنانِ وسُعِرَتْ=نارٌ لشانِئها تشوه و تنكِلُ سادَ الورى أجدادُها وبها على=أجدادِها أبناؤُها قد فُضِّلوا والدرُّ كلٌ في الجمالِ مُصدرٌ=لكن يَزينُ الدرَّ ما هو أجملُ خَلْقٌ ولكن فَوْقَ كُلِّ خَلِيقَةٍ=جَلَّتْ فَمَعْناها البَعِيدُ المُعضِلُ سَلْ "هل أتى" أوَ هَلْ أتى بِمِثالِها=دَهْرٌ يَجُودُ على الأنامِ ويَبْخَلُ هي آيةُ القُرْبى و شَرعُ وِدادِها=فرضٌ به مِنّا الفَرائِضُ تُقبَلُ هي ليلة قد جَلَّ قدساً قدرُها=فيها الملائكُ بالقضاءِ تَنَزَّلُ وكذاك تَرْبُو أَلْفَ شَهْرٍ مِثْلَما=هي مِنْ جَمِيعِ الخَلْقِ طُراً أَفْضَلُ الطُّهرُ نَفساً و الرَّضِيَّةُ رُتبَةً=أبَداً و أزكى ما يكونُ و أنفَلُ جَمَعت صِفاتَ الأنبياءِ فكلُّهم=مِنها على قَدَرٍ يَرومُ و يَنهلُ والكلُّ ما نزَلَ القضاءُ بِساحِهِ=في النائِباتِ بفضلها يَتَوَسَّلُ وشَفِيعَةٌ في الحَشْرِ يَوْمَ وُقوفِهِمْ=والكُلُّ يَرْجوها هُناكَ و يَأْمُلُ جَهِلَ الوَرى مِقدارَها فَتَراهُمُ=يَتَصاوَلُونَ بِها و كُلٌ أعْزَلُ فالبَعْضُ عن سَفَهٍ يَقولُ و يَدَّعي=والبَعْضُ يَخْبِطُ كالعَشِيِّ و يخطِلُ والكلُ في دَرَكٍ تربَّصه الردى=فيه العقولُ عن البصائر تذهَلُ جلَّت فدقَّت في النفوسِ فضاق عن=إدراكها عقلٌ وضلَّ مُضلَّلُ أبداً كمثلِ الشَّمسِ يُبديها الضيا=وعن العيونِ بضوئها تتسربلُ مفطومة عن كلِّ رجسٍ كُنهُها=سرٌّ لدى علمِ الإله مجلَّلُ هي سرُّ بارئها و محض جلالِهِ=ومِثالُهُ الأعلى الذي لا يُعدَلُ هي رُكنُ رحمتِهِ وغايةُ جودِه=و جَنابُ رأفتِهِ البَهِيُّ المُؤثَلُ و الحجَّةُ الكُبرى على حججِ الورى=من عِلمِها نَهَلوا و عنها أَنْهَلوا فاللَّوحُ مما تحتويهِ علومُها=يبدي على صَفَحاتِهِ و يُسَجِّلُ مَلَكت زِمامَ العالَمِين فأمرُها=فصلٌ لدى سمةِ القضاءِ و فيصلُ نفسي لمقدمِها الفدا أيَدُعُّها=عبدٌ و يَزجُرُها اللَّئيمُ الأرذَلُ وهي التي طَوْعاً لهِمَّةِ لَحظِها=عقلُ المجرةِ صاغراً يتمثَّلُ يا عقلُ فاجزَع ما ذَكّرْتَ مُصابَها=إن العقولَ لمثلِ ذا لا تعقلُ والدَّمعَ يا عيني فسُحيهِ قذاً=سَيْلاً به تَطِفُ الجبالَ الأسهلُ واحكي فؤادي وجدَ كلِّ مُتيمٍ=سمةُ الأسى في وجنَتيهِ تُدَلِّلُ و بِغُصَّتي لُذْ يا لِسانيَ مثلَما=لاذَتْ وراءَ البابِ ساعةَ أقبلوا أوَ تُحرَقُ الدارُ التي عن أهلِها=ما زال ثغرُ البيِّناتِ يُرَتلُ أوَ يُلطَمُ الوجهُ الشريفُ وكم هوىً=طه بأمرِ اللهِ كان يُقَبِّلُ أوَ يُسقِطونَ جنينها لهفي لها=وبصدرها المسمارُ حقداً أشكلوا وتقول يا ابن العم يا غوثَ الورى=يا من لصارمِه يُساقُ الجَحفَلُ يا واحدَ الدنيا و غِبَّ فنائها=ومُجندلَ الأبطالِ حيثُ تَجَدَّلوا أتراه يلطمني و يحرق منزلي=وينال من حُرمي و أنت مُكبَّلُ وخلافةٌ لك قد أقيمَ قوامُها=لسواك يا ابن الخيرِ ها قد أنحلوا بمن العزاء ومن سواك لي الحمى=وبمن يجار المستجير و يأمُلُ فأجابها و الدمع من أثرِ الضنا=كالنارِ يقدحُ في اللحاظ فيُشعِلُ لولا وصيةُ أحمدٍ لسقيتُهم=صرف الردى مما يمج المِنصلُ ولَسُمتُهم خَشْناءَ يَغْلُظُ كَلْمُها=فيها تَجُسُّ على الأُنوفِ الأَرجلُ لكن أُمِرْتُ بحمل ما لو بعضُهُ=في يذبُلٍ لاندك قاعاً يذبلُ و الفضلُ في عدلِ الصروف وإنما=صبر القلوبِ على النوائب أفضلُ أسَفي عليك أبا الحسين بقدر ما=أنا عن ولائك في التفاخرِ أرفلُ وكما عليك تفجعي طول المدى=لك في سرورِ القلبِ ما هو أطولُ ولقد جمعتَ بخِلقَتي ضدينِ ما=جمعا سوى في من بحبك يُجبلُ لينَ الحيا ورقيقَ طارئة الهوى=وجلادَ مقتحمِ المهالكِ فطحَلُ وكذاك أنت بهيجُ رائقةِ الولا=طوراً و طوراً في النوائبِ مِعولُ شرعٌ هواك ويا بحبك من لظى=ننجو غداة عداك فيها أُدخِلوا يا راكباً وثبت به شِملالةٌ=وَثبَ المها حيثُ استشاطَ النهشلُ حثاً تخالُ بها يَلَمْلَمَ سارِباً=وعلى قوائمِها تميسُ الأسهلُ عرِّج على شِعبِ العُلا من غالبٍ=حيث الصفا و المُستجارُ يُقَبَّلُ وَأتِ الحُجون وقل ألا مِن هاشمٍ=نفرٌ على شَحذِ الصوارمِ أُنسِلوا أين الأُلى تركوا التِّراتَ وقبلُ هم=زُبُرَ القلوبِ على السَّوابِغِ أهدلوا أين الذين همو إذا شبَّ الوغى=من دونها بذلوا النفيسَ و أجزَلوا المانِعينَ الجارَ و هو طريدُهم=و المُكرمين الضيفَ أنى أُنزِلوا والمُرجفين قلوبَ أقرانِ اللِّقا=بثَباتِ أفئدةٍ تَقُذُّ و تُرْقِلُ و المُطعمينَ الوحشَ من صَيْدِ القَنا=و الراكبين الموتَ حيث ترجلوا العابدين الزاهدين أولي النُّهى=عن قولهم وحي الكتاب يُأَوَّلُ الراجحين العقل مهما نوظِروا=و الراسخين الحلم مهما زُلْزِلوا قومٌ إذا ثقُلَت مطالِبُ ذي العلا=خَفوا لداعيها بما هو أثقلُ أبداً كأمثالِ السحابِ أكفُّهم=إما نَوالاً أو وبالاً تهطلُ سَلْهُم فديتُكَ أين حلَّ شريدُهم=و لأي حينٍ بالغيابِ مُجَلَّلُ ولم القعود و قام دين بني الخنا=في مَنْ يَشاءُ مِنَ العِبادِ يُنَكِّلُ إن كان يسمعني فثمَّةَ مُبرِقٌ=في الصدرِ يُذكيني و ثمَّةَ مزجلُ عجل رعاكَ اللهُ دينَ محمدٍ=نعشٌ و عزَّ لقبرِهِ من ينزِلُ عجل رعاكَ اللهُ دينَ محمدٍ=سيفٌ تَقَلَّدَهُ اللَّعوب الأخطلُ عجل رعاكَ اللهُ دينَ محمدٍ=أضحى خيالاً عابِراً لا يُعقَلُ عجل رعاكَ اللهُ دينَ محمدٍ=شكلٌ على زِيِّ الفعال مُشَكَّلُ عجل رعاكَ اللهُ دينَ محمدٍ=دُسَّ النقيعُ به و زُجَّ الحنظلُ عجل رعاكَ اللهُ دينَ محمدٍ=في كلِّ أحكامِ العقولِ مُعَطلُ عجل رعاكَ اللهُ دينَ محمدٍ=يدعوك وا غوثاه يا مُزَّمِلُ عجل رعاكَ اللهُ دينَ محمدٍ=خلف الجدار عليه ناراً أشعلوا عجل رعاكَ اللهُ دينَ محمدٍ=شلوٌ على أرضِ الطفوفِ مُرَمَّلُ عجل رعاكَ اللهُ دينَ محمدٍ=يُسبى جهاراً و اللواحظُ همَّلُ عجل رعاكَ اللهُ دينَ محمدٍ=في الأسر لا يُفدى وثمَّ مُغلَّلُ عجل رعاكَ اللهُ دينَ محمدٍ=دونَ الحرائرِ في الفراتِ مجَندلُ عجل رعاكَ اللهُ دينَ محمدٍ=سم و تشريدٌ يُدعُّ و يقتلُ عجل رعاكَ اللهُ أنتَ غِياثُنا=و مَلاذُنا و عصامُنا و المَوْئِلُ عجل فَدَيتُك يا إمامَ زماننا=فالكلُّ مُرتَقِبٌ عليك مُعَوِّلُ طه إليك حَدَوْتُها عَلَوِيَّةً=نجلاء تُجمِلُ في الهوى و تُفصِّلُ مهلاً على أعتابها سال الحِجى=وسعى إليها القلب وهو مُهرولُ تعلو على صَهَواتِ ضابِحةِ الحشا=فيُثارُ عنها في العقولِ القَسطلُ يهفو لها سَمعُ السماءِ و عن سنا=قَبَساتِها طرفُ الثريا يعدلُ في مدحكُم و رِثائكُم أُهديكَها=عقداً على جيدِ الزمانِ تجلجلُ صلى عليك اللهُ يا روحَ الهُدى=وعلى بنيك الخير ما قد أمَّلوا